السفراء رموز العسيري لهِلْ ـ أوكرانيا يوغسلافيا معكوسة ـ مصالحات حلب أكبر
ناصر قنديل
– عاد السفير السعودي علي عواض العسيري إلى بيروت بعد غياب شهور عدة، والسفير العسيري، لمن لم ينتبهوا، من الفريق الموثوق لدى الأمير مقرن بن عبد العزيز، يوم كان في السفارة السعودية في باكستان، وبمعزل عن المهمة التي يتولاها في الاستحقاق الرئاسي وحجم ونوع هذه المهمة، إلا أنّ الأكيد أنها إعلان نهاية حقبة بندر بن سلطان اللبنانية، وحجز مقعد يمنع تدخلات أجنحة الحكم السعودي بالمفرّق لصالح الأمير مقرن، الذي يمثله مباشرة السفير العسيري من يوم كان الأمير مقرن رئيساً للاستخبارات، حيث لن يرث بندر لا الأمير محمد بن نايف ولا أي من أبناء الملك السعودي عبدالله، متعب أو عبد العزيز.
– السفير الأميركي ديفيد هِلْ لا يخفي في مجالسه الخاصة أنّ دوره بات يتعدّى الملف اللبناني، لإدارة ملفات أوسع مدى هي التي تفسّر زياراته المتكرّرة إلى السعودية ولقاءاته بمسؤوليها وأصحاب القرار فيها، وأنه ليس خارج الصورة بالنسبة إلى ملف التفاوض الإيراني ـ الأميركي الذي يطاول ملفات عدة، ويجري بعيداً عن عيون كثير من الحلفاء، ومنهم الأوروبيون الذين يصلهم ما يتصل بالملف النووي، والخليجيون الذين يصلهم ما يتصل بمنطقتهم، ومنهم «إسرائيل» التي لا يصلها إلا الحثّ على الإسراع بتزخيم ملف التفاوض، باعتباره بوليصة التأمين الوحيدة التي تستطيع واشنطن أن تشتريها لها قبل حلول موعد الانسحاب من أفغانستان، الذي سيكون لإيران دور رئيسي في ترتيباته السياسية والأمنية، كما كان الحال في العراق غداة الانسحاب.
– الوضع في أوكرانيا سيرسم مستقبل يوغوسلافيا كما قال أحد النواب في مجلس الدوما الروسي، وذلك لأنّ الحرب الأهلية التي تشتعل بنيرانها تدريجاً في أوكرانيا، والتي ستؤدي إلى انشقاق ولايات وأقاليم، كما حدث في يوغوسلافيا، ستشكل توازناً جديداً في أوروبا يهدّد بتكرار الزلزال في بلدان شبيهة بأوكرانيا إتنياً وعرقياً، كرومانيا وهنغاريا وصولاً إلى ألبانيا وبلغاريا، ما لم يتمّ تدارك الزلزال بالصيغة الفيديرالية التي اقترحها وزير خارجية روسيا في مؤتمر جنيف على نظيره الأميركي، داعياً إلى استبدال الانتخابات الرئاسية القهرية لنصف الأوكرانيين نهاية هذا الشهر باستفتاء على الفيديرالية يؤمّن خروجاً سلمياً لأوكرانيا من الأزمة، بدلاً من العودة إلى الفيديرالية بعد حرب وخراب، والفيديرالية لأوكرانيا ستعني فتح الباب أمام إعادة ترميم يوغوسلافيا المقسّمة وفقاً لفيديرالية مشابهة، تعيد للسلاف في صربيا من موقعهم الأرثوذوكسي دوراً يتناسب مع حجمهم الذي جرى تحجيمه في زمن الانكفاء الروسي.
– يتسابق في سورية حلّ المصالحات في المدن وما يعقبه من تسليم للسلاح وتسوية للأوضاع، مع الحسم العسكري الذي يبدو خياراً واقعياً يثبت الجيش السوري أهليته لترجمته، لكن تبدو المصالحات والتسويات التي تنهي العقد العسكرية في المدن خيار الجيش المفضّل، ليس فقط بسبب حقنها للدماء، بل لأنها تشكل عبوراً عكسياً من الميليشيا والسلاح إلى الدولة والوطن، لنسبة لا يستهان بها من شباب سورية أخذتهم الأزمة نحو السلاح بعيداً عن الدولة والوطن، وأخذوا يكتشفون حجم ورطتهم وما ورّطوا به بلدهم، وباتوا بحاجة إلى أن يبدو خيارهم في طريق مسدود، وان تمدّ لهم خشبة الخلاص لتتحقق تلك العودة، وهكذا يبدو هذا الخيار كرة ثلج تكبر بالانتقال من مدينة إلى مدينة، من دمشق إلى حمص تكبر الكرة، وفي حلب تبدو بحسب المعلومات أكبر بكثير.