المبادرة الإيرانية للحلّ اليمني تبدأ بتشارك روسي تركي باكستاني
كتب المحرر السياسي:
انشغل اللبنانيون بسماع دويّ انفجارات صوتية متلاحقة، على ألسنة جوقة سياسية إعلامية، حرّكها «روموت كونترول» من الرياض، فاستحضرت على الشاشات لتُسأل عن رأيها في قيام تلفزيون لبنان بنقل الحوار الذي أجرته قناة «الإخبارية السورية» مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. والمعلوم أنّ أغلب اللبنانيين سمعوا، بأنّ تلفزيون لبنان نقل الحوار من الحملة الهستيرية، وليس لأنهم اضطروا إلى متابعة تلفزيون لبنان، المهمّش من دولته والقيّمين عليه، والمعلوم أيضاً أنّ تلفزيون لبنان الذي تحوّل إلى مكسر عصا، في الحملة لم يدافع عن نفسه، خشية الغضب السياسي والوظيفي، وهو لم يفعل إلا ما دأب على فعله كثيراً من المرات، بنقل خطب لرؤساء دول في منابر، وقادة لبنانيين، في مناسبات تخصّهم وتخصّ أحزابهم، وكثيراً من باب ملء الهواء بمواد مجانية، لضيق ذات اليد، ومرات منها كانت لنقل حوارات أجرتها وسائل إعلامية مع الرئيس سعد الحريري، وهو عمل إعلامي صرف، لا يمكن أن يُبنى عليه أيّ ولاء أو تدخل، فالمبدأ في مهنة الإعلام يوجب نقل كلمة أو حوار لكلّ من وما هو هام في صناعة السياسة، ولو فعل تلفزيون لبنان ونقل حواراً لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على قناة «سي أن أن» أو قناة تشيكية، وهاجمه أحد لصفّق له الذين يهاجمونه اليوم على ما سيصفونه حينها بالمهنية العالية، وسمعناهم يتحدثون عن عقول متحجّرة ولغة خشبية، أما عندما يغضب رب العمل، فتندلع الألسنة بخطابات غبّ الطلب ويجري تزوير الأصول المهنية لما يخدم استجداء الرضا.
حدث هذا بينما كان لبنان الرسمي يتابع المبادرة الإيرانية للحلّ اليمني، وقد بدأت إيران منذ اليوم الثاني للتفاهم النووي تتصرف كدولة ضامنة للاستقرار في المنطقة، على رغم كلّ الحملات التي تستهدفها، وهي تعرف أنّ الحوثيين الذين يتعرّضون لأبشع أنواع القتل، ومعهم شعب اليمن وأطفاله ونساؤه، وعمرانه ومنشآته الاقتصادية، لن يبادروا إلى التصعيد الذي يملكون أدواته إفساحاً في المجال لحلول سياسية، ولذلك فإنّ إيران وهي ترى الحرب السعودية الظالمة تدخل يومها الثاني عشر، تستعيد مشاهد حرب تموز 2006 على لبنان، بادرت إلى التحرك والسعي إلى بلورة عناوين مبادرتها السياسية، والعمل لتوفير مظلة تضمن النجاح لهذه المبادرة، طالما الحملة السعودية تفشل، وتتحوّل إلى مأزق لأصحابها، الذين مهما كابروا سيضطرون في وقت ليس ببعيد إلى البحث عن حلّ.
المسعى الإيراني يقوم على التحضير الجدي، لعناوين المبادرة بالتنسيق والتشاور مع كلّ من روسيا وتركيا وباكستان، تمهيداً لصياغتها كمبادرة مشتركة، أو على الأقلّ كمبادرة تحوز دعم شريحة من الدول ذات الرصيد في التأثير على الموقف السعودي من جهة، وتقديم الفرصة للتفاوض غير المباشر من جهة أخرى.
أول الغيث كان ما قاله الرئيس التركي رجب أردوغان في طهران أثناء زيارته الرسمية إلى إيران، عن التعاون مع القيادة الإيرانية لحلّ سياسي للأزمة اليمنية، مشدّداً على أن الحلّ سياسي في اليمن، وتلاه عبر النقاش المستمرّ لليوم الثالث في البرلمان الباكستاني، اتجاه برلماني لتشجيع مشاركة باكستان مع إيران وتركيا في بلورة مبادرة سياسية لحلّ الأزمة اليمنية.
سرمدي في بيروت
طغى العدوان السعودي على اليمن وضرورة العمل للتوصل إلى حلّ ومخرج سياسي في اليمن على جولة المبعوث الخاص للرئيس الإيراني مرتضى سرمدي في لبنان، والتي شملت أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة تمام سلام، وزير الخارجية جبران باسيل، على أن تتوج اليوم بلقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وأكد سرمدي خلال جولته «أنّ هناك خطأ استراتيجياً فادحاً تمّ اتخاذه في اليمن»، داعياً «الدول الغيورة إلى أن تتكاتف لإيجاد حلّ مناسب للأزمة». وشدّد على ضرورة «التوقف فوراً عن تنفيذ العملية العسكرية في اليمن»، مضيفاً أنّ هذا البلد «لا يمكن أن تدار شؤونه من خلال فئة سياسية واحدة». ولفت سرمدي إلى أنّ «إيران تقوم بكلّ المبادرات والمساعي الحميدة للتوصل إلى حلّ ومخرج سياسي في اليمن». وأوضح أنّ «موقف إيران يركز على الحيلولة دون التدخل في شؤون أيّ بلد شقيق ومنها لبنان». وأمل سرمدي أن «تثمر الحوارات التي يشهدها لبنان إلى انتخاب رئيس للجمهورية».
وحول الهبة العسكرية للجيش اللبناني قال سرمدي من وزارة الخارجية: «ستبقى الجمهورية الإسلامية الإيرانية على موقفها الثابت والراسخ في الوقوف إلى جانب لبنان حكومة وجيشاً وشعباً، إنْ لناحية التصدي للاعتداءات الإسرائيلية الآثمة أو للخطر الإرهابي التكفيري المتطرف الدائم. وبعد إنجاز التسوية النووية، إذا كان الجانب اللبناني يعتقد أنه صار في إمكانه أن يتلقى الهبة العسكرية الإيرانية إلى الجيش، فإننا على أتمّ الاستعداد لتقديم هذه المساعدة على طبق من ذهب».
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء»، «أنّ زيارة سرمدي تحمل اهتماماً إيرانياً بلبنان لجهة إشعاره بأهميته في السياسة الخارجية، وأنّ إيران تولي الاهتمام الكبير تجاه أصدقائها الأساسيين، في جميع الظروف. ولهذه الغاية أطلع موفد الرئيس الإيراني المسؤولين اللبنانيين على المستجدات المتعلقة بالملف النووي، وتمّ البحث في ضرورة إيجاد حلّ سياسي للأزمة اليمنية، وفي تطوير العلاقات مع لبنان بعد إزالة العقوبات الدولية عنها». وكان لافتاً بحسب المطلعين على زيارة سرمدي للرئيس تمام سلام «أن اللقاء كان مريحاً على رغم كل ضجيج تيار المستقبل».
الحوار في 11 من الجاري
وتعقد الجلسة العاشرة للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في 11 من الجاري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، لاستكمال البحث في الخطة الأمنية، وفي ملف الاستحقاق الرئاسي. وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء «أن الحوار مستمر ولن يتأثر بالتجاذبات الأخيرة وأزمات المنطقة». ولفت بحسب ما نقل عنه زواره إلى «أن معالجة الأزمة اليمنية يكون عبر الحوار والحل السياسي».
بوصعب: الحكومة قادرة على إنجاز التعيينات الأمنية
أما مجلس الوزراء فعين أعضاء المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس برئاسة الوزيرة السابقة ريا الحسن. واقترح وزير الصناعة حسين الحاج حسن خلال الجلسة أن تتولى مؤسسة «ايدال» قسماً من تكاليف مشروع النقل البري للتخفيف من فروقات الأسعار على القطاعين الزراعي والصناعي والإنتاج اللبناني وكلف شهيب إدارة الملف مع نظرائه اللبنانيين المعنيين ونظرائه في الدول التي يمر فيها المشروع. وأرجأ مجلس الوزراء موافقته على الدعم المالي للشحن البحري، إلى حين إنجاز وزير الزراعة أكرم شهيّب دراسة مفصّلة كلّف بها، إضافة إلى إجرائه الاتصالات لتخليص سائقي شاحنات علقوا في طريق عودتهم من الخليج. وألغى مجلس الوزراء نتائج مباراة سابقة لكتبة ومباشرين في وزارة العدل، لفقدانها التوازن الطائفي وقرّر إجراء مباراة جديدة ووافق لوزارة الداخلية على استحداث ثمانية مراكز للمعاينة الميكانيكية، وأخذ بطلب وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب بتعديل دفتر شروط المناقصة بإعادتها إلى إدارة المناقصات.
وفي السياق، أكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ»البناء» أن تعيين الحكومة لأعضاء المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس انجاز آخر يضاف إلى انجازات الحكومة بعد تعيين هيئة المصارف، ويثبت أنها قادرة على إنجاز التعيينات العسكرية والأمنية».
ملفّ العسكريين لم يبحث والأهالي عازمون على التصعيد
وعلى صعيد أزمة العسكريين المخطوفين، علمت «البناء» من مصادر وزارية «أن مجلس الوزراء لم يبحث هذا الملف، وأن الأمر اقتصر على بعض المعلومات الإيجابية في عملية التفاوض مع جبهة النصرة، ولم يتم التطرق إلى الأسرى العسكريين لدى تنظيم داعش والمعلومات التي تحدثت عن نقلهم إلى الرقة». وفي السياق، شددت المصادر على «أن خلية الأزمة هي المعنية بهذا الملف وأن الوزراء الآخرين لا يعلمون شيئاً عن هذا الموضوع».
وقال الناطق باسم أهالي العسكريين حسين يوسف لـ»البناء»: «نحاول أن نتواصل مع المعنيين بملف العسكريين، لكننا لم نحصل على أي جواب». ولفت إلى «أن إمكانية نقل العسكريين التسعة إلى الرقة مستبعدة نظراً إلى المعطيات الجغرافية والوضع الميداني الذي لا يسمح لتنظيم داعش بنقل العسكريين من القلمون إلى الرقة»، لكن إذا حصل ذلك، فإنه يكون قد تم بالتنسيق بين داعش والحكومة اللبنانية والدولة السورية عبر المفاوضين»، ولذلك نضعه في خانة إيجابية تندرج ضمن برنامج قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم». ولفت إلى «أن ذلك لا ينفي قلقنا وخوفنا من العملية، لا سيما أن الحكومة اللبنانية لم تؤكد أو تنفي الأمر»، مشدداً على «أن الأهالي عازمون على التصعيد بعد انتهاء مهلة الأسبوع».
الصديق وأيوب يتوليان المهمات الأمنية في «داعش»
وأوقفت دورية تابعة لمديرية المخابرات بمؤازرة قوة من الجيش في منطقة برالياس – البقاع، القيادي في إحدى التنظيمات الإرهابية السوري نبيل الصديق، واللبناني علي أيوب، المطلوبَين بموجب عدة مذكرات توقيف. وأكدت مصادر عسكرية لـ»البناء» «أن الصديق وأيوب يعتبران من القياديين الأساسيين لدى داعش الذين يتوليان المسؤوليات الميدانية والمهمات الأمنية المتعلقة بجمع المعلومات والمراقبة وتفخيخ السيارات».
وفي باب التبانة بطرابلس سادت مساء أمس حالة من التوتر مع انتشار كثيف للجيش بعد ظهور الإرهابي أسامة منصور. إلى ذلك حضرت التطورات الأمنية في البلاد في لقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي تابع ملف العسكريين مع وزير الدفاع الوطني سمير مقبل.