انتصر الحلم والدم في اليمن على وهم الحزم السعودي العسيري يعلن انتصار الفشل… ومنصور هادي يمهّد للتنحّي

كتب المحرر السياسي:

كانت الدهشة بين أنصار السعودية في اليمن خصوصاً والمنطقة عموماً، والذهول، التعبيرين الوحيدين عن مدى مطابقة الإعلان السعودي لوقف الحرب على اليمن مع التفسير الذي رافق الإعلان، بأنّ الحرب حققت أهدافها. أما في الخارج، خصوصاً في الغرب، فقد كانت السخرية والابتسامات تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، تعبيراً عن المسخرة التي يتضمّنها الإعلان المزدوج، وقف الحرب، لأنها حققت أهدافها، حتى مذيعو قناة «العربية» السعودية لم يتمكنوا من إخفاء ذهولهم، كيف يمكن التحدّث عن تحقيق أهداف الحرب بتمكين منصور هادي من استرداد الدولة اليمنية في صنعاء واليمن وهو غائب عن السمع واستُعمل اسمه بطلب وقف الحرب قبل أن يعلم بالقرار، واستحضر إلى الإعلام ليعلن ما تمّ التوصل إليه في الاتصالات الخارجية التي حرّكها اتصال الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزع هادي تحياته على المنتصرين في حرب قدّم لها الغطاء لقتل شعبه، وراح يعلن انتصاره، ومن شدّة فرحة النصر كاد يرفقها بإعلان التنحّي، الذي سيقدّمه تسهيلاً للاتفاق السياسي كما سيقول مع انعقاد مؤتمر الحوار، وهو في الحقيقة نزول عند رغبة الحوثيين الذين يفترض أنّ الحرب قد حققت أهدافها بهزيمتهم؟

منصور هادي قام بتسويق المهمة القادمة لنائبه خالد بحاح لتسلّم مهام الرئاسة، لكنه بدا على رغم كلماته الباردة في ظلّ الحدث الحار، مهزوماً ومرتبكاً ومتلعثماً، مبشراً بالجنوح إلى السلم من دون تبرير قرار وقف الحرب، ومن دون التورّط في تفسير سياق التغييرات التي سمحت بالقول إنّ الحرب حققت أهدافها، والسياق الذي سيلي للحلّ السياسي، الذي يبدو أنه الأبعد عن الإطلاع عليه.

بعد ذهول الصدمة بفشل الحرب وإعلان وقفها، بتحقيق أهدافها، الذهول الذي بدا على قسمات وجه منصور هادي، تدحرجت الأسئلة مرة أخرى.

كيف تكون الحرب تهدف إلى هزيمة إيران، وحققت أهدافها، ويتولى نائب وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان الإعلان عن وقف الحرب قبل المتحدث الرسمي السعودي؟

كيف تكون الحرب حققت أهدافها، بإخراج إيران من باب المندب، والسفن الأميركية تعترف لهم بحق التحرك والتجوال وتعلن انسحابها من مهمة اعتراض السفن الإيرانية؟

أعلن العميد أحمد العسيري وقف عمليات عاصفة الحزم، وبدأت الاتصالات لتشكيلة حكومية يمنية توافقية، وهيكلة قيادية توافقية للجيش اليمني، وبيان سياسي مشترك يعلن الأولوية للحرب على «القاعدة»، وبعلاقات حسن الجوار مع السعودية ودول الجوار الإقليمي وفي مقدّمهم إيران.

انتصر الحلم اليمني بالاستقلال، وسقطت حرب الاستتباع، انتصر الدم اليمني على عواصف الوهم والحزم السعودية.

المبادرة الإيرانية القائمة على وقف الحرب أولاً تنتصر، ومعها حكومة توافقية وحوار وطني يمني شامل، على رغم إعلان السفير السعودي لدى واشنطن أن لا دور لإيران في مستقبل اليمن.

المخرج الذي يتمّ التداول به ينطلق من مساع روسية إيرانية باكستانية تركية، لمؤتمر حوار يمني تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي، بحضور ممثلين لوزراء خارجية السعودية وإيران وتركيا وباكستان، في مقرّ المنظمة في جدة.

عشية تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره بعد عشرة أيام من القرار الخاص باليمن، كان وقف الحرب، شرطاً مسبقاً ليعلن الحوثيون أنهم أصلاً لا يسيطرون على أيّ منطقة من اليمن وأنّ الجيش هو الذي يتولى صدّ العدوان ومسؤولية الأمن، وأنهم يقدّمون المؤازرة حيث تقتضي الضرورة في وجه الحرب، ومع وقفها لا مبرّر لبقائهم في أيّ موقع بل سيقومون بإخلاء هذه المواقع لحساب الجيش، وأنّ التفاهم على قيادة موحدة للجيش هو الطريق لوحدة الشرعية الأمنية في ظلّ شرعية سياسية دستورية متفق عليها تمهّد لانتخابات عامة وفقاً لما دعا إليه الإعلان الدستوري الذي أطلقوه في شهر شباط الماضي.

الحكومة اليمنية الجديدة ستكون على الأرجح برئاسة نائب الرئيس اليمني خالد بحاح، الذي سيتولى مهام الرئاسة بعد تنحّي منصور هادي، وسيعود بحاح إلى اليمن ضمن التفاهم التوافقي، والحكومة الجديدة ستتشكل وفقاً للإعلان الدستوري الذي أعلن عنه الحوثيون قبل الحرب، حيث ستناط بها مهمة وضع مسودة دستور يمني جديد، يتوّج بانتخاب برلمان جديد ورئيس جديد.

لن يضطر السيد عبد الملك الحوثي إلى وضع الخيارات المفتوحة على الطاولة، ولا إلى معادلات الردع، وستسلك العملية السياسية مساراً متسارعاً بعدما فشلت الحرب في حذف الثوار من معادلة اليمن وفرض الهيمنة السعودية على قراره.

في لبنان تسير الأمور في اتجاه عكسي لمناخ الانفراج، من دون أن يظهر ما إذا كان التصعيد مدروساً على قاعدة «اشتدّي أزمة تنفرجي»، بتعميم الفراغ على كلّ المؤسسات بما فيها مجلس الوزراء، المهدّد بفرط عقده إذا جرى السير بالتمديد للقادة الأمنيين والعسكريين، وفقاً لموقف التيار الوطني الحر المعلن، أم أنّ هذا التصعيد ناجم عن أنّ تيار المستقبل الذي أعلن الإصرار على التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين، لم يتمّ وضعه في صورة التغييرات المتصلة بالانتقال من الحروب ونوايا الحسم والمواجهة، إلى صيغ الانخراط السياسي والتسويات، والمفاوضات والحوار والحلول السياسية؟

هل يكون التمديد مدخلاً إلى المؤتمر التأسيسي؟

وضعت خطة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون للرد على التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين موضع التنفيذ. فهل يكون التمديد للقادة العسكريين والأمنيين المدخل إلى المؤتمر التأسيسي؟ الجلسة 22 لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم لن تعقد لعدم اكتمال النصاب على غرار الجلسات السابقة، والجلسة العامة التي كان رئيس مجلس النواب نبيه بري بصدد الدعوة إليها الأسبوع المقبل لن تعقد في غياب المكون المسيحي، مع إعلان الكتائب والقوات وتكتل التغيير والإصلاح الامتناع عن الحضور، ومجلس الوزراء الذي أرجأ ملف الموازنة إلى 30 الجاري مهدد في ظل تلويح وزراء التيار الوطني الحر بالتصعيد وصولاً إلى الاستقالة إذا مدد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن التمديد سيقود إلى تعطيل المؤسسات وإخراج الدولة من سلطاتها الشرعية تباعاً، فبعد الفراغ في رئاسة الجمهورية، التعطيل سيحط في مجلس النواب، وصولاً إلى فرط عقد الحكومة، تمهيداً للبحث عن دولة في مكان آخر». ولفت تكتل التغيير والإصلاح بعد اجتماعه الأسبوعي إلى «أن معارضة التعيين متعمدة من قبل بعض الأحزاب لتبرير التمديد للمحسوبين عليهم».

سياسة داعشية ضدّ التغيير والإصلاح

ونبّه التكتل السلطة التنفيذية والسلطات الأخرى أنه في حال استمرار هذا الوضع وفي حال الإمعان في اتخاذ هذه الإجراءات سيدعو إلى اجتماع استثنائي لدرس الإجراءات التي يسعى البعض إليها لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

وعلمت «البناء» «أن اجتماع التغيير والإصلاح استعرض أمس طريقة تعاطي الأحزاب مع الأسماء التي يطرحها العماد عون من رفض تعيين الضابط عبدالله الجريدي في قيادة الدرك، إلى رفض تعيين القاضي طنوس مشلب رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، وصولاً إلى رفض تعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائداً للجيش. ولفتت مصادر المجتمعين إلى تساؤل عون في الاجتماع «لماذا عند طرحه بعض الأسماء لمراكز معينة، تقوم القيامة ولا تقعد عند الطوائف الأخرى بحجة ضرورة التفاهم على الأسماء، في حين أن هؤلاء يأتون بما يناسبهم إلى المراكز الأمنية والإدارية والمصرفية من دون الأخذ برأينا». وشدد العماد عون على أنه لن يسمح باستخدام السياسة الداعشية معه وأن التيار الوطني الحر سيقف في وجه التمديد».

الجلسة العامة تفتقد الميثاقية

تشريعياً، لن تعقد جلسة «تشريع الضرورة» الأسبوع المقبل لعدم توفير عامل الميثاقية من جراء المقاطعة المسيحية اعتراضاً على جدول الأعمال الذي لا يتوافق مع مصطلح تشريع الضرورة. وقرر تكتل التغيير والإصلاح مقاطعة الجلسة التشريعية المرتقبة لعدم توافر مقومات تشريع الضرورة في جدول أعمالها وأبرزها قانون الانتخاب، حق الجنسية، تملك الأجانب وسلسلة الرتب والرواتب. وأكدت مصادر كتائبية لـ«البناء «أن موقف الكتائب واضح من عدم حضور أي جلسة تشريعية إلا إذا كانت وظيفتها انتخاب رئيس جمهورية»، لافتة إلى «أننا نشارك أيضاً في حال تضمن جدول الأعمال بنوداً خاصة بانبثاق السلطة كإقرار قانون الانتخاب أو إقرار الموازنة».

وأكد الرئيس بري أمس أمام زواره أنه منفتح على النقاش حول ما يسمى بتشريع الضرورة ولكن هناك ضرورة للتشريع ويجب أن لا يتوقف عمل المجلس النيابي أو عمل مجلس الوزراء».

وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي من مطار بيروت الدولي قبيل مغادرته إلى أرمينيا «أن تشريع الضرورة الأساسي والأولي يتلخص بانتخاب رئيس جمهورية في البلاد وليس هناك ضروري أكثر من انتخاب رئيس للجمهورية، وعندما يتم ذلك كل الأمور تحل في لبنان».

فنيش: السلسلة ضمن الموازنة

إلى ذلك، رحّل حوار الطرشان بين الوزراء أمس مشروعي الموازنة 2015 والسلسلة إلى جلسة عادية تعقد في الثلاثين من الجاري لعدم وجود توافق سياسي خارج الحكومة في شأن الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب كما أعلن وزير الإعلام بالوكالة سجعان قزي الذي تلا مقررات الجلسة. وكان الوزراء استمعوا إلى حصيلة المشاورات التي أجراها وزير المال علي حسن خليل مع القوى السياسية، والتي لم تفضِ إلى وجهة نظر موحدة، ورأى البعض ضرورة ضم السلسلة إلى الموازنة العامة، فيما اعتبر البعض الآخر أنّ الموازنة يجب أن تكون مستقلة.

وعلمت «البناء» أن الوزير نبيل دوفريج أعلن خلال الجلسة «أن تيار المستقبل يقبل بضم السلسلة والموازنة في حال لم تشمل رواتب العسكريين والأساتذة. وتمسك الوزير جبران باسيل بشمولها رواتب العسكريين والأساتذة»، لافتاً إلى «أن ملف السلسلة تم تسييسه. وأكد وزيرا الكتائب آلان حكيم وسجعان قزي رفض الكتائب ضم السلسلة والموازنة إلا إذا أقرت الأخيرة في مجلس النواب.

وأشار وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ»البناء» إلى «أن وزراء حزب الله اقترحوا في الجلسة أن تكون السلسلة ضمن الموازنة وأن لا تتضمن فقط إيرادات بل حقوقاً للمواطنين وأن تقر السلسلة بالتوازي مع الموازنة». وأضاف: «شددنا على ضرورة إقرار السلسلة إما في الموازنة وإما بالتلازم معها وأن نضع النفقات في الموازنة لا سيما أننا قدمنا إلى مجلس النواب مشروع النفقات». وإذ لفت فنيش إلى أن الآراء داخل مجلس الوزراء حول مشروع الموازنة كانت متباينة وهناك انقسام حول هذا الموضوع بين الوزراء». توقفت مصادر وزارية «عند انسجام الوزيرين فنيش ودوفريج في موقفهما من أن تكون السلسلة ضمن الموازنة».

وفي المقابل، أقرت الجمعيات العمومية في هيئة التنسيق النقابية الإضراب الشامل بالمدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمؤسسات العامة غداً، مشيرةً إلى «أن هذا الإضراب هو الأول في سلم التصعيد، مؤكدةً أنه سيعلن عن خطوات لاحقة تهدد شل الإدارات العامة والعام الدراسي. وأكدت الهيئة في مؤتمر صحافي أنها لن تسكت حتى إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي يتهرب منها المسؤولون، داعيةً إلى المشاركة الكثيفة في تحرّكاتها حتى إقرار مشروع السلسلة الموجود في المجلس النيابي.

المشنوق: لن أستقيل

أمنياً، دخل أهالي الموقوفين الإسلاميين إلى سجن رومية لرؤية أبنائهم ضمن ما عرضته قوى الأمن عليهم بالدخول على دفعتين مؤلّفة كلّ واحدة من 15 شخصاً. وكان أهالي الموقوفين في سجن رومية قد اعتصموا أمام وزارة الداخلية مطالبين بإقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي رد في تصريح بالقول: «لن أستقيل إلا إذا أحسست بأنني أخطأت في تطبيق القانون، أنا أتصرف ضمن القانون وهناك عناصر أمنية تأذّت جداً خلال التمرد الأخير في السجن».

وأوقفت دورية للأمن العام في صيدا أحد الإسلاميين البارزين في مخيم عين الحلوة ويدعى زياد فيصل عبدالله الملقب بأبي طارق مبارك بعد أن سلم نفسه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى