تقرير

تناولت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الذكرى السنوية الـ60 لانعقاد مؤتمر باندونغ في إندونيسيا، الذي حدد طريق تطور البلدان المتحررة على أساس مبدأ عدم الإنحياز. وجاء في مقال الصحيفة: إن زعماء أكثر من 30 دولة اليوم يدعون إلى إحياء «روح باندونغ».

إن اللقاء الراهن لهؤلاء الزعماء في إندونيسيا مكرس للذكرى الـ60 لمؤتمر باندونغ، الذي رسم طريق تطور البلدان المتحررة. ان سياسة عدم الانحياز التي وضعها جواهر لال نهرو سمحت لبلدان العالم الثالث باستغلال الكتلتين الشرقية والغربية والعمل الموحد في المحافل الدولية في غالبية الأحيان. ولكن اليوم دخل الفرد في البلدان الآسيوية المتطورة أكثر بكثير منه في البلدان المتخلفة. لقد أصبح شعار «الوحدة» مجرد شعار لا أكثر. لذلك سيركز المشاركون في لقاء جاكارتا الحالي على المسائل التجارية وكيفية جذب الممولين الأجانب.

يهدف اللقاء الحالي لزعماء الدول الأفريقية والآسيوية في جاكارتا إلى بث حياة جديدة في تطور بلدانهم الاقتصادي وإحياء الذكرى الـ60 لمؤتمر باندونغ.

يعتبر مؤتمر باندونغ الذي عُقد برعاية الرئيس الإندونيسي الراحل أحمد سوكارنو معلماً تاريخياً، لأنه رسم طريق التطور للبلدان المتحررة حديثاً من نير الاستعمار، وكيفية انتهاج سياسة عدم الانحياز.

ركز المشتركون في مؤتمر باندونغ اهتمامهم على مشاكل الأمن والسلام وعلى مشاكل التنمية الاقتصادية، إذ ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية والعلاقات التجارية بين القارتين خلال القرون الستة الماضية بصورة سريعة وملحوظة.

وتشير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى ان حجم الاستثمارات الاجنبية كان 2.8 مليار دولار عام 1990، في حين بلغ 270 مليار دولار عام 2012.

ويؤكد المشتركون في القمة الحالية انهم يريدون ان يلعبوا دوراً أكبر في التنمية والتطور العالمي. فقد أعلنت وزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مارسودي، «النمو معاً أمر ضروري. نأمل ألا يكتفي التعاون في تقليص الهوة بين البلدان، بل يساعد في تعزيز السلام والازدهار».

هل سيكون في الإمكان تحقيق هذا الأمل فى الواقع؟ يقول البروفسور سيرغي لونيف من معهد العلاقات الدولية في موسكو: «ان حركة عدم الانحياز كانت قوة كبيرة في المرحلة التي كان فيها قطبان للقوة. كانت الحركة تعمل من أجل نظام اقتصادي جديد. وبدا في السبعينات من القرن الماضي ان هذه الحركة تقود البلدان النامية إلى النصر. ولكن حركات آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية فقدت الآن صفتها التنظيمية».

وعزا لونيف ذلك إلى: أولا تشكلت حركة عدم الانحياز على قاعدة التوازن بين القطبين الرأسمالي والاشتراكي. وهذا ما استفادت منه الهند جداً. فخلال ستينات القرن الماضي وسبعيناته، أسس الاتحاد السوفياتي قاعدة الصناعات الثقيلة للهند، والولايات المتحدة منحتها خلال الفترة المذكورة 10 مليارات دولار كمساعدات. ثانياً كانت أوضاع بلدان الشرق متقاربة جداً، الآن الفروقات بينها كبيرة وواسعة، فهناك بلدان سارت في طريق التطور التقني ولا تختلف بشيء عن البلدان الغربية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان. والأمر الآخر عدد سكان الصين والهند اللتين لهما موقع متميز في العلاقات الدولية بسبب عدد سكانهما.

وهناك 50 60 دولة انسجمت مع العولمة بسبب موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية ورخص الأيدي العاملة فيها مثل تايلند. وهناك بلدان مصدرة للنفط.

كما توجد بلدان هامشية في النظام العالمي، فإذا كانت حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في ستينات القرن الماضي متساوية في الصومال وكوريا الجنوبية، فإن حصة الفرد في كوريا الجنوبية حالياً أصبحت أعلى بـ50 مرة .

ما هو المشترك بين البلدين حالياً؟ الأمر الوحيد الذي يجمعهما الشعور بأنهما كانا تحت نير الاستعمار.

لقد فقد مصطلح «البلدان النامية» معناه حالياً، لأن هذه البلدان اصبحت مختلفة تماماً، لذلك لا يمكن حلّ مسائل مشتركة. ويضيف لونيف: هنا أريد التأكيد على أن هيبة الاتحاد السوفياتي عالية في الشرق. لذلك يفضل استخدام هذه الخلفية كخيار لقوتنا الناعمة.

في جميع الأحوال، ستحتل قرارات قمة جاكارتا الحالية وتوصياتها مكاناً بارزاً في العلاقات الدولية، نظراً إلى مشاركة الزعيم الصيني شي جين بينغ، ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، على أقل تقدير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى