المدرب المحلي يتفوّق على الأجنبي في لبنان
اختلفت الصورة ما بين اللاعب الأجنبي في لبنان والمدرّب الأجنبي، ففي حين أثبت الأول حضوره القوي خصوصاً من خلال هيمنته على المراكز الأولى في صدارة الهدافين، أخفق الثاني في ترك بصماته، فكان عرضة للنقد والإقالة والتشكيك.
وتزامن تواضع مردود المدرب الأجنبي مع اجتهاد لافت لنظيره المحلّي، وتألّق الأخير مع أكثر من فريق.
وباستعراض سريع، ومن دون الدخول في جدلية المقارنة بين المدرب الأجنبي والمحلي، نجد أن حصيلة جهود المدربين المحليين جاءت مثمرة وواضحة النتائج، خصوصاً من خلال فريق العهد، الذي قاده محمود حمود إلى اللقب الرابع في تاريخه، وهي المرة الثالثة التي يحقق فيها «الحاج» هذا الإنجاز مع «الأصفر» بعد مواسم 2009 2010 و2010 2011.
أما النجمة بطل الموسم الماضي، فلم يتمكّن مع المدرب الألماني ثيو بوكير من الاحتفاظ بلقبه، وبعدما كان الأخير بطلاً بنظر مناصري النجمة وهم الشريحة الكبرى من جمهور الكرة اللبنانية، في الموسم الماضي، تحوّل «الثعلب الألماني» مادة جدل بين مشجعي «النبيذي» إذ حمّله بعضهم مسؤولية إخفاق الفريق هذا الموسم، في حين دافع عنه البعض الآخر، معتبراً أن لتراجع النجمة أسباب أخرى منها رحيل بعض نجوم الموسم الماضي مثل علي حمام ووليد اسماعيل وأكرم مغربي والمصري «مودي»، كما اتهم قسم من الجمهور بعض اللاعبين بالتراخي وتراجع المستوى.
وبعد بداية قوية مع المدرب الصربي زوران بيسيتش توّج خلالها الأنصار بطلاً لدور الذهاب، عانى «الأخضر» تراجعاً لافتاً في الإياب، حيث خسر أمام الأخاء الأهلي والشباب الغازية والنبي شيت، ما تسبب في فقدانه الصدارة لمصلحة العهد، ودفع بإدارته لإقالة بسيتش قبل تعاقد مبدئي مع المصري فاروق جعفر، ثم مرحلي مع الفرنسي ريشار تاردي، الذي يكمل الفترة القصيرة المتبقية من الموسم الحالي مع الفريق.
وعاش فريق طرابلس الشاب أفضل مواسمه في الدرجة الأولى، بفضل مدربين محليين هما اسماعيل قرطام وورطان غازاريان، فتقدم إلى المركز الرابع في أفضل ترتيب له في الدوري، فضلاً عن احتفاظه بحظوظه في كأس لبنان حيث سيواجه الأنصار الجمعة في الدور قبل النهائي.
أما «النبي شيت» الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء، فاستحق لقب «الحصان الأسود» لأنه لعب دوراً بارزاً في الجولات الأخيرة حيث تغلب بقيادة مدربه المحلي الجديد محمد الدقة على القطبين التقيلديين الأنصار 2 صفر والنجمة 1 صفر ، كما غلب الصفاء العريق 2 1.
وبدأ «النبي شيت» الدوري مع مدرب محلّي هو موسى حجيج، قبل أن يستبدله بالسوري عساف خليفة، ويستقر في النهاية على الدقّة الذي قاده للمركز الخامس بعد نتائج لافتة، قفزت بالفريق البقاعي على سلم الترتيب من مركز مهدّد بالهبوط إلى المركز الخامس.
ولم يعرف فريق السلام حامل كأس لبنان الاستقرار هذا الموسم، بقيادة الهولندي بيتر مندريتسما، لكنه بذل جهداً واضحاً في الجولات الأخيرة، مكّنه من الإفلات من خطر الهبوط إلى الدرجة الثانية.
ويسجل لمدرب الشباب الغازية الشاب مالك حسون نجاحه في إبعاد خطر الهبوط عن الفريق الجنوبي، بعد نتائج بارزة منذ أن تسلّم قيادة الفريق، بدلاً من سلفه حسين حسون بعد 8 جولات من انطلاق الدوري.
وتقاسم المدرب المحلّي سمير سعد مع التركي ـ الألماني باهتيار فانلي مسؤولية إخفاق الصفاء بطل موسمي 2011 2012 و2012 ـ 2013، والذي تراجع إلى المركز الثامن، في ترتيب هو الأسوأ له منذ سنوات.
وبعدما قاد سعد الفريق ذهاباً، تولّى فانلي المهمة إياباً، لكن عروض الفريق راوحت مكانها في مربع النتائج المهزوزة.
وعاش شباب الساحل تناقضاً على الصعيد الفني، فالمدرب جمال طه الذي أقيل من منصبه قبل 4 جولات من نهاية البطولة نظراً لتواضع النتائج هو نفسه جمال طه الذي أحرز كأس التحدي في بداية الموسم على رغم الظروف الصعبة التي عاشها الفريق، في ظلّ غياب أي نوع من أنواع الإدارة. كما أنه نجح في إيصال الفريق إلى قبل نهائي كأس لبنان، مقصياً العهد بطل الدوري في دور الثمانية.
وبعد تدهور نتائجه بقيادة المدرب الشاب فادي العمري، أسند الأخاء مهمة إنقاذه من خطر الهبوط إلى السوري حسين عفش، الذي لم ينجح في انتشال الفريق الجبلي من مأزقه حتى الساعة، إذ ينتظر جولتي النهاية لمعرفة مصيره، علماً أنه يحتل حالياً المركز الحادي عشر ما قبل الأخير.
وعانى التضامن صور الأزمة نفسها ككل موسم حيث يصارع على جبهة الهبوط بنفس المدرب محمد زهير من دون ظهور مؤشرات على قدرة الفريق على التطوّر، بغياب الإمكانات المادية ونزف اللاعبين وضعف العنصر الأجنبي في صفوفه.
ولا يتحمّل المدرب المحلّي موسى حجيج مسؤولية وجود الراسينغ في المركز الأخير بالدوري، لأنه تولى إدارته الفنية قبل 6 جولات فقط من نهاية الدوري، وبعد أن تراجع فريق «القلعة البيضاء» إلى المركز الحالي على يد مدربين تشيكيين هما ليبور بالا وجوزف بروتيتش.
وبالمحصلة، يبدو مردود المدرب المحلي جيداً في الموسم الحالي، لكن هذا التميّز لم يصرف حتى الآن في أي مكان إذ لا يزال خيار المدرب الأجنبي هو الأرجح في رحلة البحث عن المدرب الجديد لمنتخب لبنان، كما لا يزال المدرب اللبناني يعاني تفاوتاً واضحاً في راتبه بالمقارنة مع نظيره الأجنبي، وسهولة إقالته من منصبه، في حين تتمسك فرق عدة بمدربيها على رغم تراجع مستواها، كالنجمة الألماني تيو بوكير والسلام بيتر مندريتمسا . أما النموذج الأبرز على أزمة الثقة بالمدرب الوطني فجاءت من بوابة المنتخب حيث بقي المدير الفني الإيطالي جوزيبي جيانيني في منصبه، على رغم فشله بالتأهل إلى نهائيات كأس آسيا بحكم أمر الواقع لعقده المستمر حتى 30 حزيران المقبل، وذلك في حين يعمل كثير من المدربين اللبنانين من دون عقود مع أنديتهم!