«الجديد» أمام المحكمة الدولية بتهمـة «عرقلة سير العدالة» خياط: المحكمة أنشئت من مالنا ومراقبة عملها مسؤوليتنا
مثلت قناة «الجديد» ونائب رئيس مجلس الإدارة في القناة كرمى خياط، أمس، أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي بتهمة «عرقلة سير العدالة وتحقير المحكمة»، وذلك في جلسة عقدت في العاشرة والنصف صباحاً استهلها وكيل الدفاع عن الزميلة خياط وقناة «الجديد» المحامي كريم خان بالقول: «إنّه لا يمكن أن نتيح أيّ محاكمات لا تكون فيها التهم مفصلة وفقاً للمادة السادسة عشرة للنظام الأساسي للمحكمة الدولية».
من جهته، قال رئيس «الغرفة الناظرة في قضايا التحقير» القاضي نيكولا ليتييري إنّ الادّعاء سيعرض قضيته اليوم أمس أو غداً اليوم والأسبوع المقبل ومضمون هذه الجلسات يتطلّب عقد جلسات مغلقة».
وعلى الأثر حولت الجلسة إلى سرية لعشر دقائق بطلب من محامي الدفاع عاودت بعدها جلستها إلى علنية عرض خلالها صديق المحكمة المدعي العام كينيث سكوت الاتهامات الموجّهة إلى قناة «الجديد» قائلاً إن «هذه المحكمة معنية بسياق وظروف أدّت إلى وفاة أشخاص منهم الرئيس رفيق الحريري»، لافتاً إلى أن «حرية التعبير مطلقة تماماً والصحافيين يشكّلون قانوناً قائماً بذاته ويجب أن يكونوا قادرين على كتابة كل ما يحلو لهم». وقال: «كان هناك الكثير من الادعاءات والمزاعم التي لا أساس لها في هذه القضية على مدى الأشهر الماضية»، وقال إن «نية الجديد في تقويض عمل المحكمة وترهيب الشهود كانت واضحة».
وأضاف سكوت إن «تلفزيون «الجديد» اعتبر أن 11 شخصاً مصنّفون في برنامج حماية الشهود وكشف هوياتهم وعرّضهم للخطر وكان بوسع أيّ شخص أن يحدّد هوية الأشخاص الذين تم الكشف عنهم».
وبعد عرض المحكمة الدولية سلسلة مقتطفات من تقارير «الجديد» التي عرضت فيها الشهود في المحكمة، قال سكوت: «لم تنته المسألة مع انتهاء سلسلة تقارير «الجديد» بل تم نشر الروابط على صفحة الجديد على «يوتيوب». وأشار إلى إن «الجديد» استمرّت بعرض التقارير حول الشهود على رغم تبلّغها قراراً بوجوب وقف البث في 12 آب 2012». واعتبر أن «نشر معلومات تتعلّق بشهود سرّيين يؤدي إلى زعزعة الثقة بالمحكمة وعرقلة سير العدالة».
خياط
ثم تحدثت خياط فقالت: «أكثر من نصف مليار دولار دفعناها في هذه المحكمة التي أنشئت من أجلنا ومن مالنا، ومراقبة عملها مسؤوليتنا، لذلك من حقنا التحقق من أن أموالنا تصرف في مكانها، فلو أعطي قضاؤنا من أموال وتسهيلات ما أعطي للمحكمة الدولية لكان فعل أفضل بكثير مما تفعله المحكمة في قضية رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.
إن مبنى المحكمة الدولية يشبه القصور، وقصر عدلنا مهدد بالانهيار وقاعاتنا متهالكة، كما أن راتب أرفع قاض في لبنان لا يتعدى الستة آلاف دولار أميركي.
إن كشف الحقيقة يمون على كل هذه التحفظات، وواجبنا كصحافيين أن نحاول تحسين سير العدالة حين نرى أن هذه المحكمة الدولية تقع في أفخاخ الأخطاء المتكررة التي أدت في أكثر من مرة إلى تضليل مسار الحقيقة».
وأضافت: «إن «قناة «الجديد» لم تتصور يوماً أنها ستتهم لأنها ستحافظ على مسار العدالة وجئنا إلى هنا كي لا نترك فريق الإدعاء يغرد على ليلاه مشهراً بنا، فهل حاسبت المحكمة القاضي ديتليف ميليس الذي سجن أربعة ضباط لأربع سنوات بناء على شهادات شهود الزور؟ وهل يسمح للمدعي العام الحالي أن يعرض حياة لبنانيين أبرياء للخطر عبر عرض أرقام هواتفهم علناً ويتهمهم بقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فأي عدل هذا الذي يعطي سلطة واحدة صلاحيات من دون مجلس أعلى يراقب ويحاسب؟ لذلك إن محاكمتنا تشريع للفساد وضربة موجعة للصحافة الاستقصائية التي تكافح للتغيير». وقالت: «لا عيب أن يدرك المدعي أن في بلادنا صحافيين أحراراً ولا عيب بالاعتذار من العدل والإعلام».
من جهته أعلن وكيل الدفاع عن «الجديد» والزميلة خياط المحامي خان في تصريحه التمهيدي أمام المحكمة الدولية، «أن خياط وأعضاء آخرين في تلفزيون «الجديد» تلقوا تهديدات بالموت لكنهم لم يستسلموا ولم يكموا أفواههم».
وقال: «الجديد محطة موضوعية، وحرية التعبير قيمة يجب أن تصان، الجديد واحة من الاستقلالية في صحراء حرية التعبير لتلفزيون الجديد الشرف بأن يكون غير طائفي وغير سياسي، إضافة إلى أن المحطة غير محبوبة لدى من هم في السلطة، فالجديد اشتهر بسعيه لإعطاء الأولوية للمصلحة العامة وهو من أكثر التلفزيونات متابعة في العالم العربي».
