بري: بيروت مستعدة لاستضافة حوار حول اليمن… بدلاً من تلقي أصداء المدافع

كتب المحرر السياسي:

يقترب الأسبوع الثالث من الحرب السعودية على اليمن من نهايته، فيما الحرب تستمر بوتيرة تتشابه أيامها، سواء في الدمار والخراب أو المراوحة العسكرية في المكان، فالحصار البري والبحري والجوي، يضغط على اليمنيين، وكذلك النار والحرائق، لكن عسكرياً الوضع يشبه ما كانت عليه غزة تحت الحصار والنار «الإسرائيليتين» طوال سنوات، ولم يغير ذلك من معادلات الميدان، وكل الكلام عن تقدم يحققه أنصار منصور هادي، يبدو مجرد رغبات سعودية، تنفيها البلاغات العسكرية السعودية نفسها عن قتال مستمر في عدن، وأحيائها نفسها منذ اليوم الأول، خور مكسر والمعلا والمعاشيق وكريتر، ومثلها المكلا وبقاء باب المندب تحت سيطرة الجيش واللجان الثورية.

القرار الدولي الذي فرح له السعوديون لم يقدم سوى الكسب المعنوي عملياً، فالعقوبات المالية معلوم سلفاً أنها تطاول فريقاً ليس لديه حسابات في مصارف ولا استثمارات، ومنع السفر نوع من التسلية، عند الحديث عن قادة لا يتركون شعبهم في السلم فكيف سيفكرون بتركه في الحرب؟

تدور الحرب على نفسها، وتراكم مزيداً من التآكل في المهابة السعودية والعجز عن ترجمة صورة الدولة القوية التي كانت تقود المنطقة، فصارت مضطرة لمسايرة دول الخليج التي بقيت وحدها مع مصر توفر لها غطاءً هشاً لحربها. وتصير الحكومة المصرية مرتاحة لوضعها السعودي، فبدلاً من التمنين بالمساعدات المالية وتسديد فواتيرها في السياسة، صارت الحكومة المصرية تطلب ما تراه ثمناً مشروعاً لتغطيتها الحرب السعودية، وتقديم بوليصة التأمين لشعور سعودي بالاستناد لدولة تملك جيشاً برياً قوياً، سيشارك بالمناورات البرية مع جيشها، ولو كانت تعلم أنه لن يشارك في المعارك الحقيقية في اليمن.

على المستوى السياسي، أعلنت طهران بلسان وزير خارجيتها، مبادئ الحل السياسي، بوقف النار، وتقديم المعونات الإنسانية، وبدء الحوار، وحكومة يمنية ذات قاعدة تمثيل واسعة، وهي عناوين تلتقي عليها إيران مع باكستان وتركيا وروسيا وعمان، وتنتظر على رغم الرفض الذي أعلنه السفير السعودي في واشنطن، المزيد من الوقت لتحويل هذه العناوين إلى مبادرة سياسية.

من البوابة اليمنية أيضاً، دخل لبنان على خط الأدوار السياسية الإقليمية، بعدما أنتقل رئيس مجلس النواب نبيه بري من التطلع لانتظار لبنان تلقي بوادر التفاهمات إلى المساهمة المتواضعة في صناعتها. فالمؤتمر البرلماني العربي الذي سيعقد في بيروت نهاية الشهر الجاري يشكل فرصة ومنصة يسعى الرئيس بري لجعلها الحجرة اللبنانية التي تسند خابية عربية تتداعى وتهدد بالسقوط المدوي وفقدان كل ما فيها من زيت.

اللافت كان ربط بري مبادرته التي قدمها بتحفظ وأناة، بإيراد بيروت إلى جانب تعداده لمن يمكن أن يستضيف مثل هذا الحوار كمسقط والجزائر، قائلاً وربما بيروت، بخوفه من أن يكون بديل غياب الحوار هو أن تتردد أصداء المدافع في كل مكان، بعدما بدا أن الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل يحتاج منه قبل كل جلسة، عملية صيانة من الأعطال التي يكون قد تسبب بها مناخ الريح الحارة الآتية من الحرب السعودية على اليمن.

لا يزال مصير حوار حزب الله تيار المستقبل محور تساؤلات في ظلّ استمرار التصعيد والسجال بين الفريقين على خلفية الأزمة اليمنية. وبانتظار إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم غد الجمعة التي سيؤكد خلالها دعم حزب الله للشعب اليمني ورفضه للعدوان السعودي على اليمن. أكّدت العلاقات الإعلامية في حزب الله «أنّ ارتباط تيّار المستقبل بالنظام السعودي وسعيه إلى إرضائه واستماتته في الدفاع عنه لن يجعل الحزب يسكت عن العدوان على الشعب اليمني»، متهماً «نظام آل سعود بأنّه يعمل على استئجار الذمم والضمائر لتفتيت الدول وقتل الأبرياء». واعتبرت العلاقات الإعلامية، في بيان، «أنّ نظام الجهل وتصدير الإرهاب لا يمكن أن يكون موضع مقارنة ظالمة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية».

ضغط سعودي على المشنوق

وعلمت «البناء» من مصادر واسعة الإطلاع «أنّ كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق في فندق فينيسيا أول من أمس جاء بناء على طلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي من السفير السعودي علي عواض عسيري والجهات السعودية المعنية الضغط على المشنوق لاتخاذ موقف ضدّ إيران وحزب الله يوازي المواقف الحادّة التي يأخذها ريفي، لا سيما أنّ المشنوق يطمح للوصول إلى رئاسة الحكومة ويتجنّب التهجّم على حزب الله. ولفتت المصادر إلى «أنّ السعودية استجابت لريفي واقتنعت بوجهة نظره ووجدت أنّ طلبه في محله في هذا الظرف، فطلب عسيري من المشنوق انتهاج سياسة أخرى في مواقفه ضدّ حزب الله وإيران». وأكدت المصادر «أنّ الزيارة التي قام بها السفير السعودي إلى وزير الداخلية أمس كانت لتهنئته على الخطاب ودعوته إلى الاستمرار في هذا الطريق».

حزب الله لن يكون البادئ بقطع الحوار

وبالتوازي مع احتدام السجال، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن جلسة الحوار أول من أمس كانت استمراراً للجولات السابقة للحوار، ولم تتأثر بالتصعيد الإعلامي الحاد». ولفتت المصادر إلى «مدى الفصل بين شكلية الحوار وجدية التناحر». وشدّدت على «أنّ حزب الله مستمرّ بالحوار طالما أنّ تيار المستقبل لم ينقطع عن حضور جلسات عين التينة، ولن يكون البادئ بقطع الحوار».

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» «أنّ الحوار ضرورة لنا ولحزب الله، ولولا الحوار لكان الاحتقان أكبر بكثير مما هو عليه اليوم»، مشيرة إلى «أننا لن نتراجع عن ثقافة الحوار على رغم الهوة الكبيرة مع حزب الله في الكثير من الملفات الخارجية المتعلقة بسورية واليمن والعراق». ولفتت إلى «أننا نتحاور مع حزب الله أولاً لأننا نختلف معه، وثانياً لتخفيف الاحتقان، وفتح ثغرة في الموضوع الرئاسي، ولكن الحوار لن يسكتنا عن مهاجمة التدخل الإيراني في الشؤون العربية».

بري مستعدّ لتسهيل إجراء حوار عربي في لبنان

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أنّ ما نسمعه من أصداء للمدفعية والسلاح سيتفاقم إذا لم نبادر إلى الحوار السعودي – الإيراني، وعلى الأخص ما يتصل بالساحة اليمنية». وسأل بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء»: «ما هو العائق أمام انعقاد الحوار طالما أن الفرقاء جميعاً أكدوا الحوار، من الجمهورية الإسلامية إلى المملكة السعودية إلى الحوثيين؟» وتابع: «إذا كان المكان هو العائق لماذا لا تستضيف سلطنة عُمان الحوار إذا كان الإصرار على أن يكون الحوار في إطار خليجي، أو الجزائر إذا أردنا أن نوسع الأفق عربياً؟» لافتاً في الوقت نفسه إلى «أن لا مانع من عقد الحوار في لبنان»، مبدياً استعداده لتسهيل هذا الأمر، لا سيما أنّ لبنان سيشهد مؤتمراً للبرلمانيين العرب أواخر الشهر الجاري وسيحضره عدد كبير من رؤساء البرلمانات العربية.

الموازنة اليوم في مجلس الوزراء

في غضون ذلك، يناقش مجلس الوزراء في جلسته المقرّرة قبل ظهر اليوم مشروع موازنة العام 2015 الذي أعدّه وزير المال علي حسن خليل مع فذلكة الموازنة. وأشار وزير الشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي لـ«البناء» إلى أنّ مناقشة الموازنة تحتاج إلى أكثر من جلسة ولن تقرّ في جلسة اليوم، فالوزير خليل سيطرح فذلكة الموازنة للنقاش. وأكد أنّ الصيغة التي ستقرّ على أساسها الموازنة في مجلس الوزراء لن تناقش موضوع قطع حساب الـ 11 مليار دولار التي صرفت من خارج الموازنة في حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة، كما لن تناقش ربط البعض إقرار سلسلة الرتب والرواتب بصيغة الموازنة، معتبراً أنّ هذا الموضوع سيناقش في مجلس النواب عندما ترسل الحكومة إليه مشروع الموازنة».

الجلسة التشريعية في 3 أيار

وفيما تعقد الجلسة التشريعية في 3 أيار المقبل بحسب ما نقل زوار الرئيس بري عنه أمس، أرجأ رئيس المجلس اجتماع هيئة مكتب المجلس المقرّر اليوم إلى يوم الاثنين لحسم جدول أعماله، وذلك لارتباط عضو المكتب النائب مروان حمادة بالاحتفال التكريمي الذي تقيمه النائب بهية الحريري على شرفه في صيدا ومشاركة عضو المكتب النائب أحمد فتفت أيضاً في الاحتفال».

لودريان في بيروت الاثنين

ولمناسبة تسليم لبنان الدفعة الأولى من السلاح الفرنسي بموجب هبة الثلاثة مليارات دولار المقدمة للبنان من السعودية يصل إلى بيروت يوم الاثنين المقبل وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان وسيقام في المناسبة احتفال يحضره كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، على أن يعقد لودريان خلال زيارته التي تستمر يومين لقاءات مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي ويتفقد كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات «اليونيفيل» في الجنوب ويجتمع إلى أركان القيادة.

وفي الشأن الرئاسي، يلتقي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم سفراء الدول الكبرى. وأكدت مصادر بكركي لـ«البناء» «أنّ اللقاء سيبحث في الوجود المسيحي في الشرق، وسبل انتخاب رئيس للجمهورية».

هل يطلق سراح يازجي وإبراهيم؟

وعلى صعيد ملف المخطوفين، رجحت مصادر مطلعة لـ«البناء» احتمال إطلاق سراح المطرانيْن يوحنا إبراهيم وبولس يازجي اللذين اختطفا على يد تنظيم «داعش»، بوساطة قطرية مقابل فدية مالية كبيرة». ورجحت المصادر احتمال أن يؤدّي إطلاق سراحهما إلى إطلاق سراح الجنود المختطفين، مقابل إطلاق سراح بعض الموقوفين في رومية الذين لم تصدر بحقهم أحكام قضائي وتأمين ممر آمن لعناصر «جبهة النصرة» للانتقال من عرسال إلى الزبداني». ولفتت المصادر إلى أجواء تتحدث عن عودة الوساطة القطرية بثقلها إلى ملف المخطوفين، وبالتوازي مع اللقاءات التي عقدها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في تركيا مع جهات قطرية وتركية لإنهاء الملف».

وأكد إبراهيم بحسب ما نقل عنه «أننا فتحنا باباً للتفاوض مع جبهة النصرة يوحي بالأمل والطمأنينة». إلا أنّ أوساطاً سياسية أشارت لـ«البناء» إلى «أنّ المطالب النهائية لجبهة النصرة لم تتحدّد، ولذلك لا نستطيع القول إنّ الحكومة قادرة على تلبية مطالبها طالما أنّ هذه المطالب لا تزال تتغيّر بين حين وآخر».

ورجحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن ينتهي ملف العسكريين في وقت قريب»، لافتة إلى «أنّ جبهة النصرة في القلمون تعاني من ضيق نتيجة الحصار». وذكّرت المصادر بـ«أنّ الإفراج عن مخطوفي أعزاز الذين خطفوا في حلب تمّ بعد أن تعرّضت المنطقة التي كان المخطوفون فيها لهجوم كبير من تنظيم «داعش» في تلك الفترة ما أجبر «جبهة النصرة» والمسؤول عن هذا الملف يومذاك أبو إبراهيم، على إطلاق سراحهم مقابل مبلغ من المال. واعتبرت المصادر الوزارية «أنّ المعلومات المتداولة عن أنّ تنظيم داعش أخلى الجرود وأخذ معه المخطوفين لديه غير مؤكدة»، معتبرة «أن هذا الملف يجب أن يحلّ عبر عملية عسكرية لتحرير المخطوفين».

وفي السياق، يجتمع أهالي العسكريين السبت المقبل مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل أبو فاعور للإطلاع على آخر المعطيات المتصلة بحقيقة إطلاق سراح العسكريين قريباً.

ملفّ عميد حمود إلى النيابة العامة التمييزية

قضائياً، أرجأت جلسة محاكمة زياد علوكي وسعد المصري المتهمين بتأليف مجموعات مسلحة والقتال مع مجموعات في جبل محسن والاعتداء على الجيش، إلى 13 أيار المقبل، وأحالت المحكمة العسكريّة الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل إبراهيم، ملفّ عميد حمود إلى النيابة العامة التمييزية لاتخاذ القرار المناسب في شأنه. يأتي ذلك بعد أن أكد علوكي خلال جلسة المحاكمة أنّ المسؤول في تيار المستقبل عميد حمود هو من أعطاه السلاح، لافتاً إلى أنه «أعاده إليه عند بداية تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس». وكشف علوكي «أنّ حمود كان يرسل عدداً من مجموعته بينهم أيمن الأبرش لإطلاق قذائف من الحارة البرانية على جبل محسن، ولا يزال يملك عدداً كبيراً من مخازن الأسلحة في الشمال. وأشار المصري بدوره خلال الجلسة إلى أنه «تلقى تهديدات من عميد حمود من داخل السجن بأنه سيبقى فيه».

إلى ذلك، عزز الجيش من انتشار وحداته في وسط طرابلس وفي محيط الأسواق، وسيّر فيها دوريات راجلة ومؤللة. كما عزز الجيش من إجراءاته في محيط مراكزه في الزاهرية والغرباء، حيث تم تحويل السير عن الطرقات المؤدية إليها. وسلم 8 أشخاص من مجموعة الإرهابي خالد حبلص أنفسهم إلى شعبة المعلومات وهم 4 أشقاء من آل عكوش و4 آخرين من آل كويدر وجميعهم من المنية، ما يرفع عدد الموجودين رهن التحقيق في هذه القضية إلى 12 شخصاً.

واليوم تمثل نائبة مديرة الأخبار في تلفزيون «الجديد» الإعلامية كرمى الخياط أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي عند الساعة 10:30 في قضية تحقير تلفزيون «الجديد» المحكمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى