بسقوط الجبهة الشمالية ماذا تبقى لدي ميستورا؟
لمى خيرالله
أربع سنوات مضت على الأزمة السورية ما انفكت فيها الدول الغربية والإقليمية تستخدم أدواتها السياسية والعسكرية وحتى اللوجيستية لتصعيد هذه الأزمة، إلا أن هذه المحاولات لم تثن الحكومة السورية عن عزمها بالقضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره. ففي وقت باشرت تركيا بالتدريب الفعلي لما أسمتهم المعارضة المعتدلة، كبّلت «مجنزرات» الجيش السوري الجبهة الشمالية لريف إدلب، محطّمةّ تحصينات المجموعات الإرهابية الذي كانت تُعتبر بالنسبة إلى «جبهة النصرة» خطاً أحمر ممنوعٌ تجاوزها، فهذه الخطوط كانت نقطة الانطلاق في ما سبق باتجاه مدينة إدلب للسيطرة عليها من قبل مايسمّى «جيش الفتح»، الذي وجد نفسه بعد «السيطرة على إدلب» واقعاً في مصيدة خطط لها الجيش السوري بهدوء، انتقل فيها «جيش الفتح»، من قوة مهاجمة إلى قوة منهكة تحاول الدفاع عن نفسها بعدما استدرجتها وحدات الجيش السوري و»جمّعتها» في عمق المدينة.
يبدو أن الميدان يخفي الكثير بين طياته ودقة تحركاته فعملية الجيش السوري المُباغته أسفرت عن استعادة السيطرة على 3 بلدات في محيط مدينة «أريحا» التي بذل فيها المسلحون قصارى جهدهم، لزيادة الطوق عليها بهدف حصر نشاط قوات الجيش السوري ومنع استغلالها في عامل الانقضاض على «إدلب» لاحقاً، إلا أن التقدم البري للقوات السورية في ريف إدلب المتاخم للمدينة قد بدأ، فوجود المجموعات المسلحة داخل إدلب أمر لا بد أن ينتهي سريعاً، وإن كانت غرف العمليات التركية تدير ما يسمى «جيش الفتح» المكون بشكل أساسي من جبهة النصرة والجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين في محاولة منها للحفاظ على إدلب كمنجز سياسي أكثر من كونه ميدانياً، صفعة القوات السورية للحكومة التركية انطلقت من القدرة على فهم المضمون الاستراتيجي للمنطقة.
فزيارة رئيس هيئة الأركان السورية علي عبد الله أيوب المنطقة قبل أيام قليلة، كانت لوضع اللمسات الأخيرة على الخطة العسكرية التي وضعت لاستعادة إدلب، والذهاب نحو تأمين الحدود الشمالية من جهة المدينة بما يضمن أن تؤمن المدينة من طوق واسع.
مسرح الأحداث الفعلي لاستعادة الأجزاء الشمالية السورية من أيدي جبهة النصرة يجري وفق إيقاع خاص مع تكتيكات جهزت خصيصاً لهذه الأرضية، إذ تمكنت القوات السورية من قطع خطوط إمداد المسلحين الآتين من الجانب التركي الحدودي في ريف حلب وذلك في بلدتي كفر حمرة وحريتان ومنطقة ضهرة عبد ربه. فيما طاول الطيران الحربي في الجيش السوري قصفاً لمواقع مقاتلي الجبهة الشامية في مدينة عندان، وقصف مواقع مقاتلي الكتائب الإسلامية في قرية بنان الحص بريف حلب.
تكتيكات الجيش السوري وتحركاته السريعة جعلت كلاً من «تركيا- قطر والسعودية»، تشعر بالإحراج أمام الهزائم التي منيت بها تلك المجموعات التي تقاتل تحت رايتها، فمعركة حلب التي دارت منذ يومين بين المجاميع «القوقازية والشيشانية» ووحدات الجيش المدافعة عن عمق مدينة حلب، كان لها أثر سلبي في تلك الدول، بخاصة أنها تزامنت مع «تسريب» السعودية وتركيا خبر إعدادهما حرباً على سورية بهدف إسقاط الحكومة السورية، التي اعتمدت في معركتها على العنصر الإعلامي وفشلت.
تأتي هذه التطورات الميدانية في وقت أعرب فيه المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا عن رغبته في تنظيم سلسلة «مشاورات منفصلة» في أيار المقبل في جنيف مع أطراف النزاع في سورية والجهات الإقليمية والدولية للاستماع إلى وجهات النظر»، لافتاً إلى أن الدعوات لحضور المشاورات لم توجه بعد.
بعد تقدم الجيش السوري في المناطق الشمالية يبقى السؤال ما هي خطة دي مستورا بعد أن تحللت المجموعات المسلحة وتفسخت مبادرة التجميد السابقة؟