بروح رياضية

حسن الخنسا

تعيش أندية كرة القدم اللبنانية حالة من اللااستقرار التي لا مثيل لها في عالم كرة القدم، فقد حققت هذه الأندية رقماً قياسياً من نوعٍ آخر لجهة تبديل المدربين أو المدراء الفنيين. ويظهر للمتابعين أن 75 في المئة من الأندية اللبنانية بدّلت مدرّبيها مرة واحدة على الأقل خلال هذا الموسم.

وتعتبر هذه الظاهرة خطيرة على المستوى الفني للعبة في لبنان، وتظهر جلياً آفّة تبديل المدربين من خلال حديث يواكيم لوف مدرب منتخب ألمانيا الفائز بكأس العالم 2014 في البرازيل، إذ قال عقب إقالة مايكل سكيبه من تدريب اينتراخت فرانكفورت وحلول كريستوف داوم بديلاً منه: «إن موجة التغييرات في صفوف مدربي الأندية الألمانية يمكن أن تضرّ بالاحترام الذي تحظى به المسابقة».

بدأت الحكاية مع إقالة مدرب الشباب الغازية فؤاد ليلا ليحلّ مكانه مالك حسون لاعب الأنصار السابق، وتوالت الاستقالات والإقالات مروراً بالنبي الشيت الذي تنازل عن الكابتن موسى حجيج بعد أن حقق نتائج جيدة مع النادي الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء، وانتهت قبل أيامٍ قليلة بتعيين المدرب التشيكي ليبور بالا بدلاً من جمال طه الذي حقق نتائج لا بأس بها مع النادي الساحلي في ظلّ الظروف الإدارية والفنية التي ألمت بالنادي في بداية الموسم.

عزل المدرب السوري فؤاد ليلا عن دفّة تدريب الشباب الغازية لأسباب فنية وعيّن مكانه لاعب الأنصار المميز مالك حسون، لكن تميّز حسون كلاعب لا يعني أنه مدرب قدير على رغم تألقه على رأس الجهاز الفني للنادي الجنوبي بحيث وضعه في المنطقة الدافئة في وسط الترتيب، لكن تبديل المدرب لمجرد خسارة مباراة لا يعني إلا أن الأندية اللبنانية لا تتمتع بالاحترافية في عملها.

وجاء خبر إقالة الكابتن موسى حجيج مدرب النبي الشيت ليكون صفعة للجماهير اللبنانية التي لم تختلف في أن النادي الصاعد حديثاً إلى الأضواء وضعه حجيج في صدارة الترتيب بداية الموسم وأصبح من الفرق التي يهابها مخضرمو الدرجة الأولى.

واستغنى الأخاء الأهلي العاليه عن مدربه فادي العمري ليتسلّم السوري حسين عفش الإدارة الفنية بدلاً منه، بينما المشكلة لا تكمن في المدرب داخل أسوار النادي الجبلي إذ إن الفريق يعاني في صفوف لاعبيه، والدليل أن تغيير المدرب لم يجعل الفريق في المنطقة الآمنة في الدوري بل هو الآن في المركز العاشر ينافس على الهروب من الهبوط.

وتعتبر خطوة انتقال المدرب موسى حجيج إلى تدريب الراسينغ اللبناني هي الأجرأ في هذا الموسم الكروي، إذ انتقل حجيج إلى النادي في أواخر الموسم وسندباد الكرة اللبنانية في موقع لا يحسد عليه في ذيل الترتيب.

ويأتي خبر تعيين بالا بدلاً من جمال طه على رأس الجهاز الفني لشباب الساحل الأكثر مفاجأةً، بحيث أن طه انتقل بالفريق من ذيل الترتيب إلى وسطه في المنطقة الدافئة بعد أن عانى النادي إدارياً وفنياً في بداية الموسم وهذا إنجاز يسجّل لطه.

كل ما تقدم هو قليل مما حدث هذا الموسم داخل مكاتب الأندية اللبنانية، وهذا الأمر خطير على المستوى الفني للنوادي والكرة اللبنانية بشكلٍ عام لأنه صحيح أن تغيير المدرب هو الحل الأسهل في أغلب الأحيان لكنه ليس بالحل الأمثل. وإذا أخذنا الأندية الأوروبية أمثلةً نتعلم منها كرة القدم، نرى أن مانشستر يونايتد عانى الأمرّين هذا الموسم لكنه لم يبدّل المدرب الهولندي لويس فان غال على رغم نتائجه السيئة التي لم تكن أفضل من سلفه ديفيد مويز، كما أن بروسيا دورتموند الألماني تذيّل الترتيب في بداية الموسم مع مدرّبه يورغن كلوب لكن إدارة النادي منحت المدير الفني فرصةً للعودة بالنادي إلى السكة الصحيحة وهذا ما حصل بالفعل إذ هرب الأخير من خطر الهبوط إلى الدرجة الثانية.

ولا يختلف الخبراء في عالم كرة القدم على أن تغيير الجهاز الفني بشكلٍ مفرط يؤدي إلى الرعونة الفنية وضياع الخطة والتكتيك، لذلك يجب إمهال أي مدرب في العالم موسماً كاملاً على الأقل مع الفريق كي تتبيّن قدرته على إدارة ناديه ومن ثم يتم الحكم عليه بإنصاف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى