رنّو يتألق بالرسم خارج البصر بحضور فنانين من إيران والسعودية
لمى نوّام
تتابع جمعية «إبداع» درب عقد اللآلئ اللامعة، لتزيد إلى حبات عقدها المضيء، أيقونة سادسة جديدة، تزيّن بها جيد الفن اللبنانيّ والعربيّ والمشرقيّ، عبر إشراك كوكبة من الفنّانين الأعلام وإبداعاتهم، وتحتفي بتكريمهم في ختام المعرض.
وشكّل معرض«إبداع» السادس الذي افتتحه وزير البيئة محمد المشنوق، أمس في قصر الأونيسكو، بحضور ثقافيّ وفنيّ واجتماعيّ واسع، نبضة جديدة في شرايين الفنّ تقدّمها بيروت بثقة. ولعلّ من أبرز ما يحفل به المعرض، فعالية «خارج حاسة البصر»، لتعلو الدهشة وجوه الحاضرين، إزاء رسم اللوحة الـ 194 للفنان اللبناني برنار رنّو أمام الحضور، وهو مغمض العينين، للدلالة على سر اللّمسة وعلاقتها بين الفكرة والمادة بلا وساطة بصرية. فهل تكون هذه الفعالية فاتحة عهد فنانين فقدوا البصر وتفتّحت بصائرهم دهشة جمال؟
عكست أعمال الفنانين جرأة واضحة في خوض تجارب فنية جديدة، بالاستفادة من تطوّر فنّ التشكيل والفنّ عموماً، ومن تجارب عددٍ منهم في الدراسة الأكاديمية. كما عكست معظم الأعمال تعلّق الفنان والتصاقه بما يشغل بال الناس، ومعاناة الإنسان وأحلامه في كل مكان، ومحاولة التعبير عن هذه الرؤى والخلجات بصوَر تشكيلية وفنية جميلة ومؤثّرة.
اللافت في المعرض، أنه احتوى أعمالاً مختلفة بين الرسم والنحت والتجهيز والتصوير الفوتوغرافي، وباستخدامات مختلفة. ووفّر فرصة طيّبة للتلاقي بين هذا الجمع من أهل الإبداع، ولتبادل القيم الفنية والمعرفية عبر النتاج الفني في اللوحة والصورة والنحت، ومعرفة ما تعكسه هذه الإبداعات من انطباع وسط جمهور شغوف لحضور معارض التشكيل وإبداعات الفنانين. وله أيضاً انطباعاته المختلفة حولها. واعتبر حاضرون زاروا المعرض أنّه كان فرصة طيّبة للتعرف إلى منجزات فنانين متنوّعي الأساليب، وللّقاء مباشرةً مع اللوحة ومبدعها الفنان.
تحدّث في الافتتاح رئيس جمعية «إبداع» الشاعر علي عباس، ووزير البيئة والفنان رنّو.
عبّاس
بدأ عباس مراسم الافتتاح بالترحيب بجمهور الحضور، وبوزير البيئة والفنانين المشاركين، واستهلّ حديثه قائلاً: «في بيروت، يلامس البحر حفاف القلوب، وفي بيروت تدرك ما تهوى قبل أن تسأل، في بيروت تجتمع الألوان على حيطان الذاكرة،، هنا عدن ومكة وبغداد والشام وطهران والقاهرة، وهنا الحرف كالسّيف يقطع سفارات الزّيف. وفي بيروت الصورة هي الماء والأسماء وبيلمات الأحلام المهاجرة، وفي بيروت نلتقي بأمّنا وأبينا والصّحبة والأيّام والأقلام وحرّاس الشّمس. وفي بيروت نرسم الأيام بدبر الأحلام على بياض وشوشات الأمس».
وأضاف عبّاس: «نلتقي في بيروت، في معرض جمعية إبداع السنوي السادس، إبداع بالكلمة واللّون والضّوء، وهذه السنة، يأتي اللقاء بسلّة جديدة ومتجدّدة من الفنانين والمبدعين، استراحت ريشتهم ولهفتهم في أرجاء قصر الأونيسكو قصر الثقافة، وبرعاية معالي الفنان والمبدع مليء الصورة والكتاب وزير البيئة محمد المشنوق ابن بيروت، لنحتفي معه بإطلالة جديدة على تخوم الإبداع، شاكرين لكم وله هذا الحضور الراقي. وكما في كل سنة، يضمّ معرضنا هذا عدداً من المشاركات المتنوّعة، وأنوّه هنا بالمشاركات المبدعة من بلد الفصول وفصول الإبداع والجمال إيران التاريخ والمهابة خوش آمديد، وأيضاً الإطلالة المتميّزة من بلد الزمزم والرطب والمقام من السعودية المكان الوارف على الصلاة ما بين المدينة ومكة. نحيّيكم في البلد المجبول بالعطر والمحفون على الترحاب، إضافة إلى فعاليات متعدّدة».
وأعلن عباس عن حوار مفتوح ينظّم مساء اليوم الأربعاء، حول النقد الفني والإعلامي مع الناقد أحمد بزون، والخميس مسك الختام سيكون الموعد مع الأمسية الموسيقية والشعرية بعنوان «الحبّ والحبر»، تكريماً للشاعرين الراحلين المبدعين الشابين الشهيد حمزة الحاج حسن والفقيد نصري حجازي.
ووجّه عباس شكر خاص للنائب السابق أمين شري على مساندته الدائمة لـ«إبداع» في مختلف فعالياتها.
المشنوق
واستهل المشنوق كلمته قائلاً: «أمامكم تعجز الكلمات، لأن اللوحة توازي مئة ألف كلمة. حتماً أقول ذلك لأنه لو كانت الصورة تساوي عشرة آلاف كلمة كما قال غبريال دوبروي رئيس المؤسسة الفرنسية السمعية البصرية، فإن اللوحات حتماً توازي مئة ألف كلمة».
وأضاف: «نحن نقف أمام الفنانين، نقف أمام أصحاب الأحاسيس الشاعرية يترجمونها بالريشة والحبر، يترجمونها باللوحة الطيبة والألوان، فهم يعرفون كيف يوصلونا إلى الخلود من خلال ما يرسمون ويلوّنون ويبدعون».
رنّو
أما الفنان برنار رنّو فقال: «إن الرسم خارج حاسة البصر، لهو تحدّ كبير باعتبار أنّ الرسام يرسم وهو مغمض العينين، مرتدياً قناعاً أسود حاجباً للضوء، مستخدماً 15 لوناً وأداة للرسم. إن صعوبة هذه اللوحة تكمن في الاختراع، إنه تحدٍّ جديد وفريد من نوعه في لبنان والعالم، أن يقوم رسام يبصر بالرسم خارج حاسة البصر، وبشكل مباشر أمام زوّار المعرض لتكون هذه اللوحة رقم 194 له».
ضمّ المعرض أعمالاً فنيّة متنوّعة من اللوحات التشكيلية والنحت، والتجهيز، والفوتوغرافيا، والخزف والسيراميك، والغرافيك، ولوحات من الخط العربي، وشارك في رسمها عدد من الفنانين التشكيليين اللبنانيين و11 فناناً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية وهم: شروق السعيدان، سلمى الشيخ، لينا محفوظ، عبد الله العطّار، فايز أبو هريس، سماء حميد الدين، عارف الغامدي، أحلام المشهدي، طوني ضاهر، نينور مشمشيان، شذى جمعة، دلال شيباني، إيفا هاشم، لينا جوني، نادر كسروان، عبد الله الطويل، حسين يونس، نينا طاهر، الدكتور محمد بغدادي، حسين يونس وغيرهم.