الإمام: ما يحدث في المنطقة هو ضرب الأحزاب القومية
حاوره: سعد الله الخليل
رأى أمين فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور وائل الإمام أن «ما تواجهه الأحزاب ذات الطابع القومي من صعوبات كبيرة تتمثل في نشوء فكرٍ ذي طابع إسلامي سواء أكان من خلال «الإخوان المسلمين» أو الوهابية التكفيرية».
وعبر الإمام عن اعتقاده بأن «ما يحدث في المنطقة هو ضرب للأحزاب السياسية التي تحمل طابعاً قومياًً، مؤكداً أن «حزب البعث في صدد تطوير فكره ومنطلقاته النظرية مع الإبقاء على الفلسفة الإشتراكية».
ولفت الإمام إلى أن «تحالف آل سعود يضرب البنى التحتية في اليمن وهم يريدون بذلك إفقاد المواطن العربي بوصلته الحقيقية وتوازنه في معرفة هويته الحقيقية على أرض الواقع».
وخلال حوارٍ مشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» بيّن الإمام أنه «بعد الفهم الواجب لطبيعة كل ما يحدث في المنطقة العربية وليس في سورية فقط فإن ما تواجهه الأحزاب ذات الطابع القومي من صعوبات كبيرة تتمثل في نشوء فكرٍ ذي طابع إسلامي سواء أكان من خلال «الإخوان المسلمين» أو «الوهابية التكفيرية» يفرض من خلال طبيعة وحشية تقوم على تخريب كل ما يستفيد منه المواطن العربي من مقدرات هذه الدولة وما وصلت إليه هذه الأحزاب القومية على أرض الواقع وهو يؤسس إلى منهجية جديدة وبعد سياسي وتغطية جديدة لا يستطيع المواطن العربي والسوري تقبله.
وأضاف الإمام: «ما سمي الربيع العربي دفع الأحزاب القومية إلى إعادة النظر في فكرها وآلية عملها وتسويق نفسها على أرض الواقع تجاه المواطن نفسه، حيث نجد أن حزب البعث كان منذ بدايته ينادي بسلطة المواطن والجماهير الكادحة في أدبياته وكانت هذه الجماهير الكادحة مهمشة في فترة البرجوازية السورية سابقاً التي استأثرت بالحكم وحرية الرأي والامكانات.
وأضاف: «حزب البعث العربي الاشتراكي مع الأحزاب القومية ينادي بحقوق الجماهير، فلاحين ومدرسين وغيرهم ممن يتبع هذه الطبقة، وهي مرحلة ثورية تأثرت بالكثير من المفكرين وعلى رأسهم زكي الأرسوزي الذي لم يكن منتمياً إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ولكن فكر الحزب تأثر به».
وأشار الإمام إلى ما يقوم به حزب البعث من مراجعة فكرية ترى الضوء على أرض الواقع قريباً، وأضاف: «المراجعة دامت سنتين متكاملتين للأفكار السياسية خصوصاً المتعلقة بالمنطلقات النظرية بدءاً من الوحدة والحرية والاشتراكية كمفاهيم».
ولفت إلى أن اتهام حزب البعث بالاستئثار بالعروبة لوحده اتهام باطل، مؤكداً أن «وجود العروبة في فكر الحزب وتبنيها كان ضرورة قيمة لتصبح العروبة جزءاً من إيديولوجيتة وحالته الفكرية وهو ما جعل الغرب وبعض التيارات السياسية التي ترتبط به أن تلجأ إلى ضرب هذا الفكر العروبي ليس بكل قطر، بل بين الأقطار العربية في ما بينها».
ولفت الإمام إلى حالة التنازع بين الأقطار العربية على المستوى الإقتصادي و«التي جعل البعد العروبي القومي يتضاءل مع الأيام من خلال تدخلات واضحة لسياسات في بعض الأحيان اقتصادية وسياسية للغرب داخل الأقطار العربية، ما أدى إلى تآكل بين الأحزاب القومية العربية على كل مساحة الوطن العربي للوصول إلى تقارب على أرض الواقع».
البعث والجبهة التقدمية
في علاقة حزب البعث والأحزاب الأخرى، أكد الإمام أن الحزب لم يلغِ عمل الأحزاب الأخرى التي كانت موجودة في ذلك الوقت على الساحة، وأضاف: «العمل النضالي لحزب البعث مرتبط مع أعمال أخرى لأحزاب أخرى، فهو تعاون مع أحزاب أخرى تحت منصة جبهة وطنية تقدمية وهو فكر سائد في بعض الدول الإشتراكية ضمن فكرة حزب قائد للدولة والمجتمع في كل الدول التي اعتمدت المنظومة والفلسفة الإشتراكية كجزءٍ من عملها على أرض الواقع».
وعن غياب الأحزاب المنضوية ضمن الجبهة الوطنية التقدمية عن المشهد السياسي، أكد الإمام أن الدور المناط بكل حزب يقع على هذا الحزب وعلى المنتمين له في النظرة الفلسفية، وقال: «لا نستطيع القول إن حزب البعث سلب الأحزاب الاخرى دورها، بل يقع الدور على كل حزب من هذه الأحزاب في عملية التطوير على كل الأبعاد وآليات العمل والطروحات على أرض الواقع».
وتابع: «ضمنت هذه الأحزاب التواجد في السلطة ولعب دور في السلطة التنفيذية وبكل مفاصل الدولة، ما أعطى شعوراً بالطمأنينة لهذه الأحزاب بعدم وجود تنافسية فرضها الدستور السوري في شكل أو آخر بوجود مادة دستورية جديدة مغايرة لدستور عام 1973 تدفع كل الأحزاب بما فيها حزب البعث إلى تطوير فكرها».
المشروع التغييري
ورأى الإمام أن «أي مشروع تغييري في المجتمعات يحتاج إلى خمس نقاط، أولها الرغبة الشعبية في عملية التغيير إنطلاقاً من دستور الجمهورية وهذا ما لمسناه منذ بداية الأحداث، والنقطة الثانية البعد التشريعي وهو ما لمسناه في عملية التغيير الدستوري عبر الاستفتاء القانوني للمطالبين بالتغيير، وأضاف: «البعد السياسي بوجود إرادة ورغبة سياسية من أعلى المستويات بعملية التغيير الدستوري وإحداث دستور جديد يضمن تعددية سياسية في الدرجة الأولى وحرية المعتقد كنقطة ثالثة، وهذا الأمر أطفأ ما كانت بعض الشعارات تنادي به في البعد الطائفي وتكفير الآخرين والبعد التكنولوجي والاقتصادي الذي أدى إلى تطور هذين البعدين عبر وجود الإنترنت عبر اتخاذ قرار من قبل القيادة القطرية بتعميم مديرية المعلوماتية على كل فروع الحزب لتعميم التكنولوجيا في عملية الترويج لم يكن في دستور 1973، أما البعد الإقتصادي فبدا واضحاً بإنشاء استثمارات للحزب وفصل إراداته المالية عن الدولة بعد أن كان سائداً ارتباط موازنة الحزب بموازنة الدولة».
«البعث» و«الإخوان»
ولفت إلى دور الحزب في مواجهة «الإخوان المسلمين» عبر منشورات القيادة القطرية وحزب البعث مثل كتاب «حزب الإخوان المسلمين نشأة مشبوهة وتاريخ أسود» ولم يستمر طبع الكتاب وتسليط الضوء على دور «الإخوان» على أرض الواقع. وأشار إلى ضرورة الفصل بين فكر «الإخوان المسلمين كفكرٍ يجب محاربته وبين الفكر الإسلامي الصوفي» الذي ذكره الرئيس بشار الأسد في العديد من الخطابات، واعتبر اجتماع الرئيس الأسد مع أرباب الشعائر الدينية في 23/4/2014 تاريخياً لجهة أنه أعطى صبغة ذات طابع علمي محض عندما خاطبهم بكل واقعية وعقلانية، وقال: «الخطاب أوضح أنه إذا وُجد تعارض بين الفكر الديني والفكر العلمي، فإن هذا التعارض يعود إلى منشئه وهذا المفهوم يخالف فكر التيارات الإسلامية ذات الطابع السياسي لأنها متحجرة وفق النص ولا تستطيع الخروج من ظاهره فقط.
وطالب الإمام بمراقبة وزارة الأوقاف المدارس الشرعية ومتابعة الفكر وطرائق التدريس على أرض الواقع بحكم وجود مؤسسة في الدولة تشرف عليه مع تشديد على المراجعة الدائمة لمنشورات وزارة الأوقاف».
بين الكم والنوع
ولفت الإمام إلى أن النسبة الكبيرة للمنتمين إلى حزب البعث لم تجعله يلتفت إلى النوعية على المستوى الفكري وعلى مستوى تمثيل حزب البعث على أرض الواقع وهذا تقصير يجب الإعتراف به، وقال: «القيادة القطرية الجديدة تأخذ في الاعتبار هذا الأمر على كل المستويات وأصدرت قراراً يقضي بتثبيت العضوية لتمنع من يرغب بالانتفاع الشخصي دخول مضمار الحزب ويعطي فرصة للإيضاح وإرادة حقيقية للرفيق البعثي نابعة منه بأنه يريد الإنتماء إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ويحدد التطورات التي خضع لها الرفيق الحزبي من تطور علمي والشهادة العلمية التي يحملها وهو ما رفع عدد المنتمين إلى 100 ألف في هذه المرحلة حسب الاحصاءات بعد أخذ هذا القرار وهذا يجعل الانتساب ذاتياً، مؤكداً أن تطوير فكر البعث القائم سيبقي على الفلسفة الاشتراكية ولكن سيتم طرحها في شكل جديد على المنتمين».
التعاطي مع الحرب على سورية
وأعرب الإمام عن اعتقاده بأن «أداء الحزب في التعاطي مع الأحداث في بداية الأزمة كان بطيئاً وهذا لا يعني غياب الرفاق البعثيين منذ بداية الأحداث عما يجري على أرض الواقع. وأضاف: «أعاد الحزب بلورة القيادات المجتمعية التي ظهرت داخل الحزب للتصدي للمؤامرة وفق آليات جديدة يعيد الحزب بناء نفسه وهذا ينفي عدم تصدي الحزب للمؤامرة على أرض الواقع وغياب القدرة على المواجهة، مشدداً على أن «ما يحدث في المشهد الكلي للمنطقة هو ضرب الأحزاب السياسية التي تحمل طابعاً قومياً عربياً وهذا سبب تسمية الأحداث بـ»الربيع العربي» حيث أدرك أصحاب المشروع صعوبة إخراج المواطن العربي من الحيز العروبي وهذا ما يفسر استهداف الدول التي ما زال فيها أحزاب عروبية.
المشاريع القطرية توازي المشروع السعودي
واعتبر الإمام أن ترويج مفهوم «المصلحة القطرية» موازية لما ينظر إليه «آل سعود» بتدمير البنى التحتية عبر التنظيمات الارهابية التي ارسلوها الى الجمهورية العربية السورية وبالتعاون مع قوميات أخرى تركية وغير تركية، وأضاف: «تحالف آل سعود يضرب البنى التحتية في اليمن وهو ما يريد به آل سعود إفقاد المواطن العربي بوصلته الحقيقية وتوازنه في معرفة هويته الحقيقية على ارض الواقع».
وأكد أن وفد الجمهورية العربية السورية في موسكو لا يمثل الحكومة فقط بالنظر الى بنيته التشكيلية المنوعة لكل الاُطر، وقال: «اليوم المطلوب بلورة صيغة قانونية للتعامل مع هذه الأحزاب الموجودة هناك لتأخذ بُعدها السياسي بالعمل على الارض وهذا ما أقتضاه البُعد القانوني لهذا الوفد، فهو تمهيد قانوني يأخذ في الاعتبار مجموعة التغيرات القانونية والدستورية التي حدثت داخل سورية حتى يكون اللقاء التشاوري مبنياً على أسس متينة».
وتابع: «السيد الرئيس وضع خطط عملٍ سياسية ومنهجية واضحة لعمل كل الأحزاب بعد خطابه على مدرج دار الاوبرا لكن على أرض الواقع هناك من يخاف ويقول كيف لي مجاراة حزب البعث العربي الاشتراكي وهو يريد الوصول الى ضمانة قانونية لم يحصل عليها من خلال الحرب المفروضة على سورية، سواء أكان له دور في الارهاب ام لم لا».
ورأى الإمام أن «نظام القطب الواحد على مستوى العالم لأكثر من عشرين عاماً لم يقدم سوى الحروب ودخول روسيا إلى المسرح الدولي إعادة لثنائية القطب الحقيقية للتحكم بالسياسة الدولية، ومن يرى أنها ليست الوسيط النزيه فهو يعيش حالة فكرية ليست موضوعية على مستوى التوجهات السياسية المطروحة على أرض الواقع، بل هو يعيش نظرة شخصية».
يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12034