واعتبر «أن المحاكمة جنائية، والإدعاء لا يمكن أن يثبت الركنين المعنوي والمادي للقضية»، وقال: «لا نية جرمية في القضية بدليل عدم ذكر اسم أي شاهد وتحوير صورهم ووجوههم»، لافتاً إلى أن «كرمى خياط مثلت أمام المحكمة طوعاً وهذا دليل تعاون».
وسأل المحامي خان الادعاء: «لماذا لم تعطوا «الجديد» أي اسم، فالادعاء قال إن «الجديد» كان لديه أسماء، لماذا لم تعط الأسماء ولم تعرض الوجوه، ذلك بسبب انتفاء النية الجرمية». وأوضح «أن رئيس قلم المحكمة ليس لديه أي سلطة قانونية وليس له أن يعطي أي أمر بالتوقف أو الامتناع». وقال: «يبدو أن الدفاع هو من سرب المعلومات، هناك تسريبات من المحكمة وقد تجاهلها الادعاء وابتعد عنها».
وأكد خان، أن «الخلاصة الوحيدة هي بتبرئة الجديد»، وقال: «كان من البديهي وجود معيار ثابت في إثبات عناصر الدفاع»، مشيراً إلى أن «الاختصاصات المحلية غير كافية، ولكي تكون هناك إمكانية قبول يجب أن نثبت أن معظم الدول تعتمد القانون نفسه».
وفد إعلامي ونقابي وحقوقي وأكاديمي
وكان وصل أمس إلى لاهاي وفد إعلامي ونقابي وحقوقي وأكاديمي للتضامن مع قضية حرية التعبير والحرية الإعلامية تزامناً مع بدء محاكمة «الجديد» وخياط. وضم ممثلين عن نقابات الصحافة والمحررين والإعلام المرئي والمسموع إضافة إلى المجلس الوطني للإعلام وشخصيات حقوقية وإعلامية.
ردود فعل
وقال الوزير السابق فيصل عمر كرامي، في تصريح: «إننا نجدد موقفنا الداعم لحرية الإعلام، وتضامننا مع محطة «الجديد» والآنسة كرمى خياط، ولا ينفي هذا موقفنا الثابت والداعم لمعرفة الحقيقة، لكن من دون أن تنحرف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عن مسارها واختصاصها اللذان تم إنشاؤها لأجلهما».
وجدد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد، التعبير عن التضامن الكامل مع تلفزيون «الجديد»، ونائب رئيس مجلس إدارته الإعلامية كرمى خياط»، مجدداً «التضامن الكامل أيضاً مع جريدة «الأخبار» ورئيس مجلس إدارتها الإعلامي إبراهيم الأمين الملاحق من قبل المحكمة ذاتها.
بدوره قال نقيب محرري الصحافة اللبنانية الياس عون «إن أفكار الصحافيين والإعلاميين متجهّة إلى لاهاي حيث تمثل الزميلة كرمى الخياط أمام المحكمة الدولية، وهم متحدون معها، ومؤازرون لها، ومناصرون لقضيتها. إن الأسرة الإعلامية في لبنان ليست على خصومة مع الحقيقة وهي تسعى لإبرازها، ولأن ينال كل ذي حقّ حقه. وحبذا لو أن المحكمة الدولية، التي نحترم دورها ومهمتها، تتصرف بما تمتلك من أجهزة وإمكانات إلى تحديد قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وملاحقتهم والعمل على مثولهم أمامها، بدلاً من تخصيص حيّز من وقتها لاستجواب الزميلة الخياط ممثلة « تلفزيون الجديد»، في حين كان يجب إناطة هذا الأمر بالقضاء اللبناني، وتحديداً محكمة المطبوعات. إننا نعلن رفضنا لهذا الإجراء وإذا كنا لا نملك وقفه، فهذا لا يمنع أن نرفع الصوت عالياً للقول كفى. كما إننا ندين وبالقدر نفسه ملاحقة صحيفة «الأخبار» غيابّياً لرفضها المثول أمام المحكمة متمسكة بحّق سيادي لا تتنازل عنه».
واستغرب المكتب الإعلامي المركزي في المؤتمر الشعبي اللبناني، في بيان، «أن تلجأ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إلى محاكمة إعلاميين ووسائل إعلام لبنانية بما يتناقض وأبسط قواعد حرية التعبير التي تتغنى بها الدول التي تتشكل منها هيئة المحكمة».
وطالب البيان «الأمانة العامة للأمم المتحدة التي رعت قيامة هذه المحكمة بإصدار قرار بكف التعقبات بحق أي إعلامي يقوم بواجبه بهدف إتاحة المعلومات الصحيحة أمام الرأي العام».
وأكد الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» معن الأسعد، في تصريح «وقوفه إلى جانب الإعلاميين وحرية الإعلام وضد منع كم الأفواه أو إسكات الأصوات ورفض كل وسائل ترهيب الإعلام»، معلنا تأييده «لكل وسيلة إعلامية تنتقد المحكمة الدولية المشبوهة وتفضح تجاوزاتها وانتهاكاتها لأصول المحاكمات المعروفة».
ودعا الأسعد إلى «الوقوف مع تلفزيون «الجديد» في مواجهة الحملة المشبوهة للمحكمة الدولية التي تستهدفها و«الاخبار»، معتبراً «أن هذا الاستهداف هو حلقة من سلسلة المخطط الصهيو أميركي الهادف إلى ضرب مشروع المقاومة إعلامياً واجتماعياً وعسكرياً».