معركة «نصر جسر الشغور» ورقة العبور التركي إلى ضفة المفاوضات

لمى خيرالله

في إطار محاولة خلط الأوراق واستباق الأحداث وإعادة تموضع السياسات وتحديداً قبل توقيع الاتفاق النهائي للملف النووي الإيراني في الثلاثين من حزيران وقبل عقد مشاورات «جنيف- 3» في مطلع أيار المقبل كان التخطيط لمعركة جسر الشغور وعلى مدار شهر كامل من داخل غرفة عمليات أقيمت ضمن الحدود التركية بإدارة الاستخبارات التركية ودول أوروبية داعمة للمسلحين لخلق توازن ميداني جديد يدفع الحكومة السورية للجلوس على طاولة تفاوض «جنيف- 3» بسقف منخفض.

الحديث عن الدور التركي الإرهابي في جبهات شمال غربي سورية لم يعد بحاجة الى دليل بل هو توصيف لمجمل ما تشهده المنطقة العربية من مخطط التفتيت لتكون مقدمة استحقاقاتها رأس سورية، ما يعني دخول الأدوات الاقليمية على الخط مباشرة في رحى الحرب السياسية.

جسر الشغور بوابة المنطقة الساحلية الواقعة في الريف الغربي لإدلب وفي أقصى الشمال الغربي للحدود السورية التركية التي تمسك في أطرافها جبل الأكراد في ريف اللاذقية ما يجعلها ممراً إجبارياً بين المدن الساحلية ومحافظتي أدلب وحلب. فسيطرة المسلحين على المدينة قد تؤمن لهم قاعدة انطلاق لفتح جبهات أخرى في ريف ادلب واللاذقية، الأمرالذي قد يهدد طرق الامداد للجيش السوري نحو تلك المدينتين.

إلا أن إعادة نشر الجيش لوحداته في محيط المدينة والطريق الدولي سيبعد هذا الاحتمال مع وجود قواعد خلفية له في ريف اللاذقية وابقائه على مواقع له في ريف إدلب وتحديداً في بلدتي أريحا والمسطومة على بعد خمسة وعشرين كيلومتراً من جسر الشغور.

فإعلان مجموعة من الفصائل المسلحة منذ نحو شهر ونصف الشهر تشكيل ما سمّته «جيش الفتح» الذي دخل مدناً وبلدات عدة في محافظة إدلب، لم يكن عبثاً فهو الغطاء الإعلامي لمجموعة الفصائل «الجهادية» بزعامة «النصرة»، أحد فروع تنظيم «القاعدة» في سورية، والذي يضم مقاتلين من مختلف الجنسيات، وهذا ما أكده القيادي السعودي في «جبهة النصرة»، عبدالله المحيسني، عندما أعلن قبل ايام أن عدد المقاتلين الذين دخلوا سورية عبر الحدود التركية يبلغ نحو 12 ألف مقاتل.

الجيش السوري من جانبه لم يقف مكتوف الأيدي، بل أعاد انتشاره في محيط جسر الشغور حيث قال مصدر عسكري سوري إنه اعتباراً من صباح 24 نيسان خاضت وحدات من الجيش السوري معارك ضارية في جسر الشغور، مؤكداً أن سلاح الجو السوري دمر رتل عربات للتنظيمات الإرهابية على محور القنية ـ الجانودية في ريف إدلب كما وجه ضربات مركزة في بشلامون وعين الباردة وعين السودة.

هنا لم يعد صعباً معرفة كيفية إدارة المعركة وما هي مجرياتها طالما أنها على تماس مع الحدود التركية فهذا الهجوم الكبير يهدف الى فرض منطقة عازلة، بعد الانتقال في الهجوم إذا تم نجاحه إلى إحدى منطقتين أما حلب وهي الهدف الدائم للمتدخلين الإقليميين، وأما محاولة تضييق الخناق على اللاذقية بغية إثارة هدوئها الذي تعيشه.

في الختام يبقى الكلام أن جسر الشغور لن تكون مستقراً لجبهة «النصرة»، ولا لأي من الأدوات الارهابية المأجورة، فالجيش السوري سيقرر وفي وقت قريب اعادة الامور إلى نصابها ووضعها الطبيعي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى