معرض الربيع السنوي للفن التشكيليّ السوريّ

دمشق ـ سمير طحان وميس العاني

قدم أكثر من مئة وأربعين فناناً وفنانة من الشباب أعمالهم التشكيلية الجديدة في معرض الربيع السنوي الذي افتتح في المركز التربوي للفنون التشكيلية في دمشق.

ضم المعرض تقنيات التصوير الزيتي والنحت والغرافيك والمشاريع التجريبية بأساليب متنوعة تفاوت فيها مستوى الأعمال بحسب التخصصات، بين الجيد والمقبول، ليعكس واقع الحركة التشكيلية الشبابية، علماً ان أغلب الفنانين المشاركين من حديثي التخرج.

وقالت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أكدت «أن الوزارة مستمرة في دعم الفنانين الشباب ورعايتهم هم وإبداعاتهم»، معتبرة أن إقامة هذا المعرض دليل على أن الحياة لا تتوقف، فالكل يجاهد في زاويته وميدانه ونطاقه، لافتة إلى أن الأزمة في سورية جعلت معارض الفن التشكيلي «أكثر انتقائية» مما كانت عليه قبل الأزمة. وأضافت إن المعرض ليس سوى جزء من دعم وزارة الثقافة للفنانين وصولاً إلى تحقيق طموح الوزارة في تشكيل متحف للفن الحديث يعرض هذه الكنوز التشكيلية كلها. وأشارت إلى ازدياد الإقبال على المشاركة في الأنشطة الثقافية خلال الفترة الأخيرة وتضاعف أعداد الفنانين التشكيليين ممن يطالبون بالمشاركة في المعارض السنوية، ما يدلّ على أن الفنان السوري يحارب عامة بريشته وألوانه وفكره ووجدانه. واعتبرت أن الانسان المبدع والمفكر والمثقف ذو دور قيادي في مجتمعنا وإنتاجه موجه للفكر الإنساني عامة، مؤكدة أننا في حاجة لدعم فكرنا وجهد مثقفينا التنويري «لأن الثقافة والفن في الأزمات هو قتال مثل القتال في ساحة المعركة».

الدكتور حيدر يازجي رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين قال من ناحيته «إن هذا المعرض لكونه مخصصاً لفئة الشباب يشكل فرصة لهم كي يعملوا ويقدموا أعمالهم وتجاربهم للناس لتكون رافدة للحركة التشكيلية السورية»، مبيناً أنه تم اختيار الأعمال المعروضة من بين عدد كبير من الأعمال التي تقدمت للمشاركة فاختارت لجنة التحكيم الأفضل ليعرض. وأضاف إن تنوع الأعمال المعروضة في المواضيع والتقنيات والأساليب يعبّر عن مستوى الفن السوري اليوم، فعندما يقدم الفنانين الشباب تجاربهم التي تحاكي الواقع الذي نعيشه بأسلوب واقعي مباشر أو أساليب غير مباشرة يعتبر خطوة مهمة للحركة التشكيلية السورية ويطوّرها.

من ناحيته، أشار عماد كسحوت، مدير الفنون الجميلة، الى أن الوزارة افسحت هذا العام المجال لجميع أنواع الفنون التشكيلية وابداعات الشباب للمشاركة، بغية تشجيعهم، ما ساعد في عرض فنون تنتمي إلى الفن المعاصر. ولفت كسحوت إلى حاجة الشباب إلى الدعم والذي تحققه وزارة الثقافة لإفساح المجال لهم عبر إقامة المعارض لهم واقتناء لوحاتهم ليقدموا تجاربهم ويرفعوا سوية العمل الفني في سورية، معتبراً أن جيل الشباب يحمل أفكاراً حديثة وخلاقة بمجال الفن.

الفنان التشكيلي الشاب سامي الكور شارك بلوحة عنوانها «عشاء» بأسلوب التعبيرية الانطباعية، معتمداً فيها على التناغم اللوني، مع تركيز كتلة الإضاءة على العناصر وانعكاسها، إضافة إلى دارسة العلاقة بين الكتلة والفراغ.

نيفين سيف اختارت المشاركة بلوحة عنوانها «موت» جسدت من خلالها حالة الموت وصوّرته باستخدام الأسلوب التعبيري وجعلت من الألوان وسيلة تصور من خلالها حالة انتقال الروح إلى النور.

تحت عنوان «أمل» كانت مشاركة الفنانة خولة العبد الله التي جسدت الأمل بصورة امرأة تنظر الى السماء بأسلوب سوريالي، معتبرة أنها صورت في لوحتها ما نحتاج إليه فعلاً في هذه الظروف وهو الأمل بأسلوب بسيط، موضحة أن سبب اختيارها صورة المرأة تجسيد فكرة الأمل، لأن المرأة رمز الحياة.

الفنانة الشابة كارولين سمرجيان شاركت بلوحة عنوانها «هارموني» وأسبغت على لوحتها شعورها وأحاسيسها لترسم ما تشعر به من خلال الألوان القوية والإحساس.

فيما تركت الفنانة سهير العطار للمشاهد حرية وضع عنوان للوحتها التي صورت فيها مجموعة من أزهار التوليب وقالت إنها اختارت هذا النوع من الورود لحبها لها وشكلته بتقنية الألوان المائية بأسلوب يعتمد البساطة والاختزال.

الفنانة ضحى الخطيب فشاركت بلوحة «عشاء أخير مع آخر الفرسان» تضمنت ذكريات من الزمن الماضي تجسد صورة الحب.

تحت عنوان «مشهد» شاركت الفنانة عزة حيدر بلوحة تعكس الأفق إذ صورت فيها منظراً طبيعياً للربيع بطريقة مبسطة ومختزلة تاركة للمتلقي أن يفسر اللوحة على هواه وفق احتمالات كثيرة.

من ناحيته قال الفنان فواز سلامة: «إن مشاركتي هذه هي الأولى بعد رجوعي من الدراسة في روسيا، وهذا المعرض يعبر عن استمرار الحركة التشكيلية، وهذا أمر مبشر بالتجدد والتطور لدى الفنانين الشباب رغم الظروف الصعبة».

الفنانة رنا حسين، المشاركة بعمل نحت عنوانه «رولييف» يحمل فكرة التفاحة والجاذبية وعلاقتها بالمرأة، في جدلية فكرية فنية معبرة عنها بيد تحمل خيط قطعت منه التفاحة مع وجه لامرأة في الأعلى قالت: «إن معرض الربيع تحديداً يعتبر داعم للفنانين الشباب ويعزز الثقة بعملهم الفني كما يقدم التجارب والأفكار المتجددة والمتطورة.

قدمت الفنانة رهف مرتضى خريجة تصوير زيتي لوحة مائي على ورق تجسد حالة إنسانية بأسلوب واقعي تعبيري وقالت: «إن هذه مشاركتي الأولى في معرض الربيع فرصة لعرض لوحتي، خاصة اليوم في ظل الأزمة إذ لا يوجد صالات خاصة للعرض فأي فعاليات أو معارض شبابية تساعد الفنانين الشباب في عرض منتجهم الفني للناس.

أشارت الفنانة راما السمان، سنة رابعة فنون جميلة، قسم الغرافيك إلى أن ما دفعها إلى المشاركة للمرة الثانية في معرض الربيع هو رصد ردود أفعال الناس على عملها الفني لتتمكن من تصويب مسارها الذي تحاول أن تخطه لنفسها، إذ شاركت بعمل غرافيك عنوانه «العشاء الأخير» بتقنية «موني تيب».

النحاتة الشابة ديما سليمان تقول: أحببت أن أقدم عملا من خامة الخشب بأسلوب تعبيري يحمل فكرة الاحتواء ويعبر عن جسد المرأة وحالتها الإنسانية في الحياة من خلال الانحناءات والخطوط، كما يحمل العمل عدة أوجه ليعبر بطرائق متنوعة عن فكرة واحدة.

الفنان أحمد يوسف، سنة رابعة قسم تصميم مسرحي، قدم عملاً يعبر عن اربعة أشخاص هزيلين يحملون قوقعة، وهي فكرة مأخوذة من مسرحية للكاتب الروسي أنطون تشيخوف اعتبر أن مشاركته في معرض الربيع تجربة جيدة تدفعه إلى المشاركة في معارض قادمة أخرى، مبيناً أن مستوى أعمال النحت والتشكيل في الفراغ كانت جيدة وتحمل أفكاراً جديدة.

الخزاف مصطفى أنطاكي قال: «أردت تقديم عمل نحتي بخامة الخزف. المعرض يقدم أفكاراً وخامات جديدة ما يجعله أقرب إلى المتلقى بين الفنانين بمختلف اختصاصاتهم والحوارات التي تدور في المعرض تكسب الجميع آفاقاً فنية جديدة تطور في عملهم لاحقاً.

من ناحيته، يقول قال التشكيلي الدكتور علي سرميني الذي شاهد أعمال المعرض: «إن مستوى الأعمال المعروضة جيد بكل أقسام المعرض، وهذا يعكس التطور في الحركة التشكيلية السورية ويقدم مواهب جديدة تضيف قيمة إلى الفنانين القدامى، ما يجسد قانون التطور للحياة. المعرض يدعو إلى للتفاوءل بمستقبل جيد للفن التشكيلي السوري مليء بالأمل والجمال والإبداع.

يقدم معرض الربيع هذا العام تحية إلى الفنان التشكيلي السوري نذير نبعة إذ تضمن الكاتالوغ الخاص بالمعرض عبارات تؤكد أن المبدع نبعة علم على الساحة التشكيلية السورية، ويوم يتم اختير ضيف شرف مكرماً في هذا المعرض فإنما استجابة لرغبة عميقة قديمة لدى فنانين تعلموا منه الكثير حين كانوا شبّاناً وظلوا بعدما تخطوا مرحلة الشباب يحفظون في أعماقهم احتراماً وتقديراً غير عاديين لروح المبدع فيه ولنبل الإنسان».

تقول ريم يونس مصممة كاتالوغ المعرض إن فكرة التصميم انطلقت من كون المعرض هذا العام تكريم للفنان نبعة، فاخترنا ثلاث لوحات للفنان، واحدة للبوستر الإعلاني والثانية للكاتالوغ والثالثة لبطاقة الدعوة واستخدمنا تيمة «النافذة» انطلاقا من مواضيع لوحات الفنان نبعة المهتمة بتفاصيل البيت الدمشقي الصغيرة والتي تشكل نافذة لهذا العالم.

يستمر المعرض إلى 15 أيار الجاري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى