14 آذار: الحضور الإيراني سينمو إقليمياً وحزب الله لبنانياً
هتاف دهام
بلور الاتفاق الإطار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة 5+1 تطوّرات جديدة في المنطقة، حيث أصبح من الصعب تجاهل ايران النووية ودورها في الشرق الأوسط في الكثير من الملفات، لا سيما الملف اليمني، الذي تجهد طهران لإيجاد حلّ سياسي له انطلاقاً من وقف العدوان والتوجه للبحث في حلول سياسية، وأعلنت منذ بداية الحرب رفضها العدوان السعودي على اليمن وأكدت الحلّ السياسي والحوار، لكن، ليس أيّ حوار، فهي تسعى إلى حوار يحفظ لليمن وحدته وسيادته وقراره المستقلّ، وليس الحوار الذي يعيده مستعمرة سعودية. ولهذه الغاية توزع الموفدون الإيرانيون على العواصم المعنية، ففيما زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف باكستان وسلطنة عمان، زار موفد الرئيس الإيراني نائب وزير الخارجية مرتضى سرمدي الجزائر وتونس والعراق ولبنان، للغاية نفسها تقاطعت هاتان الزيارتان مع الزيارة اللافتة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران ولقائه نظيره الإيراني حسن روحاني وتأكيدهما على إيجاد حلّ سلمي للأزمة اليمنية.
وبات مؤكداً بعد الاتفاق الإطار، أنّ هناك نوعاً من التسليم الإقليمي والدولي أنّ مرحلة طويت ونحن أمام مرحلة جديدة، وما عبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لجهة سقوط خيار الحرب الإقليمية، يعني تلقائياً، تأثيرات إيجايبة لهذا الاتفاق على مجمل الأوضاع في المنطقة، فالوجهة العامة في التعاطي مع إيران هي الوجهة الديبلوماسية وليست العسكرية، لأنّ القوى التي ستصرّ على المواجهة ستبدو مع الوقت معزولة وستسير عكس التيار. وفي السياق تحدثت مصادر مطلعة عن التحوّلات التي بدأت تظهر على المستوى الاقليمي لجهة الموقف الباكستاني الذي يدعو إلى حلّ سياسي في اليمن، والموقف التركي المستجدّ الذي عبّر عنه أردوغان وما اذا كان يؤشر إلى تحوّل ما في السياسة التركية، بعد دعوته إلى مقاربة إقليمية شاملة تعالج الوضع في سورية واليمن والعراق.
وعلى وقع الموقف التركي هل سيكون لبنان الرسمي أحد المتنافسين على الأبواب الإيرانية ويقتدي بالصديق القديم لـ14 آذار أردوغان؟ تلفت المصادر إلى «الخطاب المستجدّ للقوات اللبنانية الذي عبّر عنه نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان الذي أعلن أنه «بعد عودة إيران إلى الخريطة الدولية نؤيد الهِبة الإيرانية لتسليح الجيش اللبناني»، وموقف حزب الكتائب الذي صدر عقب اجتماعه الدوري «انّ التفاهم بين إيران ومجموعة 5+1 ، وما يفترضه من انعكاس إيجابي على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم». واعتبرت «أنّ انطباعاً عاماً بدأ يسود لدى هذه القوى أنّ المرحلة المقبلة ستشهد نمواً في الحضور الإيراني على المستوى الاقليمي، وزيادة لحضور حزب الله على المستوى اللبناني».
واعتبرت المصادر «أنّ الذين لا يزالون يواصلون المواقف التصعيدية تجاه الجمهورية الإسلامية وحزب الله على غرار تيار المستقبل، فهؤلاء مجبرون على الالتزام بالموقف السعودي الذي يبدو أنه يصطدم بجدران التحوّلات القائمة». ورأت «أنّ السعودية ستكون أمام فارق كبير، فإما الذهاب إلى تسوية يمنية بالتفاهم مع الايرانيين، كما دعت باكستان، وإما الإمعان في المواجهة العسكرية التي تعني تمدّد النيران إلى الداخل السعودي، لا سيما أنّ الوضع اليمني بالنسبة الى السعودية يشبه وضع أفغانستان سابقاً بالنسبة إلى الاتحاد السوفياتي، وهذا وضع يتحرّك في جملة من الخيارات السيّئة والأكثر سوءاً، ولا ينطوي على أيّ خيار جيّد، فالسعودية تدرك أنها أخرجت من سورية ومن العراق ولا تتوقع أن تعود إلى اليمن، ولم يبقَ لها إلا لبنان الذي لن تخرج منه بوجود تيار المستقبل، لكنها في الوقت نفسه لن تمتلك قرار لبنان بوجود 8 آذار، وإذا قرّرت أن تعتمد صيغة توزيع الحصص وأصرّت على الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، فهي ملزمة بقبول ميشال عون رئيساً، على رغم أن لا جديد تجاه الملف الرئاسي وإنْ يكن منسوب التفاؤل لدى الجنرال عون قد ارتفع من جراء الاتفاق النووي الإيراني.
وشدّدت المصادر على أنه «بغضّ النظر عن ارتفاع حدة الخطاب السياسي تجاه الملف اليمني والعدوان السعودي، وموقف الرئيس الحريري أمس الذي أسف «لاستخدام مواقع الدولة اللبنانية ومنابرها للتطاول على السعودية ورموزها ودورها»، إلا أنّ حوار حزب الله تيار لمستقبل مستمرّ، واستكمال الخطة الأمنية تجاه المناطق الأخرى سيأخذ مجراه وحماية الاستقرار الداخلي لا تزال تعتبر ثابتة يتفق عليها الطرفان».
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء»، «أنّ زيارة سرمدي تحمل اهتماماً ايرانياً بلبنان لجهة إشعاره بأهميته في السياسة الخارجية، وأنّ إيران تولي الاهتمام الكبير تجاه أصدقائها الأساسيين، في جميع الظروف. ولهذه الغاية أطلع موفد الرئيس الإيراني المسؤولين اللبنانيين على المستجدات المتعلقة بالملف النووي، وتمّ البحث في ضرورة ايجاد حلّ سياسي للأزمة اليمنية، وفي تطوير العلاقات مع لبنان بعد إزالة العقوبات الدولية عنها، إضافةً إلى أنه استطلع المواقف الرسمية من الشؤون العامة في المنطقة والعلاقات مع إيران. وكان لافتاً بحسب المطلعين على زيارة سرمدي للرئيس تمام سلام أنّ اللقاء كان مريحاً على رغم كلّ ضجيج تيار المستقبل، ولا يشبه الأجواء التي يريد الرئيس فؤاد السنيورة إشاعتها لجهة التخويف من إيران.
وفيما كانت طهران بحسب المصادر لا تزال جاهزة لتزويد لبنان بالسلاح الذي يختاره من مخازنها، وتلقي بثقلها الاقتصادي والمالي والفني لإصلاح قطاع الكهرباء وفي جزء كبير منه على سبيل الهبة، بالإضافة إلى عرضها الذي لا يزال قائماً في ما يتعلق ببناء السدود والمياه والطرقات، فإنّ الزيارة تحمل إشعاراً مسبقاً للبنان بإمكانية تحضير ملفاته في مجالات التعاون الثنائي بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وبالتالي على تيار المستقبل، نتيجة إزالة العقوبات، أن يعيد حساباته ومواقفه حيال الهِبة العسكرية بعدما كان يتذرّع بالقانون الدولي.