بعض أسرار الحرب الإعلامية على خطاب السيد نصر الله؟
هشام الهبيشان
تابعتُ في الأيام القليلة الماضية، سلسلة من الأحداث واللقاءات والمواقف والتصريحات والمقالات التي انتقدت أو شتمت أو تهجمت على حديث وشخص أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بعد خطابه في مهرجان التضامن مع الشعب اليمني، والذي تطرق في بعض مفاصله إلى الوضع في المنطقة وإلى الأزمات والمشاكل التي يعيشها الإقليم العربي، وخصوصاً تطورات ومسار الحرب العدوانية على اليمن والمستمرة حتى الآن.
من خلال تلك التصريحات والمواقف والمقالات، نستنتج أنّ سبب الهجوم على خطاب السيد نصر الله هو موقفه القوي والصادق الداعم لحقّ الشعب اليمني في تقرير مصيره ودعوته إلى إيقاف العدوان على الأراضي اليمنية، لكنّ الموقف الأبرز الذي نزل كالصاعقة على مؤيدي وداعمي ذلك العدوان، هو تحذيره الأطراف الغازية للأراضي اليمنية من أنّ أرض اليمن ستكون مقبرة لهم.
ومع أنّ جميع الذين انتقدوا أو تهجموا على خطاب وشخص السيد نصر الله يدركون هذه الحقائق، وخصوصاً بعض الساسة في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنهم أصروا على مهاجمته بعد أن تحدث عن الملف اليمني في الصميم، وما يعيشه هذا البلد من أزمات مركبة وظروف صعبة.
ومع كلّ هذا، فقد لاحظ المحللون والمتابعون في الفترة الأخيرة حديث بعض المأجورين والعملاء الذين يدعون أنهم إعلاميون وصحافيون عرب والعروبة منهم براء، والذين شتموا وهاجموا حديث السيد نصر الله، في إطار حملة إعلامية مبرمجة تستهدف شخصه، وما تبع هذه الحرب الإعلامية من حرب سياسية يقوم بها بعض قادة دول مجلس التعاون الخليجي، تمثلت بالتحريض على حزب الله وعلى أمينه العام وعلى بعض الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية المعارضة للحرب العدوانية السعودية على اليمن، مطالبين الدولة اللبنانية من خلال سفاراتها في دول المجلس بالتصدي والتعامل بحزم مع الحزب ورموزه، محاولين استغلال هذه الحادثة كنقطة ارتكاز، لضرب وتطويق حزب الله في الداخل اللبناني وإثارة فئة من الشعب اللبناني ضده.
من العار على بعض الساسة العرب وبعض وسائل الإعلام المتآمرة التي تروج اليوم لكذبة مفادها أنّ إيران قامت بنقل عناصر من حزب الله اللبناني إلى اليمن للمشاركة في المعارك هناك، وكأنّ اليمن اليوم ينقصه رجال للتصدي للعدوان عليه، ومن العار أيضاً أن تخرج بعض وسائل الإعلام العربية، الخليجية وغير الخليجية، وبعض الصحف الصفراء المعروفة الهدف والغاية من وجودها لتستضيف وتنشر مقالات لبعض المأجورين الذين يسلطون ألسنتهم وأقلامهم لمهاجمة موقف السيد حسن نصر الله من أحداث الحرب العدوانية على اليمن.
لقد تحدث أمين عام حزب الله، مستنداً إلى وقائع ودلائل يملكها، وإن كان هؤلاء المحرضين غيورين على مستقبل اليمن، فليقولوا كلمة حق، وليدعموا خيارات الشعب اليمني وحقه في تقرير مصيره، فليدعموا ثورة التصحيح اليمنية التي قادتها قوى وطنية وثورية يمنية في مطلع الربع الأخير من العام الماضي ضدّ الفساد والتدخل الخارجي، لتصحيح مبادئ وأهداف ثورة عام 2011.
لكي نكون منصفين، يجب أن نقرّ بحقّ أي دولة في العالم أن تطالب بعدم التدخل في شوؤنها الداخلية، ولكن عليها أولاً أن تكون هي نفسها ملتزمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وإذا كان ساسة بعض الدول العربية يدينون خطاب السيد نصرالله الأخير ويعتبرونهم تدخلاً، فماذا يسمون تدخلهم العلني في اليمن وتأييدهم الحرب التي تحصد كلّ يوم أناساً أبرياء وتدمر المنازل والبنى التحتية وما تبقى من مقومات للعيش في هذا البلد؟ في أي خانة يضعون مشاركتهم في الحرب الكونية ضدّ سورية، وماذا يسمون دعمهم لأحداث العنف وتسليحهم التنظيمات الإرهابية المتطرفة في سورية والعراق ولبنان وجلب المرتزقة من كلّ أصقاع العالم لقتل شعوب المنطقة وهدم حضاراتها؟ لماذا يشنون حرباً سياسية وإعلامية على قوى المقاومة في المنطقة العربية، ويصنفونها على أنها جماعات إرهابية؟ لماذا يعطون لأنفسهم الحقّ في التدخل في الشؤون الداخلية لمصر وتونس وليبيا، وشنّ حرب نفطية على إيران ومحاولة عرقلة اتفاقها مع الغرب حول برنامجها النووي؟ ألا يخجل هؤلاء عندما يطالبون بعدم التدخل في شؤونهم في حين أنهم يمعنون بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للآخرين؟ إنها قمّة الوقاحة!
كاتب وناشط سياسي الأردن
hesham.awamleh yahoo.com