دونيتسك ولوغانسك ترفضان تأجيل الاستفتاء
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ليست غير مبالية بمصير أوكرانيا، مؤكداً استعداد موسكو احترام الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى روسيا.
وقال بوتين خلال لقائه مع رؤساء أرمينيا وبيلاروس وقرغيزيا وطاجيكستان في الكرملين أمس، «نحن لسنا غير مبالين بما يحدث في أوكرانيا»، مشيراً إلى أن حديثاً مفيداً جرى بينه ورئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بورغهالتر، مؤكداً: «نحن ننوي التصرف في إطار ما تم التوصل إليه». وأردف موضحاً: «حددت خطوات لتفعيل جهود منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بهدف تهدئة التوتر في أوكرانيا».
واعتبر بوتين أن هذا الأمر يجب أن يتم في سياق «بدء حوار مباشر بين السلطات في كييف وممثلي المقاطعات في جنوب شرقي البلاد». وأعرب عن القلق من تنامي خطر العنصرية في أوروبا، لافتاً في هذا الخصوص إلى الحوادث التي تجرى في الآونة الأخيرة بأوكرانيا. وقال: «من جديد ترفع العنصرية العدوانية رأسها في أوروبا، وهي العنصرية نفسها التي أدت إلى ظهور الأيديولوجية النازية».
وتابع الرئيس الروسي أن ما حدث في أوكرانيا يظهر بوضوح أن السياسة غير المسؤولة تجاه هذه الظاهرة تؤدي إلى مآسٍ وخسائر كثيرة وإلى حرمان مئات ألوف الناس من الحياة الآمنة المزدهرة.
وفي السياق، رأى دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي أن الكرملين سيقوم بإعادة تقويم الأوضاع في أوكرانيا في ظل قرار أنصار فدرلة البلاد عدم تأجيل الاستفتاء في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.
وقال بيسكوف أمس: «هناك معطيات جديدة، يجب تحليلها»، مضيفاً أن موسكو حصلت عبر القنوات الدبلوماسية على نسخة من خريطة الطريق التي أعدتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتسوية الأزمة في أوكرانيا، وقال: «الآن نحتاج إلى وقت لدراستها بسرعة».
وقد قرر مجلس «جمهورية دونيتسك الشعبية» عدم تأجيل الاستفتاء المقرر في 11 أيار حول مصير المنطقة، إذ يرمي الاستفتاء إلى نيل تأييد السكان لقيام دولة مستقلة، رافضاً بذلك طلب الرئيس بوتين الذي دعا المحتجين إلى تأجيل الاستفتاء من أجل دعم الحوار الوطني في البلاد.
واتُخذ قرار مماثل من قبل المجلس الشعبي لمقاطعة لوغانسك، وفق ما أعلنه المركز الصحافي لـ»جيش جنوب الشرق»، الذي أشار إلى أن الاستفتاء سيجرى في 11 أيار، ونحن نواصل الاستعدادات ونطبع أوراق الاقتراع، وكل القرارات تبقى سارية المفعول.
وأكد الرئيس الأوكراني المعين من قبل البرلمان ألكسندر تورتشينوف أن السلطات الأوكرانية مستعدة لإجراء حوار مع ممثلي الإدارة المحلية والنشطاء ورجال الأعمال في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وليس مع المسلحين، لأن الدول المتحضرة لا تجري حواراً معهم.
وأشار تورتشينوف إلى أن هدف السلطة تأمين الاستقرار والتطور الاقتصادي لأوكرانيا المستقلة والديمقراطية، مشدّداً على أن السلطة مستعدة للحوار مع من يريد الحوار حول مسائل محددة تتعلق بتطوير أوكرانيا الموحدة. وتابع قائلاً: «مستعدون للتباحث حول هذه المسائل مع ممثلي الإدارة المحلية والنشطاء ورجال الأعمال في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، لكن مع المجرمين المسلحين الملطخة أيديهم بالدم، فإن الدول المتحضرة لا تتحاور معهم وبحسب القانون فإنه يتم تحييدهم»، مشيراً إلى أن العفو سيخصّ من يلقي السلاح فقط ومن لم يتورط بجرائم قتل. ولفت تورتشينوف إلى أن السلطة الأوكرانية لم تقم في يوم من الأيام بعملية تنكيلية شرق البلاد.
واعتبر نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف أن بلاده سحبت قواتها من المناطق الحدودية مع أوكرانيا وصولاً إلى الوحدات من المستوى التكتيكي، التي كانت تنفذ مهمات تدريبية في ميادين الرمي، في حين قامت القوات المسلحة الأوكرانية بنشر 15 ألف جندي بالقرب من الحدود مع روسيا.
وقال أنطونوف أمس في سياق رده على تصريحات الناتو عن عدم وجود أي تغييرات في تموضع القوات الروسية في المناطق الحدودية «بهدف الابتعاد عن الاستفزاز، سحبنا من الحدود قواتنا وصولاً إلى الوحدات من المستوى التكتيكي التي كانت تنفذ مهمات تدريبية في ميادين الرمي، وهذا ما أكده وزير الدفاع الروسي لنظيره الأميركي خلال اتصال هاتفي»، مشيراً إلى أن الناتو، خصوصاً الأميركيين، لم يدعموا تصريحاتهم بأي أدلة حول وضع القوات الروسية. وتابع إنه في المقابل «نشرت بالقرب من الحدود مجموعة تتألف من 15 ألف جندي أوكراني، وتم تجديد الاستدعاء للخدمة العسكرية وفي الوقت ذاته تتم زيادة الوحدات التابعة للناتو في أوروبا الشرقية».
وأكد نائب وزير الدفاع أنه في ظل الأزمة الأوكرانية هذه التصرفات لا تساعد على أقل حدّ من تهدئة التوتر في أوكرانيا. ودعا المسؤولين في الناتو والبنتاغون للابتعاد عن التصرفات المتعالية وخداع المجتمع الدولي حيال الوضع الحقيقي على الحدود الروسية ـ الأوكرانية».
جاء ذلك بعد تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن الذي أعلن أن الحلف لم يلاحظ أية إشارة تتعلق بتغيير موقف القوات العسكرية الروسية على طول الحدود الأوكرانية، فردت وزارة الخارجية الروسية عبر صفحتها في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أمس، «ندعو العميان إلى الإطلاع على تصريحات الرئيس الروسي في 7 أيار».
وأشار مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إلى أنهم لا يرون دلائل على صحة ما أعلنه الرئيس الروسي عن سحب القوات، وقال المتحدث باسم البنتاغون ستيف وورن، إنه لو كان ذلك صحيحاً، لكانت واشنطن تعرفه. وذكر المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوس أرنست أن الإدارة الأميركية ترحب بـ»الانسحاب التام والشفاف للقوات الروسية»، لكنها لم تتلق حتى الآن أية دلائل على تنفيذ مثل هذا الانسحاب.