تقرير إخباري فتح السفارة التونسية… خطوة مدروسة باتجاه دمشق
ناديا شحادة
تونس الدولة العربية التي اندلعت منها الشرارة الأولى لما سمي بالربيع العربي في 14 كانون الثاني 2011 حيث انهار نظام بن علي واستلم «الإخوان المسلمون» الحكم بعد فوزهم في انتخابات 23 تشرين الاول 2011، هذا الحكم الذي حول تونس الى اكبر مصدر للارهاب بالاضافة الى انه لم يجلب للبلاد الا المزيد من التراجع والتدهور على كافة المستويات، الامر الذي جعل من عقلاء الشعب التونسي ان ينتفضوا من جديد لاسقاط نظام «الإخوان المسلمين». فبعد ازمة سياسية استمرت لعدة اشهر كان من أبرز مظاهرها تعطيل نشاط المجلس الوطني التأسيسي، تم الاعلان في التاسع من كانون الثاني عام 2014 عن استقالة الحكومة وبالتالي خروج حركة النهضة من الحكم، ولعل سقوط حكم «الإخوان المسلمين» كان الثورة الحقيقة في تاريخ هذا البلد، ليصل بعد ذلك حزب نداء تونس العلماني في 26 تشرين الاول عام 2014 برئاسة الباجي قائد السبسي الى الحكم بعد فوزه بالانتخابات التشريعة ومن ثم وصل السبسي الى قصر قرطاج بعد فوزه بانتخابات ديمقراطية في 29 كانون الاول عام 2014.
ويرى المتابع للشأن التونسي ان السبسي الذي كان قد وعد في جولته الانتخابية لرئاسة الجمهورية العمل على ترميم علاقات تونس الدبلوماسية مع البلدان الصديقة والشقيقة بخاصة مصر وسورية من دون التدخل في شؤونهما الداخلية وذلك في حال فوزه بالرئاسة، حيث صرح في 16 كانون الاول 2014 ان سورية تمر بفترة صعبة بسبب التدخلات الاجنبية، مشيراً الى ان ذلك يضعف سورية وهو ما سيضعف بدوره الشق العربي – الفلسطيني، فبعد شهور عدة من استلامه السلطة ظهرت مؤشرات تدل على تبدل السياسة الخارجية لتونس في عهد الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، وآخر هذه المؤشرات كانت التصريحات التي ادلى بها وزير الخارجية الطيب البكوش في 2 نيسان 2015 حيث رحب الأخير بعودة السفير السوري الى تونس واعتبر ان استئناف التمثيل الدبلوماسي بين البلدين يعود الى دمشق، وبناء عليه يمكن اعتبار ما اعلنه وزير الخارجية الذي يحتل منصب الامين العالم لحزب نداء تونس منسجماً تماماً مع وعود الحزب في حملته الانتخابية التشريعية والرئاسية الذي وعد بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية.
ويؤكد المراقبون ان هذه المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات من جهة رسمية تونسية حول اعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الامر الذي يرجعه العديد من المتابعين الى صمود سورية جيشاً وشعباً وقائداً في وجه الحرب الارهابية التي يتعرض لها الشعب السوري فهذا الصمود جعل العديد من الدول تغيير مواقفها السياسية تجاه الوضع الراهن في سورية ومن بين هذه الدول تونس التي ستقوم بإرسال وفد برلماني تونسي قريباً الى دمشق للاطلاع على الأوضاع فيها.
وبناء على تصريحات وزير الخارجية، وارتفاع الاصوات في الشارع التونسي التي تطالب بإعادة العلاقات مع دمشق يبقى السؤال هل سنشهد تغييراً في وجهة نظر الدبلوماسية التونسية وستتم اعادة فتح السفارة السورية في تونس قريباً؟ وهل تكون إعادة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وتونس بقرار تونسي هو مقدمة الى إعادة غيرها من السفارات واستئناف اعمالها في سورية خصوصاً ان لتونس علاقات جيدة جداً مع الغرب اليوم وهي التي تشهد تضامناً عارماً بعد احداث باردو والتي لا يمكن تجاهلها سياسياً كخطوة مدروسة باتجاه دمشق؟