جسر الشغور معركة نصر السياسة والعسكر…
سعد الله الخليل
تدرك القوى المعادية لسورية حساسية ما تمرّ به معركتها في سورية، والتي دفعتها إلى التصعيد على أكثر من جبهة، وأصابت في إطلاق اسم «معركة النصر» على حملتها الأخيرة على جسر الشغور، والتي لم تكن مجرد إطلاق تسمية لرفع المعنويات بل تنمّ عن واقع تفرضه حساسية المعركة بأبعادها الزمانية والمكانية وفي سياق التطورات الإقليمية وكلها عوامل لم تعد تحتمل الانتظار أو اللعب على آمال تطورات بسيطة هنا وتقدم بطيء هناك.
يبدو جلياً لتركيا التي يجيد ثعلباها رجب طيب آردوغان وأحمد داوود أوغلو اللعب على الحبال أنّ مفتاح نصرها وخشبة خلاصها في المنطقة بات في سورية، والتي منها بدأ الحلم الإخواني التركي يأخذ أبعاده الشرق أوسطية بمشروع إحياء سلطنة القرن الحادي والعشرين قبل سنوات، ورغم انقلاب الموازين وتغيّر الظروف التي كانت داعمة لمشروع السلطنة، تبقى الورقة السورية الضامن الوحيد للنجاة التركية، وهي الورقة الأخيرة التي ترغب واشنطن باللعب بها علّ استثمار نجاحها يقلب الموازين، فبعد الفشل السعودي في إسقاط التفاهم النووي الإيراني سواء في المفاوضات أو عبر الحرب في اليمن وانهيار مشروع إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع العدو الإسرائيلي في الجنوب السوري تمكن «جبهة النصرة» من الاختراق نحو العاصمة السورية، كان لا بدّ من الدخول التركي في معركة نصره في إدلب وجسر الشغور تحديداً على أمل أن يضمن نجاحه فيها مقعداً على طاولة المفاوضات التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الإنعقاد، حيث تدرك أنقرة أهمية ما تمثله الشهور الأربعة المقبلة في مشروع رسم خرائط المنطقة التي خاضت من أجلها واشنطن حروبها عبر السنوات الخمسة الماضية، وهو ما يفسّر التلاقي التركي السعودي القطري في معركة جسر الشغور والتي استدعت دخول سماح تركيا بدخول أكثر من 5000 مسلح غير سوري لخوض المعركة إلى جانب جيش الفتح الذي تمّ تشكيله قبل أربعة أيام من الهجوم على مدينة إدلب كمحصلة لهذا التقارب وبقيادة «جبهة النصرة»، للسيطرة على مدينة جسر الشغور، تلاقٍ لا بدّ منه لكسب معركة مصيرية والتي استدعت زيارة زهران علوش إلى تركيا ولقاءه مسؤولين أتراك من بينهم رئيس المخابرات التركية حقان فيدان ومسؤولين عن الملف السوري في تركيا، قبل أن يتوجه إلى السعودية المموّل الرئيسي لجماعة «جيش الإسلام» الإرهابية التي يقودها علوش.
لا تقلّ أهمية الموقع الاستراتيحي لجسر الشغور في بعدها المكاني عن أهمية ظروف معركتها، فالمدينة تعدّ بوابة تركيا إلى محافظة اللاذقية، لا يفصلها عن حدود ريف المحافظة سوى عشرة كيلو مترات، والتي خاضت للوصول إليها معركة كسب وفشلت، ما يمنح للسيطرة على الجسر نكهة بحرية تستحقّ الهجوم من ثلاثة محاور عبر إدلب وشمال غرب حماة، باستخدام عربات تحمل عبوات ناسفة كان لـ«جبهة النصرة» الدور الأكبر في تحقيق التقدم باعتراف كلّ مواقع المعارضة السورية، وهو ما يكشف عن حقيقة التعويل التركي على «النصرة» و«داعش» في معركتها ضدّ سورية، بعيداً عما تعلنه واشنطن من ترّهات لبرامج تدريب المعارضات المسلحة المعتدلة في تركيا كغطاء ورافعة لجناحها العسكري في حربها السوري.
أمام حجم المغامرة التركية في جسر الشغور يدرك الجيش العربي السوري بأنّ معركة إدلب وجسر الشغور لا تقلّ أهمية عما خاضه في مثلث الموت في أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة ويعدّ العدة للمواجهة ولن يسمح لتركيا بكسب ورقة عجزت عن امتلاكها أربع سنوات لتكون معركة الشغور ساحة معركة نصره الحقيقي وجسر عبوره إلى ما بعد إدلب.
من جسر الشغور الرسالة «معركة النصر قادمة»… التوقيع الجيش العربي السوري.
«توب نيوز»