«أن بي سي» الأميركية: روايتنا حول سورية لم تكن صادقة

قد يضعها البعض في سياق الالتفاف الدولي الذي تجري، توالياً، في ما يخص الشأن السوري، وقد يضعها آخرون في سياق محاولة الشبكة الأميركية الشهيرة الحفاظ على بعضٍ من مصداقيتها المهدورة ضمن «بروباغاندا» الحروب الأميركية في المنطقة، إلا أن الإجماع الأكيد، هو أنّ الرواية التي نشرتها «NBC» في شأن سورية لم تكن صادقة، وهو ما قد يدعو البعض إلى الرجوع نحو الأيام الأولى للحرب في سورية، والتفكير بسؤالٍ واحد، «هل دمّرنا وطننا من أجل كذبة؟.

شبكة «أن بي سي» الأميركية، فجرت مفاجأتها، كذبنا عليكم بداية الحرب، أو على الأقل لم نكن كما ندّعي من مصداقيةٍ ووصولٍ إلى الحقيقة، هذا كان فحوى الاعتراف الإعلامي للشبكة حين غيّرت من روايتها في شأن خطف أحد كبار مراسليها للشؤون الخارجية، ريتشارد أنجيل، في عام 2012، حيث اعترفت أن الرجال الذين خطفوه وفريقه في سورية كانوا «مسلحين متشددين» وليسوا من القوات الموالية للرئيس بشار الأسد.

الإعلام الأميركي، كما المسؤولين الرفيعين في «أرض الأحرار وموطن الشجعان»، لا يصعب عليه الاعتذار بعد أن يهدم وطناً في سبيل كذبة. في العراق مثالٌ لم يتعلّم منه شعوب المنطقة، ممّن لا يزالون يلهثون خلف الأميركي، من دون أن يعلموا أن لعبة المصالح ستطحنهم حين ينتهي دورهم.

حين تتغيّر الحقيقة 180 درجة، لن يعود الوطن كما كان، عصابات تابعةٌ لـ «الجيش الحر» هم المسؤولون عن خطف الفريق الإعلامي التابع للمحطة وليس موالين للدولة، هي واحدةٌ من المواقف الكثيرة التي بُنيت على أساسها أسس ومفاهيم «الثورة»، التي لا تزال تعصف بالبلاد منذ ما يزيد على الأربعة أعوام. الإعلام الأميركي يسرّب التصحيح ليحفظ ماء وجهه و«مصداقيته»، لكنّه لا يأبه بالتبعات التي سبّبتها كذبته وغيرها من دماءٍ ودمار.

المراجعة للقضية جاءت بعدما اتصلت صحيفة «نيويورك تايمز» بشبكة «أن بي سي» في شأن الرواية. وقال انجيل إنه توصل إلى الاستنتاج الجديد بعدما اتصل بأجهزة لتطبيق قانون واستخبارات أميركية على علم مباشر بالقضية.

وذكرت صحيفة «التايمز» أن خاطفي فريق انجيل هم على الأرجح عصابة متشددة مرتبطة بما يعرف بـ «الجيش الحر». وقالت إن العصابة تعرف باسم «لواء صقور شمال إدلب» وكان يقودها في ذلك الوقت «عزو قصاب وشكري عجوج».

وأبلغ موظفون سابقون في «أن بي سي» وأشخاص شاركوا في عملية البحث عن المخطوفين، مدراء شبكة «أن بي سي» عن دور كل من قصاب وعجوج المحتمل في عملية الخطف. إلا أن أنجيل ألقى حينذاك باللوم على مقاتلين موالين للدولة السورية في خطفهم في تصريح على الهواء مباشرة.

ويعدّ هذا الاعتراف، الذي بثته الشبكة الأميركية أخيراً، نكسة جديدة للشبكة التي لا تزال تعاني من تبعات وقف مراسلها براين ويليامز عن العمل بعدما اعترف بتحريف تقرير من الحرب العراقية، ووسط اتهامات بأنه كذب في شأن تقارير أخرى، فيما تعدّ نكسةً جديدةً تضاف إلى تاريخٍ من الانتكاسات التي خطتها أيدي «الثوار» خلال 4 سنين من الحرب، فيما يبقى الوطن السوري رهناً باستعادة الثقة بين أبنائه واستعادتهم لقرارهم الداخلي من دون تدخلٍّ من أيّ طرفٍ خارجي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى