إصرار «المستقبل» على دعم جعجع يقود حكماً إلى الفراغ الرئاسيّ

حسن سلامه

واضح أن لا مؤشرات داخلية أو خارجية توحي فوز لبنان برئيس جديد ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 أيار الجاري، حتى لو عقد مجلس النواب جلسات متتالية خلال هذه المهلة، فلا تغيير متوقعاً في مسار هذه الجلسات لناحية عدم اكتمال النصاب، طالما أن فريق «14 آذار» يدعم ترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

هل يجلس الفراغ في قصر بعبدا، تكراراً لما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق العماد اميل لحود، وهل لا تزال ظروف لبنان هي نفسها؟

في المعطيات الداخلية والمحيطة، لم يحصل أي تغيير جدي من شأنه أن يفضي إلى انتخاب رئيس جديد قبل الموعد، علماً أن انتخاب الرئيس الحالي العماد ميشال سليمان نتج من اتفاق الدوحة بعد اجتماع القيادات اللبنانية في قطر برعاية قطرية وتغطية من الدول المؤثرة في الوضع اللبناني.

تفيد مصادر سياسية بارزة بأن العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية يعود إلى أمرين رئيسيين:

ـ الأول يتعلق بعدم قدرة الأطراف الداخلية على التوافق على رئيس مقبول، وهذا العجز تعيده المصادر إلى الآتي:

ـ إصرار جعجع على لعبة المقامرة بمصير الرئاسة، وتبني تيار «المستقبل» وأطراف أخرى في «14 آذار» هذه المقامرة وفي الحد الأدنى عجزهم عن اتخاذ مسار مغاير لذلك، وبخاصة من قبل المرشحين الآخرين.

ـ «المستقبل» ليس قادراً على السير في خيار «رئيس صنع في لبنان» انطلاقاً من ارتباطه المباشر بالسياسة السعودية وبالتالي انتظار كلمة السر من الرياض، وهذا لا يبدو حاصلاً في وقت قريب.

تضيف المصادر أن إصرار «المستقبل» على دعم جعجع ينطلق من هذه المؤشرات، ولذلك لا يريد هذا التيار إغضاب رئيس «القوات» طالما أن لا تفاهمات خارجية، واستمرار جعجع في ترشحه يعني أن الطبخة الخارجية لم تنضج بعد لدفع اللبنانيين نحو التوافق على الرئيس الجديد.

ـ الحق الديمقراطي الذي تمارسه قوى 8 أذار عبر استخدام ورقة النصاب، طالما أن قوى 14 آذار تسير في ترشيح جعجع، بل إن جزءاً من تطيير النصاب مرده التخوّف من حصول صفقة تحت الطاولة قد تفضي إلى انتخاب رئيس من دون حصول إجماع حوله، وذاك ما كان أشار إليه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

ـ أما الأمر الثاني فيتعلق بغياب تفاهم إقليمي ـ دولي حول انتخاب رئاسة الجمهورية في لبنان، فالمعطيات الخارجية ـ على ما تقول المصادر ـ أصبحت في الأسابيع الأخيرة أشد تعقيداً مما كانت عليه قبل ذلك، مشيرة إلى أن التعقيدات الجديدة نتجت من سخونة «الكباش» الروسي ـ الأميركي بعد تفاقم الأزمة الأوكرانية وانسحاب التوتر في العلاقة بين الدولتين على مجمل القضايا الخلافية الكبرى، خاصة في الشرق الأوسط، وتحديداً ما يتعلق بالأزمة في سورية لناحية توقف المفاوضات لتسوية الأزمة هناك بالكامل في مقابل اندفاع واشنطن وحلفائها نحو تسليح المجموعات المسلحة بأسلحة نوعية ودفعها إلى أعمال عسكرية في مناطق الشمال السوري على أبواب الانتخابات الرئاسية في سورية للتأثير على هذه الانتخابات والتخفيف قدر الإمكان من مشاركة الناخب السوري فيها.

لذلك تلاحظ المصادر أن السعودية لا تستطيع المضيّ نحو دفع حليفها تيار «المستقبل» إلى التخلي عن ترشيح جعجع والسير بمرشح إجماع أو مرشح توافقي، طالما لم تحصل على التغطية الأميركية، فيما الحراك الأميركي لا يزال يعمل على اسم لا يتمتع بالإجماع الوطني تحت عنوان إيصال رئيس يؤمن بالشراكة مع الولايات المتحدة، بحسب قول السفير الأميركي في بيروت ديفيد هل.

من ذلك كله، يبدو واضحاً أن ثمة عجزاً داخلياً عن التفاهم على رئيس إجماع طالما أن المعطيات الإقليمية والدولية غير ناضجة لبلوغ هذه الطبخة، فالمؤشرات كلها تشير إلى وجود صعوبة كبيرة وربما استحالة انتخاب رئيس توافقي ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 من الجاري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى