مدارات

مدارات

دلالات وأبعاد توقيت فتح الحدود التركية

أمام «النصرة» وأخواتها تجاه إدلب والجسر

أحمد علي العبدالله

«الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل اخرى» مما تعنيه مقولة المفكر الالماني كلاوز فيتز هذه أن الاشتباك الميداني هو البنية التحتية لأي طاولة حوار أو مؤتمر تفاوضي وتالياً يمكن ان تكون اللهجة الاعلى أو علو الكلمة لمن له الغلبة على الارض.

وعليه نفهم ضرورة هروب رجل السعودية الاول في سورية المدعو زهران علوش إلى أنقرة على أنها عنوان مرحلة جديدة هي وحدة قطبي اعداء سورية وهما، السعودية وغالبية اعضاء مجلس التعاون الخليجي والكيان الصهيوني ومن ورائهما دولتا الاستعمار التقليدي فرنسا وبريطانيا، ومن جهة تركيا وقطر كونهما راعيتي «الاخوان المسلمين» في المنطقة في جبهة موحدة على المستوى السياسي بقيادة المايسترو وهو الولايات المتحدة الاميركية، وتوحيد الجهد العسكري في ميدان الاشتباك قبيل مؤتمر جنيف بايام قليلة جداً.

المؤتمر الذي يصفه مراقبون بحجم مؤتمر يالطا الشهير كون مؤتمر جنيف المزمع عقده عن سورية، الموقع والموقف، من حيث هي كما وصفها الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران بأنها «ميزان الشرق»، ويتماهى هذا المنطق سياسياً مع ما ذهب اليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوله: «ان ما يحدث في سورية سيحدد شكل العالم الجديد».

ولأن مسألة وحدة الكلمة وعلو الصوت في أي مفاوضات سياسية لن تأتي بأكلها وبخاصة في مؤتمر جنيف المرتقب ما لم يقم الوكلاء لأميركا في الحرب على سورية بمحاولة تعويض في جسر الشغور نتيجة فشلهم في بقية رقعة الجغرافيا السورية بخاصة الاستراتيجة منها كما الحال في الجنوب السوري حيث فشلت «النصرة» وأخواتها في تهديد جدي للعاصمة وبإقامة حزام امان للكيان الصهيوني وكذلك بإنشاء جيش لحد سوري.

لذا ندرك دلالات وأبعاد ضرورة اعلان معركة الجبهة الشمالية وفتح الحدود في هذا التوقيت الحرج امام عشرات آلاف مسلحي «النصرة» وشقيقاتها المتطرفة لتسطو على أمن وسكينة ولقمة عيش المواطنين السوريين في تلك المدينة المنكوبة بإرهاب المجموعات المسلحة جسر الشغور .

أي أن الفريق الخاسر في الوقت بدل الضائع كعادته دائماً لا بد من ان يزج بأقوى أوراقه قبيل ان ينفذ الوقت منه، فجنيف… ها هو.

تماماً كما فعل أردوغان وشركاؤه مؤخراً في ادلب وجسر الشغور، ولعل الامر يبدو متوقعاً حيث ان يصعد الاعداء بخاصة أن أردوغان على مستواه الشخصي ذهبت صرخاته كلها، بأن تكون منطقة عازلة معترفاً بها، ادراج الرياح وايضاً هو العائد بخفي حنين من طهران وبغداد بضرورة اشراك «اخوانه المسلمين» بالعميلة السياسية في العراق.

كذلك كان لا بد لأدروغان وشركائه ان يزجوا بالنصرة على جسر الشغور ليكون حضورهم كدول مؤثرة في مجرى ومصير الحرب على سورية بمستوى ثقل طهران التي ستحضر بقوة بعد الاتفاق الاطاري حول المفاوضات النووية مع مجموعة الـ 5+1 وتكاد توقع الاتفاق النهائي معها بعد أن وجهت لها دعوة رسمية من قبل ستيفان دي ميستورا بعد ان أبعدت عن جنيف الاول والثاني بفعل دول الحلف المعادي لسورية.

الخطة التركية تأتي لإعلاء صوت المسمى «الإئتلاف» الذي كان حسبهم الممثل الشرعي للشعب السوري أمام حضور وفود جديدة من المعارضة السورية التي تقاطعت رؤيتها مع رؤية وفد الدولة السورية في موسكو-2 الذي خرج المؤتمرون به بعدة مبادئ وأولويات كان حدثنا عنها رئيس الوفد السوري الدكتور بشار الجعفري قائلاً: «إن المشاركين أستطاعوا الوصول إلى ورقة موحدة عنوانها «تقييم الوضع الراهن لبلدنا» من خلال تقييم خطر الإرهاب وضرورة توحيد الجهود كافة لمحاربته ومؤازرة الجيش العربي السوري.

ولعل من دلالات وأبعاد عملية فتح الحدود التركية أمام «النصرة» أيضاً أن مؤتمر جنيف بمثابة السلم الذي تريد أميركا أن تنزل عبره عن الشجرة وتالياً نجدها مضطرة بأن تأخذ بوصايا لجنة بيكر هاملتون إثر فشل حملة بوش الابن على العراق عام 2003 وعلى وجه الخصوص ان كل محاولاتها في ما بعد باءت بالفشل في توليد الشرق الاوسط الجديد كحرب عام 2006 على لبنان ومحاولات الانقلاب الناعم في استغلالها لاحداث الشغب التي شهدتها شوارع طهران 2007 اثناء فوز الرئيس السابق أحمدي نجاد وكذلك تفشل محاولتها الاخيرة في سورية من أجل توليد ذياك الشرق إذ رأت تلك اللجنة ان واقعاً سياسياً جديداً غير الذي كان بين انهيار دور المنظومة الاشتراكية وعملية اجتياح بغداد.

الواقع السياسي الجديد مكون من قوى اقليمية ودولية هي أقوى بمكانها ودورها من الولايات المتحدة من هذه القوى مثلاً سورية وإيران وروسيا وغيرهما، على أميركا ان تكون سياستها اكثر مرونة وتتفاهم معها وفق منطق تبادل واحترام المصالح، لعل الولايات المتحدة باتت تسمع لصوت اللجنة تلك وارادت تالياً أن تخرج أميركا ووكلاؤها بأقل هزيمة ممكنة من «جنيف 3».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى