السياسة السعودية تهتز بعد تلقيها صفعتين من باكستان وتركيا
بشرى الفروي
لم يجاف سعود الفيصل الحقيقة عندما شبه حالته الصحية: «بحال الأمة العربية». فيبدو أن السياسة المهتزّة والمهترئة السعودية، قد بدأت بالترنّح بعد فشلها بتحقيق أهدافها في الحرب على الشعب اليمني، فلم تنفع سياسة الأرض المحروقة والحصار على الطريقة الإسرائيلية في إيقاف تقدم الحوثيين نحو باب المندب وعدن بدعم من الجيش اليمني. بل أصبحت السعودية تحسب ألف حساب لدخول اليمن برياً وبخاصة بعد خسارتها موقع المنارة الحدودي ومقتل عدد من جنودها وضباطها.
هذا الترنّح والتخبط بدا واضحاً في تصريحات وزير خارجية آل سعود عند لقائه نظيره الفرنسي لوران فابيوس، إذ أكد الفيصل أن الحرب هدفها «مكافحة الإرهاب» بحسب وصفه. لكن الوقائع الميدانية تؤكد أن غارات التحالف كان هدفها الأساسي دعم تنظيم القاعدة ومنع الحوثيين من التقدم والانتصار عليه وهذا بدا واضحاً في الغارات الأخيرة على محافظة شبوة.
التحالف الهش الذي أنشأته السعودية بدأ بالتفكك بعد التزام باكستان بالحياد تجاه الحرب في اليمن. إذ رفض البرلمان الباكستانى طلباً للسعودية بإرسال قوات وطائرات وسفن للمشاركة في حربها على اليمن. وقال البرلماني المعارض غلام أحمد بيلور في البرلمان: «إذا تدخلنا في اليمن سيندلع حريق كبير في بلادنا من جديد… فجيشنا ليس جيشاً للإيجار».
موقف باكستان يأتي على خلفية زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حثّ فيها باكستان على دعم الحوار في اليمن بدلاً من إرسال قوات عسكرية.
لم تتمكن السعودية من أن تخفي دهشتها وقلقها من هذا الموقف، فأوفدت على وجه السرعة وزير الشؤون الدينية السعودي ليتبين ما سبب هذا التغيير المفاجئ. فالسعودية كانت على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية تتغنى بشعر جارتها باكستان وقوتها العسكرية، بل وقدرتها النووية على مواجهة النفوذ الإيراني.
دول تحالف «غزوة سلمان» ردّت على موقف باكستان بتصريح للوزير الإمارتي أنور قرقاش: «بأن الموقف الباكستاني سيكون له ثمن باهض وله تداعيات خطيرة وهو موقف غير متوقع».
لكن الكبرياء الباكستاني عاجله بتصريح من وزير الداخلية شاودري نيسار بقوله إن كلام الإماراتي: « لا يدعو للسخرية فقط، بل يثير التساؤل أيضاً حول جدوى تهديد وزير إماراتي لإسلام آباد وهو انتهاك لكل المعايير الدبلوماسية المتعارف عليها والمبادئ التي تقوم عليها العلاقات الدولية».
لم يكن موقف تركيا أفضل حالاً بالنسبة لآل سعود وبخاصة بعد زيارة أردوغان لإيران واستجدائها لدور تلعبه في المنطقة.
فهذا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يصرح أن بلاده بصدد البحث عن حل سياسي في اليمن ويطالب بإرسال مساعدات إنسانية للشعب اليمني، ويؤيد رغبة بلاده في البدء بمفاوضات تفضي إلى نتائج مع دول الخليج وبخاصة بعد تطابق وجهات نظر تركيا مع إيران في هذه القضايا.
وفي السياق نفسه، أعلنت السفارة الباكستانية في أنقرة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحث أزمة اليمن مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في اتصال هاتفي السبت بعد يوم من إجراء محادثات مماثلة مع العاهل السعودي وأمير قطر.
عيون السعودية تتجه الآن نحو مصر بعد أن خذلها موقف تركيا وباكستان. فمصر هي الرهان السعودي الأخير وآخر أوراقها.
فما قدمته السعودية من هبات كان للهيمنة على القرار السياسي المصري ولجرّ الجيش المصري لتدخل بريّ في اليمن. لكن صورة التجارب السابقة المؤلمة للجيش المصري في اليمن لا تزال حاضرة في ذاكرة المصريين.
ما يقوم به السيسي في توريط مصر بحرب عبثية بدل التركيز على محاربة الإرهاب في سيناء وردّ كرامة المصريين التي سفكها «داعش» في ليبيا، سيعرض مكانة مصر في العالم العربي لمزيد من التراجع ويحرف بوصلتها عن القضايا الأساسية ويضعف علاقاتها مع الدول الفاعلة في المنطقة كإيران وروسيا. و ستكون السبب في خسارتها كشريك عاقل ووازن في حل قضايا المنطقة على أساس احترام سيادة الدول ومكافحة الإرهاب ودعم الشعب العربي في تقرير مصيره.