«أعلن الحبّ لدمشق»… مهرجاناً تكريميّاً لسورية

لورا محمود

الوطن ليس مجرّد بقعة على هذه الأرض. إنّه فكرة محفورة عميقاً في العقل والوجدان. وأن تحبّ وطنك فهذا بديهي، لكنّ ذلك لا يكفي، فلا بدّ أن تدافع عن وجوده وهويّته عندما يأتي من لا هوية ولا تاريخ له، ليعبث بحضارة وطنك وتاريخه. عندئذٍ، تبدأ حكاية عشق حقيقية لوطن صامدٍ بعزم أبنائه الذين يثبتون جدارتهم بالانتماء إليه. فلا يمكن للإنسان العاديّ أن يقف متفرّجاً على وطنه وهو يصمد في مواجهة عاتيات المؤامرات، من دون أن ينتفض للدفاع عنه وعن كينونته واستقلاله.

من هنا، جاءت فكرة مهرجان «أعلن الحبّ لدمشق»، انطلاقاً من توجيهات وزير الثقافة السوري عصام خليل، إذ شكّلت توجيهاته العميقة والمسؤولة حافزاً للعمل والإصرار على إنتاج مهرجان يشمل حزمة من النشاطات الفنية والثقافية، التي تعمل كلها تحت مظلة الوطن الأمّ… سورية.

في مجمّع دمّر الثقافي، أقيم مهرجان «أعلن الحبّ لدمشق»، وشمل مبادرةً عنوانها «السجلّ الأبيض»، التي تهدف إلى جمع مليون توقيع لدمشق. إضافة إلى معرض تشكيليّ للفنانين عدنان تنبجكي ووفاء الحافظ، بمرافقة عزف على آلة العود والترومبيت والغيتار، وحفل لجوقة «أطفال سنا» للغناء الجماعي بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو، بعنوان «لن نصبح صفراً أبداً»، إضافة إلى ندوات وأمسيات موسيقية لـ«الفرقة النحاسية» في اتحاد شبيبة الثورة، وعرض لفريق المهارة لفنون التايكوندو، وأيضاً أمسيات شعرية لأدباء أعضاء في اتحاد الكتّاب العرب، وحفل موسيقيّ لفرقة «الوفاء».

وأشار معاون وزير الثقافة توفيق الإمام إلى أن النشاط، «ليس إلا لنعلن حبّنا لدمشق، ونحن نعلن هذا منذ الأزل لا اليوم فقط، إنما أردنا من خلال هذا اللقاء جمع تواقيع من كل فئات المجتمع السوري، لنعلن جميعاً عن هذا الحبّ. وما الأعمال الفنية التي شاهدناه، عبارة عن جهود جبارة من بعض الفنانين السوريين».

وأضاف الإمام: «دعمت وزارة الثقافة بكلّ إمكانياتها المادية والمعنوية لإنجاح هذه الفعالية. فقد كان الحشد الجماهيري اليوم لافتاً للانتباه، وكانت العروض مهمة جدّا، سواء الرياضية أو الفنية من فنّ تشكيلي وأعمال يدوية وعروض مسرحية، وأيضاً الندوات المحاضرات والأمسيات الشعرية».

وأردف الإمام: «نحن مصرّون ومصممون على المضيّ قدماً، ومتابعة العمل الثقافي على كامل الاراضي السورية، على رغم الأزمة التي تمر بها سورية. فنحن مصمّمون على متابعة العمل الثقافي على كافة المستويات: السينمائية والفنية والمسرحية والأدبية». وأكد الإمام أن من يحاربوننا اليوم، حاولوا سابقاً أن يمحوا كلّ أثر حضاريّ وتاريخيّ في سورية، لكنهم لم ينجحوا. «فنحن بلد عمره آلاف السنين، وقد يمر بأوقات عصيبة، لكن قوة الشعب والجيش والدولة، وقيادة الرئيس بشار الأسد، قادرتان على التصدّي لكل ما يحاك للوطن من مؤامرات».

واعتبر أمين عام «حركة الاشتراكيين العرب» أحمد الأحمد أنّ هذه الفعالية بمثابة حدث وطني بامتياز، وقال: «لعل العنوان ـ أعلن الحبّ لدمشق ـ خير دليل على ذلك. نحن نعلن دائماً الحبّ لدمشق وقيادتها وجيشها وشهدائها. لقد ضمّ هذا الحدث أعمالاً فنية دلّت على عراقة سورية وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، إذ ستنتصر على رغم هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف مكوّنها الحضاري».

ولفت الأحمد إلى أن الهجمة على ثقافة سورية وآثارها وتاريخها ممنهجة، لكن سورية باقية وصامدة ومنتصرة. ومنذ بدء الأزمة، كانت تردّ على أعدائها بالمضيّ قدماً. فهي عبارة عن ورشة عمل أدبية وفنية وثقافية، وهذا ما تعمل عليه وتدعمه وزارة الثقافة.

وعن دور وزارة الثقافة ورعايتها هذا المهرجان ومشاركتها في هذا المعرض، قالت الفنانة التشكيلية وفاء الحافظ: «إنّ دمشق هي رمز الوطن المتكامل سورية. وأنا استوحيت لوحاتي من الطبيعة الدمشقية وأيضاً من عنوان المعرض، فحاولت أن تكون مكوّنات العمل الفني وألوانه مستوحاة من روح دمشق. فاللون الأخضرالبارز في لوحاتي هو رمز العطاء الذي كانت، وما زالت، تقدّمه لنا غوطة دمشق الغنّاء باخضرارها الدائم، والبنفسجي كان لإظهار القوة ولفت الانتباه، والأبيض قصدت به الروح السورية النقية، إضافة إلى البورتريهات التي أحبّها كما هي، وكما اعتدت على رسمها بالطريقة الكلاسيكية، وهي المدرسة التي أنتمي إليها».

وأكدت الحافظ أن وزارة الثقافة مهتمة جدّاً بالثقافة والفنون، وتقدّم كل الإمكانيات للإبداع ولتطوير الحركة الفنية والثقافية في سورية.

أما عدنان تنبكجي، وهو أحد الفنانين المشاركين بأعماله اليدوية، فقال: «أعتقد أن عنوان المهرجان كافٍ ووافٍ بمعانيه. فدمشق حاضنة العالم كله، ونحن أردنا أن نعبّر عن حبّنا لدمشق بثقافتنا وأعمالنا المهنية من الثريات والخزفيات والمصنوعات الجليدية الخاصة بالديكور، إلى جانب الأعمال التشكيلية والخط العربي، والنحاسيات التي تشتهر بها سورية. فهي معروفة بالنقش على النحاس وصبّ النحاس وتلبيسه وتعتيقه. ولدينا منتجات فنية حديثة، كتلبيس الكريستال بالبلاتين، ونُعتبَر سباقين في هذه الصناعة». وشكر تنبكجي وزارة الثقافة التي قدّمت العون الكبير ليظهر هذا المعرض بالشكل الذي نراه وأضاف: «في ظل هذه الظروف، فوجئ كثيرون بهذا المعرض والفعالية التي استقطبت كثيرين. وكان هدفنا أن نقدم شيئاً جديداً، وفي الوقت نفسه أن نمتّع الحاضرين ونخرجهم من أجواء الاحباط والخوف في ظل هذا التآمر الكبير على بلدنا سورية.

وفي ختام المهرجان، كُرّمت أمهات الشهداء والجرحى، ورابطة رجال الثورة السورية الكبرى، وأماني زكار من ذوي الاحتياجات الإضافية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى