الرفيق الساهر بنظر سعاده… الأمين أمين الأشقر

لبيب ناصيف

مهداة إلى الأمين منصور عازار.

منذ نيّف وعشرة أيام، اتصل بي الأمين منصور عازار مبلّغاً إياي أنّه سجّل لديه معلومات عن الأمين الراحل أمين الأشقر، يودّ أن يسلّمني إياها.

كان عازار يعلم أنني أعمل منذ مدّة على جمع معلومات عن الأمين أمين الأشقر. وكنت قد اتصلت به لهذه الغاية، كما اتصلت بغيره من الرفقاء. ذلك أنّ الأمين أمين الأشقر يكاد يكون مجهولاً لدى السواد الأعظم من القوميين الاجتماعيين، فهو كان قد أمضى معظم سنواته في المهجر الأفريقي، لم يتولّ مسؤوليات مركزية، ووافته المنيّة بعد أشهر من حصوله على رتبة الأمانة.

اتصلت بناموس منفذية المتن الشمالي الرفيق ميشال فياض، وسوياً، توجّهنا إلى دارة الأمين منصور في بيت الشعار.

كان لقاء ودّياً، مؤثراً، إذ إنني منذ مدة طويلة لم أتمكن من زيارته على رغم الحاجة إلى ذلك. فالأمين منصور كان موسوعة حيّة ويفيد أن نراجعه في عدد من مواضيع تاريخنا الحزبي.

لقد كان الوداع الاخير.

بفضله أُعدّت هذه النبذة.

من الرفقاء الذين كنت قد سمعت وعرفت عنهم، إنما لم أتعرف إليهم، إذ كان مهاجراً في غانا، وعندما عاد ومُنح رتبة الأمانة عام 1961 1 ، وافته المنيّة عام 1962، أي في الفترة الصعبة جدّاً التي كان فيها الحزب يواجه ضراوة المكتب الثاني عقب الثورة الانقلابية التي قام بها. مع ذلك، شهدت ديك المحدي مأتماً شعبياً مهيباً. هو الأمين أمين الأشقر.

نبذة

الأمين منصور عازار الذي عرف الأمين أمين في الوطن وفي غانا قدّم لنا هذه المعلومات التي تضيء على سيرته.

ولد الأمين أمين الخوري الياس الأشقر في ديك المحدي عام 1907.

غادر إلى منطقة الشاطئ الذهبي في أفريقيا التي كانت مستعمرة بريطانية، وبعد الاستقلال أطلق عليها اسم غانا.

عرف الحزب عن طريق الرفيق نهاد ملحم حنا 2 ، وعام 1936 أدّى قَسَم الانتماء.

تولّى في كوماسي مسؤولية مدير مديريتها، وكان الرفيق رفيق الحلبي 3 يقوم آنذاك بمسؤولية المنفذ العام.

شهدت غانا انتشاراً واسعاً للحزب وانتماء عدد من الرفقاء، كان منهم الرفيق أسد الأشقر الذي عُيّن منفذاً عاماً.

بعد التحاق الرفيق أسد الأشقر بالزعيم عقب توجّهه إلى البرازيل والأرجنتين، قائماً بأعمال ناموس سعاده، والأمين خالد أديب ناموساً مساعداً، استقال الرفيق أسد فعيّن سعاده الرفيق أمين الأشقر وكيل منفذٍ لمنفذية الشاطئ الذهبي.

وافته المنيّة في 8 أيار 1962 على إثر مرض عضال.

يوميات

من مفكرة الأمين أمين الأشقر لعام 1948 4 ، التي تسلّمناها من الأمين منصور عازار، اخترنا اليوميات التالية. فيها تتوضح الأنشطة التي قام بها الأمين الأشقر وعلاقته الوطيدة بسعاده. ونحن ننقل بالنصّ الحرفي ما جاء فيها:

السبت 17 كانون الثاني: ذهبنا إلى كفرسلوان لزيارة المديرية برفقة الرفقاء إميل رعد 5 إميل تركي 6 وميشال فضول 7 ، وعدنا في النهار ذاته إلى ضبية.

الأحد 18 كانون الثاني: ذهبنا من ضبية إلى بيروت، ومن بيروت إلى الفريكة برفقة موكب الزعيم حيث كان نهاراً سعيداً باهراً عند الرفيق مصروعة 8 . ثمّ عدنا إلى بيروت وحضرنا محاضرة الزعيم التي يقيمها كلّ يوم أحد الساعة الرابعة.

الجمعة 30 كانون الثاني: بينما كنّا نتعشّى، جاء الرفيق جبران 9 ، وذهبنا وإياه إلى بيروت حيث حضرنا الحفلة التي أقامها الرفيقان شاوي 10 ، للرفيق بندقي 11 لمناسبة سفره.

الأحد أوّل شباط: ذهبت إلى بتغرين لحضور جنّاز الأربعين للرفيق حليم صليبا. كان الاحتفال قوميّاً باهراً. ثم رجعت إلى بيروت لحضور محاضرة الزعيم فالعودة إلى ضبية ثم إلى ديك المحدي.

الخميس 19 شباط: ذهاب إلى بيروت، مشاهدة حضرة الزعيم والتحدّث معه في خصوص جولات في البلاد بسيارتي التي وضعتها في تصرّف المركز.

الأحد 22 شباط: ذهاب إلى بيروت صباحاً حيث جئت إلى جل الديب برفقة حضرة الزعيم. اجتماع قوميّ في بيت الرفيق مسعد حجل. خطابات قومية حماسية. الزعيم ألقى خطاباً قيّماً. ثم توجّهنا إلى بيت الرفيق جرجس أبو جودة 12 لتناول الغذاء. هناك أُلقيت خطب ترحيبية بحضرة الزعيم وأغان شعبية وحماسية. ثم رجوع إلى بيروت لحضور المحاضرة التي يلقيها الزعيم في الندوة.

الإثنين 23 شباط: ذهاب إلى الفريكة لحضور مأتم والد الصديق مصروعة. وجود الزعيم في المأتم وقد أبّن الفقيد بكلمة عميقة.

الأحد 29 شباط : ذهاب إلى بيروت لتهنئة حضرة الزعيم بعيده. الوفود كثيرة على رغم الثلوج. إلقاء خطب من قبل بعض القوميين، ثمّ خطاب حضرة الزعيم.

الجمعة 5 آذار: ذهاب إلى بيروت ثم إلى ضهور الشوير برفقة حضرة الزعيم وعائلته والرفيق وليام سابا 13 . وليام درس قطعة الأرض المنوي بناء بناية الزعيم فيها.

السبت 6 آذار: ذهاب إلى الفريكة ثمّ إلى بيت الشعار برفقة الرفيق مصروعة والسيد نعمة حمادة 14 ، ثم إرجاعهما إلى الفريكة بسيارتي وعودتي إلى ديك المحدي.

الاحد 7 آذار: ذهاب إلى بيروت واستماع لمحاضرة الزعيم.

الجمعة 12 آذار: ذهاب إلى الشام برفقة حضرة الزعيم.

الأحد 14 آذار: ذهاب إلى بيروت لحضور محاضرة الزعيم.

السبت 24 نيسان: ذهاب إلى بيروت ثم إلى ريفون برفقة الرفيق فريد مبارك 15 .

الثلاثاء أول حزيران: ذهاب إلى ضهور الشوير مع الزعيم، والأستاذ آنتيبا وزوجته 16 والرفيق وليام سابا وشقيقته. غداء في الصنوبر قرب بناية الزعيم العتيدة. مشي طويل بين الأحراج.

رسائل سعاده إلى الأشقر

يتوضح عقب مراجعة «الأعمال الكاملة»، أنّ سعاده وجّه إلى الأمين أمين الأشقر الرسالتين التاليتين:

بتاريخ 20/12/1945: إلى الرفيق الساهر أمين الأشقر، وكيل منفذ منفذية الشاطئ الذهبي.

بتاريخ 20/3/1946: إلى الرفيق أمين الأشقر وكيل منفذ عام منفذية الشاطئ الذهبي.

ليس في أدبيات الحزب أنّ الرفيق أمين الأشقر عيّن منفذاً عاماً للشاطئ الذهبي، إنّما وكيل منفذ كما يتّضح من رسائل سعاده وفي رسائل أخرى، كما يلي:

من رسالته بتاريخ 25/12/1945 إلى ناموس منفذية الشاطئ الذهبي الرفيق رفيق الحلبي، يورد سعاده المقطع التالي ص 515 الجزء 10 من الاعمال الكاملة : «… ثم عقبه كتاب من الرفيق الساهر أمين الأشقر القائم بوكالة منفذية الشاطئ الذهبي، مؤرخ في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي».

وفي رسالته إلى الرفيق غسان التويني بتاريخ 2/02/1946، يورد الزعيم ما يلي: «أنتهز هذه الفرصة لأخبرك أنني تلقيت اليوم كتاباً من وكيل منفذ عام منفذية الشاطئ الذهبي الرفيق أمين الأشقر، وفيه خبر أن الرفيق أسد الأشقر كان في القاهرة، في طريقه إلى أميركا الشمالية. وأن سفره نحوها من مصر يكون في آواخر يناير/ كانون الثاني الماضي. فعسى أن يكون بلغك ذلك».

نصّ الرسالة الأولى

عن «الأعمال الكاملة» الجزء 10 ص 508/509

«إلى الرفيق الساهر أمين الأشقر

وكيل منفذ منفذية الشاطئ الذهبي ـ أفريقيا الغربية

أيها الرفيق العزيز،

تسلّمت كتابك المؤرّخ في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكان وروده في الوقت الذي وصل فيه كتاب ناموس المنفذية الرفيق رفيق الحلبي في 24 أكتوبر/تشرين الأول الوارد بطريق البرازيل فكان سروري بالكتابين كبيراً.

إن انتهاء الحرب وعودة المواصلات إلى مجاريها يقضيان بنتيجة حتمية: لمّ الشعث وجمع الصفوف وحشد القوى واستئناف الجهاد المنظم. وأهنئكم لأنكم كنتم أوّل العاملين عبر الحدود لنجدة الحركة في الوطن أيام محنة الحرب، ولأنكم أوّل العاملين على وصل ما انقطع بسبب تلك الحرب التي ابتسرت الامور ابتساراً وعرقلت أعمالنا وأوقفت نمونا وعطلت الشيء الكثير من تجهيزاتنا.

إن حادث تفتيش بيتك وبيت الرفيق ناموس المنفذية لهو من حوادث هذه الحركة وسيرة أعمالها، وهو من جملة الشهادات بقوة معنوياتها ومتانة أخلاق رجالها. فلا تنسَ أن يصير تدوين هذا الحادث في تقرير أعمال منفذيتكم الذي يجب أن ترفعوه إلى المجلس الأعلى الذي طلبه منكم، وأن تقدّموا نسخة منه إليّ. ويجب أن يشتمل التقرير على كيفية طلب الخائن خالد أديب مساعدة مالية من المنفذية، ونسخة من كتابه الذي يطلب فيه ذلك الطلب.

وبهذه المناسبة، أخبرك ليكون معلوماً عندك وعند الرفقاء في الشاطئ الذهبي، أنّ المال الذي تسلّمه خالد أديب منكم، من دون معرفتي، ادّعى انه تسلّمه من أخيه في الشاطئ الذهبي، وأنه تناول هذه المساعدة من بيته لينفق على الزعيم! والتقارير المتوفرة وتيقني بنفسي ثابت أن المذكور أنفق المال بتبذير كثير في التياتر والكباريهات ومنادمة الراقصات خائناً بيمينه وعابثاً بإيمان القوميين الاجتماعيين وحُسن طويتهم. إنه كان دجالاً ومنافقاً.

بعد طرده من الحزب التحق بنصّاب يعرفه الرفيق أسد الأشقر، اسمه روفائيل لحود واتفق معه على تسخير الضمير لمصلحة لجنة ديغول الفرنسي. وقبض لحود مالاً من اللجنة أعطى خالداً منه كمية ليقوم برحلة في داخلية الارجنتين لبثّ الدعوة إلى مؤتمر وطني للمطالبة بالاستقلال تحت عبودية الديغوليين. فأخذ خالد المال وأنفقه ولم يسافر إلى الداخلية لعجزه عن الاتصالات اللازمة. فنشر روفائيل لحود في جريدة الزمان تشهيراً بخالد أديب وأعلن ابتلاعه المال وقطع علاقته به.

إذا تقرّر أن أعود قريباً إلى الوطن، فأحبّ أن أعرّج إلى الشاطئ الذهبي لأعرف الرفقاء اللأمناء الذين عزّزوا القومية عبر الحدود، وكانوا عوناً لقضيتنا القومية الاجتماعية المقدّسة وحرباً على أعدائها. ولكنّ أمر عودتي إلى الوطن يتوقف على بحث هذه النقطة مع المجلس الأعلى وعلى التقارير التي ستردني من المجلس، موضحة الحالة الراهنة هناك. وفي كتابي إلى الرفيق الناموس رفيق الحلبي تلميح إلى بعض القضايا المتعلقة بالزعامة ومركزها في الحركة.

إذا كانت الدوائر الإنكليزية قد سجّلت لسعاده خطاباً في البرازيل ندّد فيه بأعمال الديمقراطية وحمل على الحكومة الإنكليزية، فيجب أن نشك كثيراً في مقدرة الاستخبارات الإنكليزية على استقصاء حقائق الأمور. وبعد، فهذا شأن لا

يجد خطورة عندي. مع ذلك فمسألة زيارتي الشاطئ الذهبي تتوقف على تقرير العودة إلى الوطن على الاستعدادات التمهيدية لهذه الزيارة، والأمور مرهونة بأوقاتها.

كتابك وكتاب الرفيق الحلبي وصلا منذ نحو عشرة أيام، وبعد وصولهما بنحو ثلاثة أيام سافرت زوجتي إلى بوينس آيرس لتقضي أيام الحرّ مع أمها في مصيف بحريّ يدعى ماردي لا فلاته، وعلى إثر سفرها أصبتُ بعدوى من طعام أو فاكهة سبّبت لي حمّى لعدة أيام، وعقب ذلك ضعف الجسد الذي لم يعد إلى سابق عهده، وحتى الآن لا أزال محميّاً عن اللحم وأتناول الأدوية المقاومة لفعل الجراثيم التي دخلت الامعاء. فلم أتمكن من الكتابة في الحال كما كنت أودّ.

بلّغوا المجلس الأعلى اتصالكم بي وعنواني. وإذا استحسن المجلس الأعلى أن يستر مخابرته لي بعنوان غير إسمي، فيمكنه أن يكتب باسم زوجتي:

Julieta Elmir, Junin 300, Tucuman Rep. Argentina

أو بِاسم ابن حمي:

Jorge Elmir, Paraguay 402, Buenos Aires, Rep. Argentina

وليرسلوا إليّ جميع النشرات التي تصدر في الوطن من دوائر الحزب وجميع المنشورات التي يهمّني الوقوف عليها.

أكرر هنا شكري لرفقاء الشاطئ الذهبي على عملهم القوميّ الصحيح ومساعدتهم الحركة في الوطن، الدالة على حُسن إدراكهم ورؤيتهم.

إن عملنا يجب أن يستمر لأنّ إيماننا حقيقي ولأن قضيتنا حق.

أرجو لكم جميعاً التوفيق في مساعيكم القومية وأعمالكم الخصوصية.

سلامي القومي لكم… ولتحي سورية».

هوامش:

1 هي الدفعة الأخيرة من الأمناء التي صدرت إبان رئاسة الأمين عبد الله سعادة عام 1961.

2 من كفرحزير ـ الكورة، وكان يقطن جل الديب. نشط جيداً وتولّى مسؤوليات حزبية عدّة وعرف السجون مراراً. للاطّلاع على سيرته الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

3 من بلدة بشامون ومن مؤسّسي العمل الحزبي في الغرب الساحلي، ثمّ في غانا. تولّى مسؤولية مدير المديرية الأولى للطلبة. للاطّلاع على سيرته الدخول إلى أرشيف الحزب على الموقع المذكور أنفاً.

4 أوردت المفكرة إلى جانب اسم الأمين أمين الأشقر أنه عضو في مديرية «العرين» ديك المحدي التابعة لمنفذية المتن.

5 مُنح رتبة الأمانة، وتولّى مسؤوليات حزبية محلية ومركزية عدّة. للاطلاع على سيرته الدخول إلى الموقع المشار إليه آنفاً.

6 من بيت شباب. كان رفيقاً مثالياً في إيمانه وتفانيه وصدقه، كذلك شقيقه الرفيق ميشال تركي.

7 من بيت شباب. كان أديباً وصحافياً. أحد أصحاب «مطابع فضول» التي فيها كان الحزب يطبع جريدة «الجيل الجديد» ويتردّد إليها سعاده. فيها وقع الحادث المدبّر من قبل الدولة والكتائب في الجميزة. يصحّ أن نكتب سيرته الشخصية ومسيرته الحزبية. عُرف أيضاً بِاسم ميشال فضول الأشقر.

8 أديب ومؤرّخ وروائي. من مؤلفاته «ابن زيكار» و«هنيبعل». للاطلاع على ما نشرنا عنه، الدخول إلى الموقع المشار إليه آنفاً.

9 نرجّح أنه الرفيق جبران جريج.

10 اسكندر وفؤاد الشاوي اللذان كان لهما حضورهما الحزبيّ منذ أربعينات القرن الماضي، خصوصاً اسكندر الذي مُنح رتبة الأمانة وتولّى مسؤوليات مركزية.

11 نرجّح أنه الرفيق عيسى بندقي الذي كان ناشطاً حزبياً في حمص، ثم في لبنان والأردن، قبل مغادرة الوطن إلى البرازيل. للاطلاع على ما نُشر عنه الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.

12 رفيقان نشطا بدءاً من ثلاثينات القرن الماضي، وحملا اسم جرجس أبو جودة:

ـ جرجس طانيوس أبو جودة، عُرف بـ«أبي فاروق»، كان شاعراً شعبياً،

والد الأمين فاروق أبو جودة، والأمينة ناديا مسعد حجل، ورفيقات.

ـ جرجس خليل أبو جودة، تولى أكثر من مرة مسؤولية مدير مديرية جل الديب، والد الرفيق سمير أبو جودة، هو المقصود في الزيارة التي قام بها الأمين أمين الأشقر حسبما أفادنا الأمين فاروق أبو جودة.

13 مهندس، ساهم في وضع الخرائط. فالاشراف على بناء دار سعاده، يعاونه الرفيق المهندس إدغار عبود الأمين لاحقاً، عميد المالية .

14 من الهرمل، محام، كان إلى جانب النقيب محمد زغيب عند استشهاده في معركة المالكية. للاطلاع على سيرته الدخول إلى الموقع المذكور آنفاً.

15 فريد مبارك: مراجعة النبذة المعمّمة عنه بتاريخ 31/03/2015.

16 المقصود هو الرفيق فاضل آنتيبا وعقيلته الرفيقة فايزة معلوف التي تولّت مسؤولية منفذ عام للسيدات، وكانت وراء تنظيم الحفلات الاجتماعية التي سنعمّم عنها لاحقاً.

الأمينة سهام جمال… باقية باقية

ل ن

بعض الناس تبكيهم مرة، وآخرون مرّات. تُرى، كم مرة يا أمينة سهام سنبكيكِ. لا بل هل سنتوقف.

نبكي الرفيقة المتألقة وعياً عقائدياً والتزاماً وجدانياً.

نبكي المذيعة التي كان متوقّعاً أن يكون لها شأنها في الحضور الإعلامي، على درب تلك الكبيرة عبلة خوري التي صُنّفت كأروع من وقفت وراء مذياع.

نبكي المثقفة الأديبة التي بنت حضوراً حلواً بين الفنانين والأدباء. فإذا رغبت أن ترى أعمالهم، قصدت منزلها الرحب ووقفت مشدوهاً أمام عشرات اللوحات لكبار الفنانين اللبنانيين.

نبكي المرأة التي ترجمت طموحها النسائي القومي الاجتماعي في «تجمّع النهضة النسائي»، مشاركةً في التأسيس 1979 فترؤسه في الفترة بين 1993 ـ 1997.

نبكي الرفيقة الجريئة، الصلبة، التي كانت لصيقة بالثورة الانقلابية، ثم الأسيرة في الثكنات والقواويش، تتحمل الهوان والعذاب، وتُبقي نظراتها سيفاً في وجه الطغاة.

إذ يحكي الحزب عن دور المرأة القومية الاجتماعية على مدى سنوات النضال، سيكون لك يا أمينة سهام حضور متقدّم إلى جانب المئات من الرفيقات، ومن أمّهات شهداء ومناضلين وزوجاتهم، لم يؤدّين القَسَم، إنما أدّين أحلى الوقفات، وكنّ باسقات في وقفات العزّ.

فالحزب الذي يفخر بشبابه يتسابقون نحو الشهادة، يفخر أيضاً بالرفيقات وبأمّهات الرفقاء وزوجاتهم، اللواتي لم يتراجعن أمام هول، ولم يهربن من أمام عاصفة.

وكم هو واجب أن يسطّر الحزب ذلك التاريخ المليء بالعزّ للمرأة القومية الاجتماعية. وأن يكتب شعراء الحزب وأدباؤه تلك الملاحم الرائعة التي عرفها تاريخه منذ البدايات الأولى.

الأمينة سهام،

كنتِ بمثابة الأخت. التصقتُ والأمينة إخلاص معك ومع الأمين أنيس حالةً واحدة على سنوات طوال. وسكنتِ أعماق الحبّ والمودّة والثقة والارتياح.

عندما سقط عليكِ المرض، كم رجونا أن تسقط عجيبة أخرى ، فتشفين. فأمامكِ أعمال كثيرة لم تُنجز. كم وعدتِ أن تكتبي سيرتك الغنية، الشخصية منها والنضالية في حزب امتلك كلّ جوارحك.

كم وُعدنا أن نقرأ لكِ الكثير من المقالات الأدبية التي تطلع من وجدانكِ، صادقةً، جريئة، معبّرة عن ذات ولا أحلى.

رحلتِ يا أمينة سهام، ونحن ننتظر. ففي داخلك كنوز كنّا نريدها أن تخرج إلى الناس، لكنّها رحلت معك.

أيتها الأخت، الرفيقة، الأمينة،

لن نقول لك وداعاً، فأنت ستبقين في ذاكرة كل من عرفك، كأحلى النساء.

حزني عليك عميق. عميق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى