… السيسي إلى أين؟

ناديا شحادة

مصر الدولة الكبيرة والمؤثرة عربياً وإقليمياً والتي تنتمي لشمال أفريقيا وهي تقع على الحد الفاصل بين الدول العربية الآسيوية والأفريقية، وما يجري في مصر من أحداث وتوجهاتها السياسية سيؤثر وينعكس على القضايا العربية كافة، فبعد سقوط حكم الإخوان المسلمين إثر تظاهرة 30 حزيران 2013 حيث طالب المتظاهرون برحيل الرئيس محمد مرسي، ويرى المراقبون أن صمود سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد كان السبب الأول لسقوط المشروع الإخواني في المنطقة ، وفي 3 حزيران 2013 أعلن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي إنهاء حكم مرسي وليصل إلى رئاسة مصر في 8 حزيران 2014.

ويرى المراقب للشأن المصري أنه ساد الكثير من النقاش والجدال حول نظام الحكم الجديد وتوجهاته وتحالفاته المستقبلية في مصر بسبب تغير التحالفات في المنطقة والتي اتصفت بالتغييير المتواصل وبالتأكيد فإن مصر كما باقي دول المنطقة ليست بعيدة من هذه المتغيرات، ويؤكد المراقبون أن التهديد الأمني الأكبر لمصر كان يتمثل في المستنقع الليبي المليء بالفوضى والتيارات التكفيرية المسلحة، فأصبحت مصر تنظر إلى ليبيا على أنها خطر داهم يهدد مؤسسات وبنية الدولة المصرية بسبب سيطرة الجماعات الإسلامية على المشهد في ليبيا وبعد إعدام 21 قبطياً في 13 شباط 2015 وجد الرئيس السيسي نفسه في مواجهات أمنية حامية وسعى جاهداً لحسمها، فقام بتوجيه ضربات عسكرية على مواقع لتنظيم «داعش» في الأراضي الليبية في 16 شباط 2015 وطالب باستصدار قرار من الأمم المتحدة يمنح تفويضاً لتشكيل تحالف دولي للتدخل في ليبيا ولكن فشلت مساعي السيسي في استدراج الغرب لضرب ليبيا وواجه معارضة غربية خاصة من الولايات المتحدة التي شددت على ضرورة عدم الانحياز لأي طرف من الأطراف في الساحة الليبية وأكدت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية في 17 شباط 2015 أن جهود مصر لإقناع الدول الغربية بإنشاء تحالف واسع للتدخل عسكرياً في ليبيا مجدداً لم تكلل بالنجاح بسبب رغبة القاهرة في أن ينظر المجتمع الدولي إلى الإسلاميين جميعاً كما ينظر إلى تنظيم «داعش»، وهو ما لم يتقبله كثير من الدول الغربية إضافة إلى أن مصلحة الغرب أن يسعى إلى التوصل لمصالحة بليبيا وتشكيل حكومة وحدة وطنية بين القوى المتنافسة.

ويرى المراقبون أن بعد فشل السيسي في ليبيا التي بدأت تتجه نحو التسوية والحوار بين جميع الأطراف السياسية أي بين الحكومة الشرعية في طبرق وممثلي المنظمات الإسلامية المتمركزة في طرابلس للاتفاق على حكومة وحدة وطنية وإيقاف النزاع المسلح الذي عصف بالليبيين في مختلف المدن الليبية ما يدل على أنه ستتم مشاركة الإخوان المسلمين في الحكم بليبيا كم تمت مشاركتهم في تونس وقريباً ربما ستعلن مشاركتهم بالحكم في مصر حيث صرح قيادي بارز في الإخوان في 29 كانون الثاني 2014 لصحيفة «الحياة» بأن الجماعة لا تستبعد حصول وساطة قطرية تحض قادة الإخوان على التهدئة في مقابل فتح الأبواب أمام الإخون للعودة إلى المشهد السياسي.

ويؤكد المراقب للشأن المصري أن مصر الآن مرتبكة وتتجه نحو الفوضى بسبب السياسة الخارجية للسيسي وبناء تحالفته، فدخوله التحالف العربي ضد الحوثيين مع السعودية التي بذلت الكثير في سبيل الظفر بمصر باعتبارها الحليف الذي لاغنى عنه في ظروف الصراع الإقليمي، وفشل السعودية وتحالفها في اليمن في تحقيق أهداف وبالتالي فشل مصر ورئيسها السيسي الذي ربما يكون خسر علاقته بروسيا التي تطورت بشكل متسارع بعد تسلمه الحكم في مصر، ولكن بسبب الاختلاف في وجهات نظر دبلوماسية البلدين في كل من الشأن الليبي واليمني حيث تدعو روسيا إلى تسوية سياسية وإلى الحوار لحل الأزمة الليبية وهذا ما أكده لافروف في 10 آذار 2015 حيث قال ندعم الجهود الرامية إلى إحراز تقدم على صعيد المصالحة الوطنية في ليبيا، وكذلك دعوة روسيا ومساهمتها في تسوية سياسية في اليمن جاء ذلك على لسان نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي في 12 نيسان 2015، ويؤكد المراقبون أن خسارة الدور المصري في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ربما يكون من الأسباب التي تؤدي إلى الخلاف بين مصر وروسيا حيث كانت الأخيرة هي أعطت دوراً لمصر من أجل التوصل لحل سياسي في سورية، ولكن مصر ترددت ثم تمنعت لإرضاء السعودية، فبعد ما شهدنا من تطورات من أحداث في ساحات الدول العربية وبناء تحالفات جديدة بناء على هذه المتغيرات يبقى السؤال: مصر التي عاقبت مرسي على الفشل في سورية والتبعية لقطر، هل يمكن أن تتقبل من السيسي الفشل في اليمن والتبعية للسعودية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى