المرصد
هنادي عيسى
صار معروفاً أنّ نجاح أيّ برنامج معيّن على إحدى القنوات اللبنانية، وتحقيقه نسبة مشاهدة عالية، يحدوان بالمحطات التلفزيونية الأخرى إلى استنساخ فكرة هذا البرنامج، مع إضافة بعض التعديلات الطفيفة، بدءاً من الديكورات، وصولاً إلى المذيع ذاته.
قبل نحو ستّ سنوات، بدأ الإعلاميّ طوني خليفة بتقديم برنامجه الشهير «للنشر» عبر شاشة «الجديد». وقد استطاع عبر مواضيعه الاجتماعية والحياتية، وأحياناً الفنية، أن يحظى بإعجاب المشاهدين على كافة الأراضي اللبنانية، وصار مرجعية لدى الناس كونه يتلمّس همومهم ويحاول إيجاد حلول لها. إنما منذ سنة تقريباً، تلقى خليفة عرضاً من قناة «mtv» اللبنانية، للانتقال إليها. وحينئذٍ لم يعرف طبيعة البرنامج الذي سيقدّمه على تلك الشاشة، واعتقد الجميع أنّ خليفة سيقدّم عبر هذه المحطة، فكرة جديدة بعيدة عن «للنشر»، خصوصاً أنّ «الجديد» أصرّت على شراء الفكرة والاسم والمحتوى، كما أوكلت مهمة تقديم «للنشر» بعد اختبارات عدّة، إلى الإعلامية ريما كركي التي قدّمت استقالتها من تلفزيون «المستقبل»، وانتقلت إلى «الجديد»، على أمل أن تحقّق انتشاراً فقدته المحطة الزرقاء.
أما المفاجأة فكانت مع انطلاق الدورة البرامجية الجديدة في كل المحطات اللبنانية مطلع الخريف الماضي. وإذ بنا نشهد ثلاثة برامج متشابهة، تُعرَض مساء الإثنين في مواقيت متقاربة، وهي: «للنشر» على «الجديد»، مع ريما كركي و«1544» لطوني خليفة عبر «mtv»، و«حكي جالس» لجو معلوف على شاشة «lbc». وصودف أنّ هذه البرامج حملت مواضيع متشابهة في حلقات كثيرة، وكان يبدو للمشاهد الذي أصيب بالملل، أنه يشاهد برنامجاً واحداً إنما بمذيعين مختلفين. فمثلاً، كانت حملة فساد الطعام التي أثارها وزير الصحة وائل أبو فاعور أو الأخطاء الطبية في المستشفيات، إلى ما شابه ذلك، من المواد التي أعدّت لها التقارير، واستضيف أشخاص معنيون في القضية، علماً أنّ الوقت المتاح لكلّ حالة لم يسمح مرة واحدة لحلّ أيّ قضية. ومع مرور الأسابيع، وقع المحظور، ودخل معدّو هذه البرامج في أتون التكرار والاستنساخ، ما جعل الناس يعبّرون عن استيائهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وما زاد الطين بلّة، وتحت مسمّى نسبة المشاهدة العالية «rating»، عمد القائمون على هذه البرامج إلى إعداد فقرات سخيفة، واستضافة شخصيات مثيرة للجدل، وأحياناً كثيرة، لا صلة لها بالموضوع المطروح للنقاش. كما حصل في إحدى حلقات «للنشر»، التي استضافت فيها كركي العارضة جويل حاتم لتبدي رأيها في موضوع توبة المطرب المعتزل والمطلوب من العدالة فضل شاكر. تُرى، من هي لتبدي رأيها في موضوع قانونيّ شائك كهذا؟ أو استضافة العارضة ميريام كلينك لتتحدث عن تحرّش رجال الدين بها لأكثر من مرة. هذا فضلاً عن أسلوب ريما كركي في المناقشة الذي صار استهزائياً مع فريق البرنامج يلا شباب، بدّي بعد وقت شباب وهذا أفقد البرنامج قوّته. أما طوني خليفة، فقد أضحت مواضيعه خفيفة لدرجة أنه استضاف أخيراً سيدة كويتية قال إنها تستدعي الجنّ، لكنّها فشلت في استحضارها أمام كاميرا «mtv»، ألهذه الدرجة وصل الاستهتار بالناس؟ وماذا عن الحلقة التي استضاف فيها والدة مستهترة بِابنها، وكان همّها الوحيد إبراز ابنها في الغناء من دون أن تكترث لوجعه، هو الذي يعيش مع أخوته في دار للأيتام؟
وأخيراً، «حكي جالس» الذي يقدّم أحياناً مواضيع أكثر أهمية، إنما أسلوب معالجتها خفيف، كما أنّ أسلوب المذيع جو معلوف الواعظ والخطابي يجعلك تنفر من متابعة الحلقة. نعم للأسف، يعيش المشاهد اللبناني تحت وطأة نكد برامج مساء الإثنين. لذا، على إدارات القنوات التلفزيونية اللبنانية مراجعة خططها الإنتاجية، لأنّ البرامج المتشابهة حتماً ستنتج أفكاراً متكرّرة، ما يفقدها المتابعين قريباً… انتبهوا.