«إسرائيل» تعوّض بغارات وهمية عجز ميزان الردع؟

الكلام المنسوب إلى فريق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن ان الغارات في القملون قد تمّت ولكن لا علاقة لـ«اسرائيل» بها يثير السخرية، فهو خير طريق للإعلان عن أنّ الخبر كله كان مجرّد كذبة مفبركة لاختراع معادلة قوة وهمية وافتراضية لـ«اسرائيل» أو إجراء فحص وتقدير موقف لكيفية تعامل قيادة المقاومة بعد عملية مزارع شبعا مع مثل هذا النوع من المواقف.

تصرف المقاومة الهادئ الذي لم يؤخذ بالانفعال والهستيريا «الاسرائيلية» والذي حافظ على البرود أوصل رسالة غاية في الاهمية مضمونها هو انّ المقاومة لا تعمل على ساعة التوقيت «الاسرائيلية» حتى لو كانت هناك غارات حقيقية، فالردّ يتقرّر وفق حسابات الأولويات والمصالح وهل تحتاج «إسرائيل» سبباً لتصعيد تخطف عبره الأضواء في توقيت تعرف أنه يناسبها، أم انّ التوقيت مناسب للمقاومة لتضع معادلتها؟ وهذا أمر صار من خبرات المقاومة التي لا تقرّر اللعبة الإعلامية معادلات عملياتها.

بعد مرور أيام قليلة اضطرت «إسرائيل» إلى التسليم بخسارة الجولة، فاعترفت عملياً أن لا غارة في القلمون من خلال الحديث عن جهة مجهولة نفذت غارات هناك، واكتفت بالإعلان عن عملية تسلل للمقاومة السورية وقعت في كمين ألغام ما أدّى إلى كشفها وقيام الطيران المعادي بالتدخل لضربها، واللأمر ربما يكون قد حدث قبل الكلام عن غارات على القملون، لكن التكتم عليه كان لمعرفة مدى صلة حزب الله بعملية الجولان واعتبار الضربات المزعومة في القلمون رداً محتملاً كرسالة اعلامية ولما لم تلق «إسرائيل» ما تنتظر اضطرت إلى الكشف عن عملية الجولان والتراجع عن خبر غارات القلمون.

الواضح انّ الإعلان عن غارات القلمون جاء بزخم إعلامي عربي لافت، حيث تمّ تناقل الخبر بسرعة كبيرة حتى انتشرت تقارير تحكي تفاصيل ما يوحي انّ ثمة شيئاً كبيراً ما يلوح في الأفق، بالتالي فهو يضع الحادثة في إطار مخطط ومدروس من أجل جسّ نبض حزب الله أولاً وحرص «إسرائيلي» ان لا تتورّط في أي حرب ثانياً، وبالتالي اذا كانت الغارات مجهولة المصدر كما تقول «إسرائيل» فهي تلمّح الى أنّ جهة ما تقود غارات على سورية فمن عساها تكون؟

بعض التقارير التي تعمل لحساب دول خليجية ألمحت الى انّ هذه الغارات ناجمة عن تحالف شبيه لتحالف «عاصفة الحزم» الذي تقودها السعودية في اليمن، وهذا بدوره اذا صحّ ليس سوى تامين مخرج «إسرائيليّ» من ورطة مقبلة واستدراج الى حرب مع حزب الله.

اذا كان «الاسرائيليون» يعتبرون فعلاً انّ هناك جهة مجهولة تنفذ غارات على سورية، فهم بهذا يعلنون من دون ايّ وجه منطق انّ هناك من يجول في الأجواء من دون علمهم، وهذا ضعف استخباري يسجل في غير مصلحتهم، وبهذا فإنّ جسّ النبض «الاسرائيلي» لا يحتسب بعد معادلة ردع مزارع شبعا سوى في خانة الضياع «الاسرائيلي» الذي يحاول التأكد من مدى جدية السيد نصرالله فيها، وهي التي تحاول اليوم قلب المعادلات الإقليمية وترغب في فتح جبهة موازية لليمن مع السعوديين لكنها حتى الساعة لم توفق بسبب حذرها بل وحذرها الشديد من ايّ حماقة ترتكبها، فيضع حزب الله معادلته موضع التنفيذ.

عبثاً تحاول «إسرائيلّ حتى الساعة فتح جبهة حرب أخرى تضغط من خلالها على سورية ومن ورائها إيران، وتجد فيها «اسرائيل» متنفساً لمساحة «نصر» تستثمره عند الأميريكيين وتواجه به توقيع الاتفاق النووي مع طهران.

«إسرائيل» تعوّض بغارات وهمية، وهي كما السعودية، تتنازعهما الاوهام طيلة الشهرين المقبلين…

أما الحصيلة… معادلة مزارع شبعا لا تزال تحكم موازين الجبهات و«إسرائيل» تسلّم بذلك.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى