إيران تستعدّ لمبادرتها اليمنية من بيروت… وأوباما يستعدّ لمبادرة سعودية
كتب المحرر السياسي:
تداخل المحلي بالإقليمي في الخبر اللبناني، بات مؤشراً على دخول لبنان خط الحسابات في الحلول، كمثل دخوله خطوط التماس في الاشتباكات، وبقدر محورية موقع لبنان في الاشتباكات، ستكون محوريته في الحلول كما يأمل اللبنانيون، فلبنان سيبقى الخط الأمامي في الاشتباك، انطلاقاً من المخاطر «الإسرائيلية» التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إبقاء العين عليها، حتى الصيف موعد التوقيع النهائي للاتفاق النووي الإيراني، بعدما أفصحت «إسرائيل» علناً عن السبب الحقيقي لاعتراضها على الاتفاق بعيداً عن شروطه ومواصفاته، بل طلباً لاشتراط الغرب أيّ تفاهم مع إيران بمنح «إسرائيل» صكاً لـ«تشريع» وجودها، والاعتراف بـ«أحقية» اغتصابها لفلسطين، وهو ما استغربه الرئيس الأميركي باراك أوباما، ليس لمعارضته للطلب طبعاً، بل استغراباً للزجّ به في ملف التفاوض مع إيران، الذي، كما قال أوباما في حديث تلفزيوني أميركي، كانت حكومة بنيامين نتنياهو في صورة كلّ تفاصيله، وهي تعلم استحالة إضافة مثل هذه الملفات التي لا يلتقي عليها المشاركون في التفاوض، وهم الخمسة زائداً واحداً، إلى جدول الأعمال الذي لم يتضمّن أي نقطة سياسية، بقدر ما كان نووياً صرفاً، وقد قدم «الإسرائيليون» ملاحظاتهم تباعاً وجرى الأخذ ببعضها. وهذا الكلام الجديد يعني عدم الرغبة في رؤية إيران تلتزم ببرنامج نووي سلمي، الأمر الذي يفترض أن يشكل مصدر اطمئنان لـ«إسرائيل»، وفقاً لكلام أوباما.
في قلب الحدث لبنان، الذي يحتضن المقاومة التي تشكل مصدر قلق دائم لـ«إسرائيل»، وهو قلق سيرتفع منسوبه مع اقتراب نتائج التفاهم الغربي مع إيران، وتطبيع العلاقات معها، في لحظة يتقدّم خطر الإرهاب ليصبح عنواناً لتعاون إقليمي دولي تبدو واشنطن وطهران طرفيه الرئيسيين، وهو تعاون ما كان ممكناً أن يتمّ لولا التفاهم النووي، وهو كذلك تعاون يخشى حلفاء واشنطن وعلى رأسهم «إسرائيل» والسعودية، أن يؤدّي إلى تهميشهم في ظلّ تحوّلهم إلى عبء على هذه الحرب على الإرهاب.
موقع «إسرائيل» كعبء على أيّ حرب تريدها واشنطن بالتعاون مع حكومات وشعوب المنطقة، ليس جديداً، لحساسية القضية الفلسطينية ودرجة الإحراج التي يسبّبها حضور «إسرائيل»، فكيف مع احتضان «إسرائيل» علناً لـ«جبهة النصرة»، الفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة». لكن الجديد يبدو تحوّل السعودية إلى عبء آخر، كمصدر تراه واشنطن، لتصدير اللاإستقرار بسبب السخط الشعبي الذي تعيشه شعوبها بوجه حكامها، كما قال أوباما في مقابلة تلفزيونية أخرى، وبسبب تجذّر الفكر التكفيري في مؤسّستها الدينية، حتى بدأت مراكز الدراسات الأميركية التي تشكل الطلائع المتقدّمة لصناعة السياسات الأميركية تخصّص ندوات وبرامج ورش عمل عن شكل النظام الجديد للسعودية، الذي يحقق الاستقرار في المنطقة.
ماذا سيقول السعوديون للموفد الأميركي معاون وزير الخارجية طوني بلينكن، هذا ما دعا الرئيس بري إلى انتظاره، وهو كما يبدو ما سيحدّد ما سيقوله أوباما للملك سلمان وسائر قادة الخليج في فطور «كامب دايفيد» مطلع الشهر المقبل.
لبنان في قلب الحدث ولهذا يستقبل موفداً إيرانياً، هو معاون وزير الخارجية مرتضى سرمدي كموفد رئاسي لبلورة خطوط عريضة لمبادرة إيرانية، لحلّ الأزمة اليمنية، واستعراض للخطوط العريضة للتفاهم النووي.
لبنانياً، انشغال متواصل بملفات الأمن والسياسة، التي عاد يتصدّرها ملف العسكريين المخطوفين والمفاوضات لإطلاقهم، بينما نجح الجيش اللبناني بتحقيق ضربة استباقية جديدة في جرود رأس بعلبك، ومع الأمن في السياسة عين على حوار حزب الله وتيار المستقبل، في ظلّ سخونة السجال حول الحرب السعودية على اليمن، وعيون تتوزّع بين الجلسات التشريعية التي تنتظر أجوبة الكتل النيابية لمكتب المجلس على مواقفها من جدول الأعمال المقترح، وعلى الحوار المستمرّ بين «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية»، والسخونة المتصاعدة في سجال بكركي مع الرابية.
وتستمرّ حركة الموفدين الدوليين الإقليميين والدوليين إلى لبنان، فبعد زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط طوني بلينكن، يزور مبعوث الرئاسة ا يرانية ووكيل وزير الخارجية الإيراني مرتضى سرمدي اليوم بيروت، حيث من المقرر أن يزور في محطته الأولى ضريح الشهيد عماد مغنية في روضة الشهيدين، ثمّ يلتقي رئيس الحكومة تمام سلام عند الواحدة ويعقد مؤتمراً صحافياً في السراي الكبيرة، ويزور عند الثانية وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في قصر بسترس.
إنضاج حلّ للأزمة اليمنية
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أنّ زيارة سرمدي إلى لبنان تأتي بعد جولة في المنطقة شملت تونس والجزائر، وضمن خلية عمل تعمل على إنضاج حلّ للأزمة اليمنية وتسويقه وأخذ أفكار من الممكن أن تشكل حلاً»، مشيرة إلى «أنّ زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم إلى باكستان وسلطنة عمان تأتي في السياق نفسه». ولفتت المصادر إلى «أن سرمدي سيضع المسؤولين اللبنانيين في صورة الاتفاق الإطار»، وسيجدد حرص بلاده على الاستقرار والأمن في لبنان، وسيؤكد حرص بلاده على رؤية رئيس جمهورية ودعم أيّ اتفاق يتوصّل إليه اللبنانيون، وتفعيل عمل المؤسسات».
الانتباه للمرحلة الفاصلة عن نهاية حزيران المقبل
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أن هناك انعكاسات ايجابية لاتفاق الإطار النووي على لبنان»، لكنه لفت إلى «أن ذلك لن يظهر بين ليلة وضحاها». ودعا بري إلى الانتباه للمرحلة الفاصلة عن نهاية حزيران المقبل وما ستحمله من تطورات نظراً للموقف الإسرائيلي والحملة التي يشنها ضد اتفاق لوزان، فإسرائيل تطالب باعتراف إيراني بوجودها وهذا لن يحصل، ولا يهمها ماذا يحمل هذا الاتفاق، حتى لو تضمن امتلاك إيران أسلحة نووية».
وتعليقاً على زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، أشار الرئيس بري إلى «أن ليس المهم ما قاله بلينكن في لبنان عن دعم استقرار لبنان، المهم ماذا سيقول في السعودية وماذا سيحمل من المسؤولين السعوديين حول الاتفاق النووي».
وفيما لوحظت زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري للرئيس بري أمس، رفضت أوساط عين التينة في اتصال مع «البناء» الحديث في موضوع الزيارة وما تخللها من مواضيع، فيما قالت مصادر المستقبل لـ«البناء»: «أنها تأتي في سياق التأكيد السعودي أن الموقف من حزب الله لا ينطبق على الشيعة، وأن الصراع في لبنان والمنطقة ليس مذهبياً بين سنة وشيعة إنما هو صراع على النفوذ».
من ناحية أخرى، وتعليقاً على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي انتقد خلاله العدوان السعودي على اليمن، أكدت مصادر المستقبل «أن كلام السيد نصر الله لن يغير في واقع العلاقة مع السعودية التي قدمت ولا تزال المساعدات للبنان ولجيشه».
وعلى خط الرابية معراب، أعلن تكتل التغيير والإصلاح «أن الحوار مع القوات سائر على قدم وساق، وأشار إلى «أنه عندما يصل إلى إنجازات معيّنة سوف يتم الإعلان عنها». وأعلن «التكتل» بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة العماد ميشال عون «أن الحكومة التي عينت أمين عام مجلس الوزراء لا يستعصي عليها أي تعيين عسكري أو أمني». وشدد على «أن خيارات عون الاستراتيجية الوطنية برهنت صحتها، ولم تكن رهانات».
وعلمت «البناء «أن اجتماع التكتل تطرق إلى تحميل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، العماد عون مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية، وسأل المجتمعون لماذا رجال الدين الذين يصرون على انتخاب رئيس للجمهورية لا يذهبون إلى المطالبة بتعديل الدستور، وانتخاب الرئيس من الشعب، طالما أن هناك فريقاً سياسياً يعتبر المجلس النيابي غير شرعي، بدل التلهي والتخوين وانتظار الضوء الأخضر من الخارج والذي لن يأتي».
اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد الفصح
ونقل زوار الرئيس بري عنه «أن لا جديد في الملف الرئاسي، وأنه سيدعو هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع، بعد عطلة عيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي». ورجح زوار الرئيس بري أن تعقد الجلسة العامة إما قبل مؤتمر البرلمانيين العرب الذي سيعقد في 28 الجاري أو بعده»، مشيرة إلى «أن تحديد موعد الجلسة يعود إلى اتفاق هيئة مكتب المجلس على جدول الأعمال».
زهرا لـ«البناء»
وأكد عضو هيئة مكتب المجلس النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» «أن أجوبة الكتل السياسية على جدول أعمال الجلسة الذي اقترحه الرئيس بري من 33 بنداً، تنتظر تحديد موعد لاجتماع هيئة مكتب المجلس».
من ناحية أخرى، وصل ملك اسبانيا فيليبي السادس إلى لبنان أمس واستهل زيارته بلقاء رئيس الحكومة تمام سلام الذي أشاد بـ«الجهود التي تبذلها الوحدة الاسبانية في قوات حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان «اليونيفيل»، وأبدى سلام حرصه على تعزيز العلاقات بين اسبانيا ولبنان بكل أوجهها».
اجتماع لخلية الأزمة اليوم
وعلى خط العسكريين المخطوفين، أكد نظام مغيط، شقيق المعاون المخطوف لدى المجموعات الإرهابية إبراهيم مغيط، لـ«البناء» «أن الأهالي ينتظرون توضيحاً من الحكومة للمعلومات التي وردت عن نقل المخطوفين الموجودين لدى تنظيم «داعش» الإرهابي إلى الرقة»، مشيراً إلى «أننا ننتظر ما سيصدر عن اجتماع خلية الأزمة اليوم وما إذا كانت ستؤكد المعلومات أو تنفيها». وإذ طالب المفاوضين إحضار تسجيل فيديو جديد للعسكريين الأسرى»، شدد مغيط على «أن الأهالي لن يكتفوا في حال التقاعس من الحكومة، بالاعتصام، إنما سيلجأون إلى قطع الطرقات في رياض الصلح وضهر البيدر».
أهمية مرتفع 1564 الاستراتيجية
أمنياً، نفذ الجيش عملية إغارة نوعية وخاطفة فجر أمس ضد مجموعات إرهابية تقوم بتحضيرات قتالية ولوجيستية على جبل المخيرمة في أعالي جرود رأس بعلبك، واشتبك معها، موقعاً في صفوفها ثلاثة قتلى وأربعة جرحى كما تمكن من تدمير مدفعين ورشاشات ثقيلة وآليات، وعادت قوى الجيش إلى مراكزها من دون تسجيل إصابات بحسب ما جاء في بيان قيادة الجيش. وذكرت المعلومات أن العملية نفذت في منطقة بعيدة من محاور القتال وبعمق 2 كلم داخل الجبهة وتمت بنجاح ملحوظ إذ تمكن الجيش من تحقيق الهدف وسحب قوته تكتيكياً من دون وقوع إصابات في صفوفها.
وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن الجيش لم يبدأ بعد معركة القلمون، فهو يعتمد منذ نحو شهرين الضربات الاستباقية المحدودة التي يتبعها في حربه ضد الإرهاب من خلال إقفال الطرقات والمعابر أمام حركة المسلحين»، مشيرة إلى «أن العملية تشبه عملية تلة جرش، لجهة تمركز الجيش في النقاط المشرفة على مواقع الإرهابيين وتعزيز جهازه الدفاعي، نظراً لأهمية مرتفع 1564 الاستراتيجية».
وأكد النائب جورج عدوان في حديث تلفزيوني «أن الأولوية اليوم هي لتسليح الجيش وإعطائه الغطاء السياسي الكامل»، مشدداً على «ضرورة قبول أي مساعدة مالية من أي جهة كانت حتى لو من إيران في ظل عدم وجود محاذير أو عقوبات عليها».