ما بين الحرّ المفاجئ وحرائقه والمطر الطارئ وسيوله… دولة في غيبوبة
أحمد طيّ
لا يكاد هذا اللبنان يخرج من مطبّ حتّى يقع في آخر، ولا نتحدث هنا عن المطبات السياسية التي لا تعرف نهاية، بل عن قدرة هذا البلد ودولته على مواجهة غضب الطبيعة، شتاءً وصيفاً. أمّا إذا اجتمع هذا الغضب شتوياً وصيفياً في أسبوع واحد، فإنّ عيوب هذه الدولة تظهر إلى الملأ، جليّةً واضحةً.
في غضون أيام، كان لبنان على موعد مع موجة حرّ قاتلة، لم تفلت منها غابات لبنان وأحراجه، فاندلعت الحرائق هنا وهناك، كان أبرزها الحريق الكبير الذي امتد من أحراج بطشاي إلى مشارف القصر الجمهوري في بعبدا، وبعد ساعات، أرادت الطبيعة أن «تؤدّب» هذا اللبنان، فأمطرته بوابل من الأمطار الغزيرة، جعلت السيول تتفجّر في عدد من المناطق، لا سيما في البقاع الشمالي.
نموذجان متتاليان من غضب الطبيعة، ودولتنا في خبر كان، تبحث عن رئيس لا تجده في ظلّ المعمعات السياسية، وتبحث عن خلاص لا يأتيها في ظلّ تفرّق أبنائها وتشظّيهم.
بعد الحرائق التي اجتاحت غابات بعبدا وبطشاي، والتي أتت على مساحات واسعة من الأحراج وأعداد كبيرة من الأشجار، في ظلّ غياب استراتيجية واضحة للدولة من أجل مواجهة «الكوارث الطبيعية» فيما لو اعتبرنا هذه الحرائق كوراث، كان لبنان على موعد مع الأمطار الغزيرة والسيول.
في البقاع الشمالي، ناشدت اجتاحت سيول جارفة مصدرها سلسلة الجبال الشرقية المحاذية لسورية، بلدات الفاكهة والجديدة ورأس بعلبك، ووصلت مع ساعات ليل الأربعاء ـ الخميس الأولى إلى بلدة القاع، فتسبّبت بأضرار فادحة في المزروعات وشبكات الريّ، وقطعت الطريق المؤدّية إلى البلدة لبعض الوقت.
ومع ساعات صباح الخميس الأولى، وصلت السيول إلى مجرى نهر العاصي، ما أدّى إلى ارتفاع ملحوظ للمياه المحملة بالأتربة والوحول. وأصيبت أحواض تربية سمك الترويت بأضرار فادحة، فيما لم تسجل أضرار في المقاهي المنتشرة على طول المجرى.
واستمرت السيول حتى فترة ما بعد ظهر أمس، متسببة مجدّداً بقطع الطريق المؤدّية إلى بلدة القاع، محدثة أضراراً بالمزروعات وشبكات الريّ.
واستنفرت فرق الاسعاف والدفاع المدني والصليب الأحمر، ومنع الجيش المرور على الطريق الرئيسية في البلدة.
وفي صور، وردنا من الزميل محمد أبو سالم، أنّ الأمطار الغزيرة التي بدأت بالتساقط منذ منتصف ليل الأربعاء ـ الخميس، والتي استمرت حتى أمس، أدّت إلى إغراق الشوارع في محلة المساكن الشعبية وحوّلتها الى برك ومستنقعات. كما تسرّبت المياه إلى داخل عدد من المنازل والمحال التجارية والصناعية.
كذلك حوّلت الامطار بعض الشوارع العامة في مدينة صور ـ منطقة الاستراحة ومدخل المدينة إلى برك ما أعاق حركة السير.
وفي بيروت، عاد المشهد المعتاد إلى الظهور، شوارع تجتاحها أنهار بسبب الأمطار الغزيرة، و«ينابيع» هنا وهناك بسبب سوء الأشغال في البنى التحتية، فيما امتلأت بعض الشوارع بالنفايات التي طافت على سطح المياه، وخفّت الحركة على الكورنيش البحري ـ المنارة بسبب ارتفاع الأمواج.
الأرصاد الجوية
توقّعت مصلحة الأرصاد الجوية في إدارة الطيران المدني أن يكون طقس لبنان اليوم غائماً جزئياً إلى غائم مع أمطار خفيفة متفرّقة واشتداد في سرعة الرياح التي تقارب 70 كيلومتراً في الساعة على المرتفعات أحياناً، مع ارتفاع محدود في درجات الحرارة، ويحذّر من ارتفاع موج البحر. أمّا غداً السبت، فيكون الطقس غائماً جزئياً مع استقرار في درجات الحرارة. وذلك بسبب سيطرة منخفض جوّي حالياً على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ويؤدّي إلى طقس غير مستقر في لبنان خلال اليومين المقبلين.
درجات الحرارة المتوقعة اليوم على السواحل من 20 إلى 23 درجة، فوق الجبال من 15 إلى 17 رجة، في الأرز من 8 إلى 12 درجة، في البقاع من 15 إلى 20 درجة.
الرياح السطحية: جنوبية غربية ناشطة، سرعتها بين 10 و45 كيلومتراً في الساعة، تشتد أحياناً لتقارب 65 كيلومتراً في الساعة خصوصاً على المرتفعات. الانقشاع متوسّط. الرطوبة النسبيّة على السواحل بين 60 و90 في المئة. البحر مضطرب، وحرارة سطح الماء 24 درجة. الضغط الجوّي 757 ميلليمتراً زئبقاً.