شهر الحسم في إدلب والأنبار والردّ الحوثي
تدخل الحرب السعودية على اليمن نهاية الشهر الأول، وبعد أسبوع تدخل الشهر الثاني، وكلّ حرب لا تحقق الرئيسي من أهدافها في شهر لن تحقق شيئاً لو استمرت أربع سنوات كما قالت الحرب على سورية، لأنّ عامل الصدمة الأولى، والقدرات التي يحشدها صاحب الحرب لحربه إنْ فشلت في إحداث اختراق حقيقي نحو الأهداف الكبرى للحرب خلال الأسبوع الأول، تمنح فرصة إثبات الأهلية لشهر وبعدها يبدأ المأزق بالظهور، وتصير الحرب ورطة، ويصير صاحب الحرب يحتاج بعد رفع السقوف إلى من يعطيه سلّماً للنزول عن الشجرة.
هكذا بدا الإعياء على الأميركيين في العراق من الشهر الأول رغم نجاحهم في إسقاط بغداد، بينما فشل السعوديون في التوغل نحو عدن وصنعاء، وهكذا «الإسرائيليون» في حرب تموز، أسبوع فشهر، وهكذا الثورات المجوقلة في تونس ومصر وليبيا، أسبوع فشهر يبان الأفق للتقدّم من الوقوع في المأزق.
فشل السعوديون في استدراج إيران إلى حربهم، كي يستدرجوا الأميركيين للتورّط وفقاً لتعهّدهم حماية السعودية في وجه أيّ خطر خارجي، خصوصاً من إيران، كما فشلوا في الحفاظ على غطاء العالم الإسلامي الممثل بباكستان وتركيا، وفشلوا في حربهم النفسية والإعلامية على الحوثيين، بعدما نجح السيد حسن نصرالله في استقطاب نيرانهم الإعلامية.
حلف المقاومة نجح في خطة توزيع نيرانه وروزنامته للشهور الثلاثة الفاصلة بين نهاية آذار ونهاية حزيران، وهي شهور ما قبل التوقيع النهائي للتفاهم حول الملف النووي الإيراني، والتي يجهد فيها الثنائي السعودي ـ «الإسرائيلي» لخلق ظروف قلب الطاولة في المنطقة، فالشهر الأول لامتصاص الصدمات، من إدلب إلى الأنبار إلى اليمن خصوصاً.
يبدأ الشهر الثاني بالهجوم المتدرّج والتصعيد من البارد إلى الساخن، على جبهتي إدلب والأنبار، ويكون الحوثيون قد أنجزوا استعداداتهم لبدء الردّ، فتسخن جبهة الحدود وتبدأ التحركات البحرية الدفاعية، ويستعدّ سلاح الصواريخ.
يملك السعوديون فرصة التراجع، ويملك الأتراك فرصة التموضع، ويملك الباكستانيون فرصة المبادرة والأميركيون فرصة النصح.
السعوديون عيّنوا خالد بحاح نائباً لمنصور هادي، ويملكون فرصة تقديم رسالة إيجابية بتنحية منصور هادي وتعيين بحاح رئيساً موقتاً في انتظار حلّ سياسي يشكل مجلساً رئاسياً، وبعدها يعلن بحاح وتقبل السعودية التجاوب مع دعوة الأمم المتحدة لوقف النار، وبعدها تقرّر السعودية تمديد الهدنة الإنسانية تعبيراً عن «حسن النية» لفتح الباب لحلّ سياسي.
يملك الأتراك فرصة الحياد نحو معركة إدلب المقبلة، والإفراج عن العسكريين اللبنانيين المخطوفين في رسالة إيجابية لضمان مقعدهم في التسويات.
يملك الباكستانيون فرصة تطوير حيادهم للمبادرة إلى دعوة الأطراف اليمنيين إلى مؤتمر حوار برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي، ممثلاً بالسعودية وإيران وتركيا ومصر وباكستان وأندونيسيا، وممكن ترك المكان ليختار اليمنيون أحد مقرات المنظمة في جدة مثلاً، أو إحدى عواصم الدول الراعية بِاسم المنظمة كإسلام أباد مثلاً.
يملك الأميركيون فرصة أن يقولوا إنّ استمرار الحرب، يشكل تهديداً لمساعي حصار «القاعدة»، التي تتوسع وتنشط وتنمو في مناخ الحرب في اليمن، وإنّ الحلّ السياسي ووقف الحرب جزء من استراتيجية مكافحة الإرهاب أسوة بما قالوه عن ليبيا على الأقلّ.
في كلّ الأحوال تبدو الأنبار وإدلب ساحة قتال مقبلة لشهر آتٍ.
«توب نيوز»