معركة تحرير «اليرموك» بدأت ولن تتوقف حتى تحريره
محمد شريف الجيوسي
فيما يشتد الحصار على مخيم اليرموك الفلسطيني المحاصر جنوب العاصمة السورية دمشق، وتعمل معظم فصائله على فك الحصار الإرهابي التكفيري المسلح عنه بمساعدة الجيش العربي السوري وصولاً إلى اجتثاث الإرهاب في هذا المخيم المقاوم، تصعد اللجنة التنفيذية العليا للدفاع عن العودة إلى فلسطين المحتلة عام 1948 في الأردن فعاليالتها، ويتظاهر عرب فلسطين المحتلة في الناصرة شاجبين الحرب الصهيوأميركية على اليمن بأيد عربية وبقيادة سعودية، وهي الحرب ذاتها التي تشن على سورية والعراق وليبيا بأدوات وأشكال مختلفة.
خذلت حركة حماس الشعب العربي الفلسطيني بنقل ما تعلمته من المقاومة اللبنانية إلى العصابات الإرهابية في سورية بل واشتركت عناصر منها إلى جانب هذه الجماعات في الحرب على سورية ومن قبل استغلت الثقة الممنوحة لها من قبل الدولة الوطنية السورية كحركة مقاومة مفترضة، منحت خلالها من الامتيازات ما لم يمنح حتى لحزب البعث العربي الاشتراكي، فإذا بها تستغل هذه الثقة لنقل المال والسلاح إلى «إخوانيي» سورية وتدريب عناصرهم في معسكرات التدريب التي منحتها سورية لحماس.
وتقف جهات فلسطينية أخرى موقفاً متخاذلاً من معركة تحرير مخيم اليرموك، بالامتناع عن المشاركة في حملة تحريره، فيما ما زال نحو 20 ألف فلسطيني من مجموع 300 فلسطيني كانوا يقطنون به منذ عقود، رافضين مغادرة المخيم المحاصر، على رغم كل المعاناة المفروضة عليهم من قبل العصابات المسلحة، فقد سئموا تكرار الرحيل والتهجير، وقرروا البقاء حتى فك الحصار عنهم أو الاستشهاد الجماعي. فضلاً عن مصاعب موضوعية تجعل من خروجهم أمراً شبه مستحيل في حال رغبوا بذلك.
ويجعل بقاء هؤلاء الفلسطينيين في مخيمهم اجتثاث العصابات الإرهابية من المخيم أكثر صعوبة، إذ تستغل هذه العصابات وجود هؤلاء كـ «دروع بشرية» يحتمون بها ويطيلون من خلالها أمد وجودهم في المخيم ولا يهم هذه العصابات التي تعلم أنها غير مقيمة فيه طويلاً، مدى التخريب الذي سيصيب المخيم ولا حجم الضحايا التي ستسقط جراء وحشيتهم ولا يهمهم أن يكسبوا أحداً من مواطني المخيم، باعتبار أنهم مرتحلون قتلاً أو فراراً أو استسلاماً.
ويراهن بعض أمراء العصابات الإرهابية الأكثر غباء وجهالة على جعل معركة المخيم مقدمة للتقدم نحو العاصمة السورية دمشق عبثاً، والتعويض عن حجم الخسائر الهائل الذي تمنى به هذه العصابات، يومياً على غير جبهة في سورية والعراق معاً، فيما يدرك بعضهم عبثية حتى مجرد البقاء في المخيم، وضرورة الانسحاب باتجاه الحجر الأسود الذي يتصل بالمخيم مباشرة، وتعزيز تمركزهم هناك، لكن الحجر الأسود الذي يعتبر الخزان البشري للاحتلال الراهن للمخيم، يجعل من الاستمرار في معركة المخيم باتجاه الحجر الأسود، أمراً مفروغاً منه، باعتبارها معركة واحدة عملياً.
وما ينبغي إدراكه وفهمه فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، أن وجه الشعب الفلسطيني الحقيقي، المقاوم والوفي والمناضل هو ما تعبر عنه الفصائل الفلسطينية المقاومة في سورية، ولجان العودة الفلسطينية في الأردن وغير الأردن، والمعتصمون في مدينة الناصرة الفلسطينية المحتلة، والأسرى في سجون الاحتلال من شباب ومسنين ونساء وأطفال، سواء من ما زال منهم قابعاً في سجونه أو من حُرّر، وشهداء فلسطين منذ فرض الانتداب الإنكليزي عليها حتى الآن ومستقبلاً، وليس الذين حرفوا البوصلة وكانوا الأقل وفاء وأكثر تآمراً، ولا المتخاذلون ولا الذين يرفضون المشاركة في تحرير المخيم بذرائع غير مقبولة وكاذبة.
معركة تحرير المخيم بالقوة بدأت، بعد فشل كل محاولات تحريره سلمياً وبالمفاوضات، ولن تنتهي هذه المعركة بحال، حتى يتم تحريره بالكامل ومحيطه، وإعادة مواطنيه إليه من فلسطينيين وسوريين وفتح مدارسه ومراكز خدماته مجتمعة.
لقد كشفت وأكدت وعرّت معركة تحرير اليرموك أشياء كثيرة، ونتائج ذلك ستكون مكلفة على الذين تآمروا أو تقاعسوا أو تخاذلوا أو أعطوا العصابات الإرهابية المبررات، وبعد حين ليس بعيداً، سيحاسب الشعب الفلسطيني المناضل كل هؤلاء، وليس التاريخ فحسب، فحساب التاريخ بعيد الأمد، لكنه حاصل أيضاً لا محالة.
m.sh.jayousi hotmail.co.uk