كنعان: محاولات عدة جرت لتصفير الحسابات مجدداً
حاضر النائب ابراهيم كنعان، أمس في «بيت المحامي» عن «المالية العامة في لبنان بين الدستور والقانون والممارسة العملية»، في حضور الوزراء السابقين شكيب قرطباوي، وشربل نحاس وزياد بارود، رئيس دائرة المحامين في الحزب السوري القومي الاجتماعي ريشار رياشي، وأعضاء في مجلس النقابة وحشد من المحامين.
بعد تقديم عضو مجلس النقابة رئيس محاضرات التدرج المحامي ناضر كسبار، تحدث كنعان فأشار إلى أن المالية العامة ولا سيما منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، شهدت «مخالفات لأحكام الدستور والقانون وتجاوزات أدت إلى ما نشهده اليوم من فساد مستشرٍ، وانعدام للمحاسبة، وانحسار للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة المالية، وتعطيل لدور القضاء في السهر على التزام أحكام القانون والحفاظ على المال العام».
ولفت كنعان إلى أن «الهبات التي تعتبر واردات موازنة أخرجت من الموازنة وفتحت لها حسابات خاصة بكل سلفة لدى مصرف لبنان، وأنفقت من دون رقابة مسبقة من ديوان المحاسبة، الأمر الذي حال دون معرفة مصيرها، من جهة، ومن دون إجراء الرقابة على إنفاقها، من جهة ثانية».
وأضاف: «والقروض أيضاً أخرجت من الموازنة وفتحت لها حسابات خاصة لدى مصرف لبنان، وأنفقت من دون رقابة مسبقة من ديوان المحاسبة. والنص القانوني القاضي بألا يتجاوز عقد النفقة مقدار الاعتماد الملحوظ في الموازنة، وإلا اعتبر الوزير الذي أجراه مسؤولاً عن أمواله الخاصة وعن مقدار التجاوز، وتعرض للمساءلة أمام المجلس النيابي، ولم يتم احترامه، فأنفقت مبالغ منذ العام 1997 تتجاوز مقدار الاعتمادات المخصصة لها في الموازنة لدرجة أنها بلغت خلال السنوات 2006 – 2009 أكثر من 11 مليار دولار أميركي، وتصل إلى أكثر من 16 مليار دولار أميركي إذا أضيف إليها ما أنفق من الهبات الواردة ومن سلفات الخزينة المعطاة خلال الفترة نفسها».
وأشار إلى أن «قطوعات حساب الموازنة التي يقتضي إقرارها قبل نشر الموازنة أقرت لمدة عشر سنوات مع التحفظ، ولم يجر تقديمها منذ العام 2003، الأمر الذي يعني عدم صحة ما قدم منها، وعدم التزام الموجب الدستوري لتقديمها بالنسبة إلى البعض الآخر».
وإذ أكد أن «حسابات المهمة التي تشمل نفقات الموازنة والنفقات من خارج الموازنة على السواء تم تصفيرها في مطلع العام 1993، وأصدر ديوان المحاسبة 14 قراراً قضائياً بعدم صحة ما يعود منها إلى الأعوام 1993 – 1997 فقط»، أشار كنعان إلى أن «محاولات عديدة جرت أخيراً لتصفير الحسابات مجدداً، أو لإقرار الموازنة ونشرها من دون تقديم الحسابات المالية، أو إجراء تسوية على هذه الحسابات وعفا الله عما مضى، وآخر هذه المحاولات ربط إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي توفر حقوق موظفي الإدارة العامة، من إداريين وعسكريين وهيئة تعليمية، المتراكمة منذ عام 1996، والتي تجاوزت نسبتها الـ 121 في المئة لغاية آخر عام 2011، بإقرار موازنة الدولة المرتبطة بدورها بإعداد حسابات مالية وفقاً للأصول منذ عام 1993 وتدقيقها والبت بصحتها من ديوان المحاسبة، وإصدار بيانات بمطابقتها من الديوان نفسه، الأمر الذي يعني عملياً أما عدم إيصال موظفي الإدارة العامة إلى حقوقهم، مع ما يترتب على ذلك من غبن قد يؤدي إلى تحركات اجتماعية غير مضمونة النتائج، وإما إجراء تسوية على الموازنة والحسابات المالية والتجاوزات الحاصلة والمخالفات الموثقة لدى لجنة المال والموازنة النيابية».
وأضاف: «إذا كانت الظروف السياسية قد أوجبت تأليف حكومة مصلحة وطنية تضم معظم المكونات السياسية للمجلس النيابي، فمن الواجب أيضاً ألا يؤدي ذلك إلى انعدام رقابة المجلس النيابي على أداء الحكومة ولا سيما على الصعيد المالي، ولا إلى انعدام رقابة المجتمع المدني بمؤسساته كافة، وأبرزها نقابة المحامين المؤتمنة على التزام تطبيق أحكام القانون وتحقيق العدالة، على هذا الأداء».
وختم مكرراً «دعوته المستمرة العودة بالمالية العامة إلى كنف الدستور والقوانين المرعية، ووضع حد للمخالفات والتجاوزات التي أفسدت كل شيء».