منحوتات حسن محمد… كتلٌ مسكونةٌ بالإنسانية

محمد سمير طحان

يشكّل النحت لدى التشكيليّ حسن محمد، أكثر من هاجس فنيّ. فهو طريقة حياة ونمط عيش بالنسبة إليه، إذ تآلفت فيه روح الفنان مع الخامات المتنوعة التي يشتغل عليها، لتنتج أعمالاً فنية مسكونة بالإنسانية والحسّ المرهف. فهو يتعامل مع الكتلة النحتية كجزء منه ينبض بالحياة، وينقل الكثير من المعاني إلى المشاهد.

وعن علاقته بالنحت يقول النحات محمد في حديث لـ«سانا»: «ثمّة علاقة حميمة تربطني بالمنحوتة التي أشتغل عليها، لدرجة أنها تصبح جزءاً من روحي وخلاصة تفكيري»، مضيفاً أن الموضوع الذي يريد تقديمه أحياناً، يحتاج إلى خامة معينة تناسبه وتلبّي ما يرغب برؤيته. وأن أقرب الخامات إلى نفسه، الحجر والخشب بكل أنواعهما.

وحول تأثير الأزمة على عمله الفنيّ، يؤكد محمد أن الأزمة أثّرت على حالة الفنان السوري النفسية عموماً، لكونه كتلة من المشاعر والأحاسيس، وهي أهم ما يحتاج إليه في عمله الفنيّ. كما تسببت في انعطافه نحو مواضيع جديدة تختلف عن أعماله السابقة كمّاً ونوعاً. مشيراً إلى ظهور ذلك في أعماله خلال الفترة الأخيرة.

ويرى محمد أن الفنان التشكيلي السوري أثبت جدارته خلال هذه الأزمة، إذ استمر في إنتاجه وبقي حاضراً على رغم كلّ الرياح العاتية، وإن كانت الظروف حدّت من حركة الفنان بين المحافظات لإقامة المعارض، إلى جانب محدودية حصوله على المستلزمات الفنية كما كان من قبل.

ويقول محمد: «إن كل الصالات الخاصة والعامة تعتمد في مادتها الأساسية على ما ينتجه الفنان. وعلى رغم توقف عدد منها عن العمل، إلا أن هناك عدداً لا بأس به استطاع أن يروّج لمعارض وأنشطة فنية مختلفة ووينظّمها في عدة محافظات». موضحاً أنه عندما يتعرّض بلد ما لأزمة تريد القضاء على معالم ثقافته وحضارته، فلا بد لهذا البلد أن ينتفض لمواجهتها بكل السبل، وهذا يعني أن هناك أولويات قد تؤثر على العمل الفني والثقافي عموماً.

ويشير محمد إلى أن النحت السوري مميز ويملك أعلاماً نفخر بها وأسماء تجاوزت المحلية ووصلت إلى فضاءات العالم. ويقول: «إن مسيرة عمل أيّ فنان وبحثه ومتابعاته تولد لديه أسلوباً فنياً يحيله الآخرون إلى مدرسة فنية معينة، وتختلف الأذواق إزاء النتاج النحتي تبعاً للمستويين الثقافي والاقتصادي لأي بلد. فالبعض يعتبرونه من الكماليات وآخرون يعتبرونه ثروة يزداد ثمنها مع تقدّم السنين».

وعن تنوّع المدارس الفنية في النحت السوريّ اعتبر محمد أنّ هذا التنوّع لا يؤثر على المحترف التشكيليّ لدينا، إنما تقبّل الجمهور نمطاً فنياً محدّداً من خلال الإقبال على اقتناء أعماله، هو ما يثبت جدارته من عدمها.

ويعتقد محمد أن تواجد عدد من التشكيليين السوريين في الخارج خلال هذه الفترة يساهم في التعريف بالتشكيل السوريّ وتسويقه، بشرط أن يبقى محافظاً على هويّته الفنية السورية، ولا ينجرف نحو مطبّات الحالة المادية على حساب جودته، ليكون سفيراً ينشر نكهة الفنّ السوريّ إلى العالم.

ويأمل محمد في أن يكون هناك تضافر في جهود جميع المهتمين بالفنّ التشكيلي السوري للعمل على إعادة الحياة التشكيلية إلى طبيعتها الأولى، وما كانت تزخر به من حيوية وازدهار في عدد الأنشطة والفعاليات الفنية، ومنها الملتقيات التشكيلية المتنوعة، التي ما زال قسم منها مستمراً حتّى هذا اليوم. وإتاحة الفرصة للأجيال الفنية للتجريب ومواصلة الحضور في كل المحافل لإعلاء أهمية الفن في الحياة.

ويختم محمد بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل التشكيل السوريّ لأنه يملك كل مقوّمات الوجود والاستمرار والتطوّر. ويقول: «آمل أن أرى بلدي جميلاً دائماً تعبق شوارعه وحدائقه بالجمال، وتزدان بأعمال فنية تورَّث للأجيال المقبلة، حاملة عبق الحاضر والتاريخ الذي علينا أن نجسّده في أعمالنا النحتية بصدق وإخلاص».

النحات حسن عزيز محمد من مواليد طرطوس عام 1968، وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين ـ فرع طرطوس. مشارك دائم بمعارض فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في طرطوس ودمشق، ولديه عدد من المعارض الفردية والجماعية، ومشارك في عدة مهرجانات فنية وملتقيات نحتية داخل سورية. وأعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة وضمن مجموعات خاصة في سورية وخارجها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى