هل يفعلها عون وينسحب من طائف لبنان؟ 1
روزانا رمّال
خرج رئيس تكتل التغيير والإصلاح بكلام «يعصف حزماً» على طريقة التيار بعد اجتماعه بكتلته فقال: «مراكزنا مش شحادة».
يكفي خصومه أن يستشرفوا من هذه اللهجة جدية ودقة الموضوع بالنسبة إلى الزعيم المسيحي، فالوقت ضاغط والاستحقاقات على الأبواب. لا تمديد لقهوجي بتاتاً بالنسبة إلى عون، أما عن صهره شامل روكز فهو لم يقل إنه يريده بل إنه يريد قائداً للجيش، وفق القانون.
تقوم معادلة الطائف على الساحة الإسلامية في لبنان، وفقاً لما يرويه قياديون في التيار الوطني الحرّ محاججين كما يلي:
عند الدروز لا شيء يجري إلا وفقاً لرغبة النائب وليد جنبلاط، وفي ذروة الدعم السوري لطلال أرسلان ضمن السوريون قسمة ثلثين لجنبلاط وثلث لأرسلان، وهي معادلة توزيع عادلة، لكن بقي احترام مكانة الزعامة الجنبلاطية كأساس في النيابة والوزارة والإدارة وصولاً إلى الجيش والقوى الأمنية علناً وخير دليل منصب رئيس الأركان في الجيش الذي يعينه جنبلاط.
عند السنة لا مكان للاعتراف بحضور ثلث السنة المعارضين للحريري، وإن حصل، يتم إلقاء الحرم عليهم وملاحقتهم حتى الخضوع للمشيئة، فرئيس الحكومة والوزراء واللوائح النيابية والموظفون الإداريون يختارهم الحريري ونادراً ما يكون الحدّ الأدنى الفيتو الحريري، بدليل كيفية تعيين رئيس فرع المعلومات بالوراثة من ضابط لضابط تابعين لتيار لمستقبل.
أما عند الشيعة، فإنّ رئيس المجلس النيابي والوزاراء والمدراء يخضعون لتفاهم الثنائي الشيعي، فمنصب المدير العام للأمن العام مثلاً، ينتجه هذا تفاهم بين حركة أمل وحزب الله، ولا تعيين لموظف شيعي خارج الفئة الأولى وداخلها من دون تسميته من هذا الثنائي.
قام التطبيق الأعرج للطائف، وفقاً لقيادي في التيار على توزيع الحصص المسيحية في الدولة على الثلاثي السني ـ الشيعي ـ الدرزي، طوال عقدين من الزمن، منها ما كان في زمن الوجود السوري ومنها ما استمر بعد الانسحاب، وبعدما خرجت سورية توفرت المساندة من جهات بديلة إقليمية كالسعودية، ودولية كأميركا، وبقي وضع اليد على الحصص المسيحية من غير المسيحيين.
في العام 2005 حصد العماد عون ثلاثة أرباع أصوات المسيحيين، ولم ينل سوى في المقابل سوى السعي إلى إنهائه وعزله ومنعه من المشاركة في الحكومة وحرمانه من أي دور في الإدارة، فبقيت رئاسة الجمهورية خارج أي حساب للثقل التمثيلي للمسيحيين، واستمرّت محاولة الهيمنة الطائفية تتم تحت شعار الضغط ليرضى المسيحيون بحصّة صغيرة من حقوقهم، كجائزة ترضية، مقابل منح براءة ذمة لصحة التمثيل، فإمّا ترك الرئاسة أو قيادة الجيش أو الوزراء أو النواب بنسب معينة حصصاً يتوزعها ممثلو طوائف أخرى، أو منع الفريق الأوسع تمثيلاً للمسيحين من بلوغ رئاسة الجمهورية.
يدرك التيار حساسية اللحظة السياسية اللبنانية والإقليمية، ويدرك أيضاً أنّ أي تهاون في إنتاج حضور مسيحي كامل التمثيل، بحقوق تشبه ما يجري على ساحة الطوائف الأخرى سيعني نهاية الحضور المسيحي في الشرق الذي يرى في الدور المسيحي في لبنان علامة اطمئنان.
يقول القيادي في التيار الوطني الحر إنّ كلّ الاحتمالات مفتوحة إذا استمرت الضغوط لفرض أمر واقع طائفي باسم تلافي الفراغ، للتمديد لقائد الجيش بهدف حرمان المرشح الذي يقدمه التيار، بصفته الأوسع تمثيلاً، لهذا المنصب وهو العميد شامل روكز. ويشير إلى أنّ الأمر نفسه يحدث في الرئاسة، لذلك فإنّ التيار يتصرّف على قاعدة: إما دور مسيحي بشراكة كاملة، وإلا فلا براءة ذمة مسيحية لنظام الهيمنة الطائفية و ليخرج المسيحيون من النظام. هذا قرار تاريخي كبير يدرسه التيار وهو واحد أهم محاور الحوار مع القوات اللبنانية ولن يكون بعيداً من البحث مع بكركي ليتحمل كلّ مسؤوليته التاريخية.
في هذا السياق، يؤكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي لـ«البناء» أنّ الخطة التي ستسلك شيء والمضمون التنفيذي شيء آخر، لافتاً إلى أنّ التعاطي معه سيكون «بالمفرق»، أي خطوة خطوة، و أنه يجب الانتباه إلى أنّ الموضوع خطير، بمعنى أن لا يحاول أحد الاستخفاف بالاحترام المطلوب، وبما قد يترتب من نتائج .
وحول إمكانية انسحاب وزراء التيار من الحكومة قال عضو التكتل ناجي غاريوس لـ«البناء»: «إننا في التيار ليس لدينا حكم على النوايا و اليوم أعطى الجنرال عون موقفاً وسننتظر، ومن هذا الموقف نرى ردود الفعل ونتخذ القرار المناسب، فكلّ ما نطلبه من الحكومة هو أن تجتمع وتطرح الأسماء وفق القانون، فخلافنا ليس مع قهوجي إنما مع تطبيق «قانون الدفاع» الذي لا يشير إلى شيء اسمه تمديد.
هل يفعلها التيار؟ هل يخرج من الحكومة ويستقيل نوابه من البرلمان أم يربط ذلك بحصيلة مشاوراته مع بكركي وحواره مع القوات، أم أنه سيحاور جعجع وبكركي من منطلق رمي المسؤولية عليهما ووضع البطريرك الراعي في أجواء إما الوقوف إلى جانب موقف مسيحي موحد وإما نخوض المعركة منفردين ولتتحمّلوا؟
ماذا عن حلفاء التيار الوطني الحرّ؟ وإن كانت العلاقات فاترة مع حركة أمل، إلا أنها في أفضل حال مع حزب الله. ماذا عن موقف حزب الله الحقيقي، وماذا لو طلب حزب الله من عون الانطلاق من حساباته المحلية والإقليمية في أي قرار يتخذه؟ هذا ما سنتناوله في حلقة الغد.