قانون سير جديد… وطرقات بالية!
أحمد طيّ
أمر ممتازٌ أن تطوّر الدول قوانينها بما يتماشى مع تطوّر الحياة ومتطلّباتها من جهة، ومع تطوّر التكنولوجيا ووسائل التواصل والاتصالات والمواصلات.
وأمرٌ مشين أن تبقى الدول متّبعةً قوانين قديمة أكل الدهر عليها وشرب، بينما عدد سكانها ازداد أضعافاً، والحياة آخذة في التطوّر.
وكم فرح كثيرون ببدء تطبيق قانون السير الجديد في لبنان. لا سيما الجمعيات التي تعنى بالسلامة العامة، من «يازا» إلى «كن هادي»، إلى «رودز فور لايف»، ومعهم أيضاً الإعلام والمجتمع المدني، وحتّى مواطنون كثيرون.
ومن باب النقد البنّاء، الذي يحاول أن يصوّب الأمور لا أن «ينقّ» إزاءها. والذي يحاول أن يضيء على الشوائب، لا أن يضع العراقيل، كان لا بدّ أن نسلّط الأضواء على جملةٍ من الأمور، علّ القيّمين على تطبيق القوانين ـ لا سيما وزارة الداخلية والبلديات والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ ينتبهون إليها، ويلفتون المعنيّين الآخرين إلى وجوب رأب الصدوع، كي لا نقع في المحظور.
لدى قراءتنا نصّ قانون السير الجديد، لفتنا الجزء المتعلّق بـ«الشرعة اللبنانية لحقوق المشاة»، وفيه عدد من البنود التي توضّح حقوق المشاة في لبنان. من العيش في بيئة صحية، إلى العيش في مراكز مدنية أو قروية موائمة لاحتياجات الإنسان، لا لاحتياجات المركبات الآلية، وأن تتوافر المرافق ضمن مسافات المشي أو الدرّاجات. ومن حقّ المشاة بالحركة الكاملة من دون عوائق، إلى حقّهم بأرصفة مخصّصة لهم، وبممرّات آمنة… إلخ.
كلّ ما تضمّنته هذه الشرعة جيّد، إنما يا معالي وزارة الداخلية، هلّا استنفرت عناصر قوى الأمن يوماً واحداً في بيروت فقط، لإحصاء عدد الأرصفة المحتلّة من قبل كراسي المطاعم والمحال التجارية ودرّاجات «الدلفيري» النارية، و«الخضرجية» وباعة القهوة، والأكشاك، وما إلى ذلك؟
هلّا أوقفتِ بلدية بيروت عن منحها كلّ هؤلاء تراخيص ربما تكون استثنائية؟
أما بالنسبة إلى المادة 42، في البند الرابع الذي جاء فيه: «يحظّر الوقوف في ممرّات المشاة، والمداخل والمخارج…». مهلاً، أيّ ممرّات للمشاة، أيقصَدُ بها تلك الخطوط التي تُرسم على الطريق قبل إشارة المرور، والتي تكون واضحة بحيث لا يوقف السائق سيارته فوقها، فيجتاز المشاة الطرق بسلامة وأمن؟ إذا كانت تلك هي الممرات المقصودة في هذه المادة، فنودّ أن نطمئن معالي الوزارة. لا خطوط واضحةً على أيّ شارع في لبنان. إذ إن الزفت أسود أسود أسود، وما رُسم أو دُهن أو طُلي على هذه الطرقات، فقد لونه من اليوم الثاني لرسمه ودهنه وطلائه. هنا لا بدّ من الإيعاز إلى الوزارة «الزميلة» ـ الأشغال العامة والنقل ـ أن تعيد رسم الخطوط والأسهم وما إلى ذلك على الشوارع، مع ضرورة الإشارة إلى شراء طلاء أصليّ ـ «يضاين شي عشر سنين» ـ لا إجراء صفقات يستفيد منها المستفيدون ـ على دفعات متتالية ـ وما أكثرهم.
هذا جزء بسيط من نظرة سريعة على قانون السير الجديد، وما نقدنا إلا تنبيه للمعنيين، علّهم ينتبهون.