جنيف 3 وحتمية الحل السياسي للأزمة السورية
نيبال هنيدي
يبدو أن العالم بدأ يستدير – مرغماً – الى اتجاه دعم الحل السياسي في سورية بعد أن تبلورت ملامحه على الأرضية التي وضعتها مشاورات موسكو 2.
ارتدادات الأجواء الإيجابية لمنتدى موسكو 2 انعكست في ما كتبته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية في تقرير استبعدت فيه هزيمة الرئيس السوري بشار الأسد عسكرياً.
وفي هذا السياق، شكلت مشاورات موسكو منصة لعقد مؤتمر «جنيف – 3» ، بحسب تعبير منسقه فيتالي نعومكين، والذي شدد على أن هذه المشاورات ليست بديلاً من إطار مؤتمر جنيف الذي يعتبر ساحة دولية رسمية، بينما موسكو تعد ساحة للقاءات تشاورية».
المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا صرح في اليوم الأول لانعقاد مشاورات موسكو 2 أن حل الأزمة يجب أن يتم على يد السوريين من دون غيرهم، فيما أفادت مصادر دبلوماسية أنه سيقترح إجراء مشاورات جديدة في جنيف ومن المرجح أن تنطلق في أيار أو حزيران لتقييم فرص للتوصل إلى أرضية مشتركة تشمل ممثلين عن الأطراف السورية ومن بعض الدول أيضاً، كما أن هذه العملية لن تكون مفتوحة بشأن مدتها.
أما أميركا والتي دعمت الجولة الأولى من مشاورات موسكو، قبل اتفاق الإطار حول الملف النووي الإيراني، وصرحت على لسان وزير خارجيتها جون كيري بأن الحل في سورية يستوجب التفاوض مع الرئيس بشار الأسد، وأنها ستبذل جهوداً مع دول أخرى لإحياء مسار التسوية.
وبعد المعلومات المؤكدة عن استئناف المفاوضات بين إيران والمجموعة السداسية حول الملف النووي الأسبوع المقبل، في السعي لإنجاز الاتفاق النهائي، وعقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران وتركيا متفقتان على ضرورة إنهاء الحرب في اليمن وتشجيع العملية السياسية، مضيفاً أن المحادثات تناولت الأوضاع في العراق وسورية وفلسطين، فيما جاءت زيارة أردوغان بعد يوم واحد من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن نايف المفاجئة أنقرة حيث بحث مع أردوغان الملفين اليمني والسوري وغيرهما من المسائل.
ليأتي التغير في الموقف التركي من الأزمة في اليمن على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والذي دعا كلاً من إيران والسعودية للتعاون مع بلاده للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في اليمن، معلناً تطابق وجهات النظر بين بلاده وإيران في هذا الصدد، لتكوين نهج إداري في اليمن يشمل الجميع.
التحركات الدولية والمصالح الإقليمية تطرح العديد من الأسئلة على رأسها، هل سينعكس موقف تركيا حيال الأزمة اليمنية إيجاباً على توجهها نحو دورها في الأزمة السورية أم سيكون للعبة الانتظار وقع آخر؟
رئاسة الجمهورية التركية صرحت بـ»أنه يجب تطوير العلاقات التركية الإيرانية كدولة جوار لها مسؤولية ودور كبير في المنطقة»، وبات أردوغان يعلم أن أحلامه انتهت بإسقاط سورية، بعد فشل آخر محاولاته في إدلب، واستعداد الجيش السوري لعملية عسكرية لتحريرها، وتراجع دعمه للنصرة بعد أن صنفتها أنقرة على أنها منظمة إرهابية، ولا بد لتركيا في هذا الصدد من أن تعيد ترتيب أوراقها، خصوصاً بعد تهافت الوفود الدولية والعربية إلى سورية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
لم يعد أمام المجتمع الدولي إلا الاعتراف بضرورة الحل السلمي والسياسي للأزمة السورية، وبانتظار جنيف 3، تسير الدولة السورية في المصالحات، ويخطو الجيش السوري ثابتاً على الجبهات.