اليمن: الحرب البرية إن وقعت
حميدي العبدالله
ثمة مؤشرات توحي باحتمال انزلاق العدوان الذي تشنّه السعودية وحلفاؤها على اليمن، من عدوان جوّي إلى عدوان جوّي وبرّي، طبعاً إضافة إلى مشاركة البوارج البحرية السعودية والمصرية في العدوان منذ اليوم الأول لبدئه. تكمن هذه المؤشرات ليس في تلويح المسؤولين في المملكة السعودية باللجوء إلى الحرب البرية وحشد قواتهم قرب الحدود، والسعي إلى ضمان مشاركة دول غير خليجية في الحرب البرية مثل مصر وباكستان، بل وأيضاً في القناعة بأنّ الحملة الجوية وصلت إلى طريق مسدود ولم تتمكن من تعديل توازن القوى على الأرض على نحو يتيح الفرصة للمؤيدين للسعودية باستعادة زمام المبادرة من جديد.
ولكن ماذا لو شنّت السعودية وحلفاؤها حرباً برية ضدّ اليمن؟
لا شك أنّ اتخاذ مثل هذا القرار سوف يشكل نقطة اللاعودة في الحرب على اليمن، ومن شأن ذلك أن يقود إلى نتائج وتداعيات أكيدة أبرزها:
أولاً، صعوبة وقف الحرب في وقت قريب، مهما بلغت الضغوط من أجل تحقيق هذه الغاية، أيّ تحوّلها إلى حرب طويلة الأمد سوف تستمرّ سنوات طويلة في ضوء نتائج حملة جيوش أكثر قوة وأكثر تطوّراً، وأكبر عدداً، خاضت حروباً مشابهة، وهنا يمكن الإشارة بصورة خاصة إلى الحربين اللتين قادتهما الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، حيث حشدت قوات ضخمة لن يكون بمقدور السعودية حشد ما يوازيها في حربها على اليمن، وعلى الرغم من أنّ العدو لهذه الجيوش في العراق وأفغانستان كان أقلّ شعبية، وأقلّ بأساً وقدرة، وأقلّ حصولاً على تأييد إقليمي أو دولي ومع ذلك استمرّت الحرب على العراق أكثر من ثماني سنوات والحرب على أفغانستان أكثر من 13 عاماً، ولم تتمكن الولايات المتحدة ولا «الناتو» ولا جيش الحلفاء في العراق من تحقيق النصر. أما وقف الحرب في منتصف الطريق فهو أمر صعب ودونه الكثير من العقبات.
ثانياً، ستكون حرباً صعبة ومعقدة ليس فقط لأنّ القوة التي تواجهها السعودية وحلفاؤها في اليمن هي أقوى وأكبر من القوة التي واجهها الأميركيون وحلفاؤهم في العراق وأفغانستان، بل وأيضاً لأنّ جغرافية المنطقة يصعب إحكام الحصار عليها، بسبب حدودها الطويلة، البحرية والبرية، وسهولة إيصال المعونات، ولا سيما السلاح من قبل أيّ دولة تريد تقديم الدعم لليمنيين، ولا سيما إيران، نظراً إلى تواجد قطعات بحرية إيرانية بصورة دائمة في المياه المحاذية للشواطئ اليمنية، وأيضاً بسبب وعورة الجغرافية اليمنية التي تلائم حرب العصابات أكثر من ملاءمتها للجيوش النظامية، ولا سيما إذا كانت هذه الجيوش جيوشاً أجنبية أقلّ دراية ومعرفة بشعابها.
ثالثاً، الخسائر البشرية في الحرب البرية بالجيوش الغازية ستكون كبيرة ويصعب إغفالها كما يصعب على الحكومات المشاركة فيها إخفاءها عن شعوبها.
لكلّ هذه الأسباب مجتمعة ستكون الحرب البرية كارثة على المشاركين فيها بقدر يفوق الضرر الذي ستلحقه باليمنيين.