عون: التمديد للقيادات الأمنية ممنوع… وهولاند يعلن عجز فرنسا أمام الراعي
كتب المحرر السياسي:
فيما استبدلت السعودية بخيبة أمل، دعواتها إلى انتظار قرارات مجلس الأمن، لرؤية المصير الأسود الذي ينتظر الحوثيين، بشنّ حرب شعواء على المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر وتحميله مسؤولية فشل المسعى السعودي لتصعيد الموقف الدولي وتغطية مواصلة العدوان، بحديثه عن قرب التوصل إلى حلّ سياسي أحبطته السعودية ببدء حربها، وفيما بدا الكلام السعودي ندباً للحظ العاثر، بدأ المبعوث الجديد إسماعيل ولد الشيخ أحمد اتصالاته لرفع الحصار البحري السعودي عن سواحل اليمن وتحميله مسؤولية الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه اليمنيون.
الوضع الاستراتيجي في الخليج كان الهدف الرئيسي للحرب السعودية، عبر فرض نظام خطوط حمراء لحركة البحرية الإيرانية، وجعل الأجواء اليمنية امتداداً للأجواء السعودية، وكانت إيران تمتصّ العنجهية السعودية وتعاملها بأناة وحرص، حتى بلغ الصبر الإيراني مداه، فكان يوم أمس موعداً للردّ المزدوج. ما حدث أمس كان بداية الجواب الإيراني، عندما ردّت إيران على الحادث الذي تعرّضت له سفنها التي كانت تحمل المعونات لليمن بحراسة قطعها البحرية قبل أيام قبالة خليج عدن، وكادت تؤدّي إلى مواجهة بحرية مع السفن الأميركية التي وقفت بينها وبين الساحل اليمني، فقامت باقتياد سفينة شحن أميركية تخطت حدود المياه الإقليمية الإيرانية، ونقلتها إلى مرفأ بندر عباس، وفي وقت لاحق أفرجت عنها بعد تفتيشها. وقبل أن تصل الرسالة الإيرانية إلى واشنطن، كانت طائرة المعونات الإيرانية التي منعها السعوديون من دخول الأجواء اليمنية منذ يومين تحط عنوة في مطار صنعاء.
العمليتان الإيرانيتان، لم تكونا بمثابة ردّين منفصلين، ولا خطوات عفوية انفعالية، بل حسابات تريد أن تحسم الهوية الاستراتيجية في مياه وأجواء الخليج، حيث تتضمّن الرسالة الإيرانية، ما يكفي لإعلان الخليج بحيرة لا مكان للعربدة فيها لا جواً ولا بحراً، ومن يريد فرض قواعده للاشتباك فليعلم أنّ لإيران أيضاً قواعدها، ومن يريد الاحتكام للقوانين التي تحكم الممرات والمضائق المائية، والأجواء الإقليمية، فإيران أول الملتزمين.
هذا في جنوب المنطقة، أما في شمالها، فقد اختتمت «إسرائيل» جولتها الهوليودية للتصعيد، بالتراجع، عندما أعلنت قناتها الأولى أنّ جيش الاحتلال لن يردّ على القذائف التي تساقطت على مواقع جيش الاحتلال خلف خط فصل الاشتباك، في ردّ للمقاومة السورية على سقوط شهدائها الأربعة، الذي استشهدوا بنيران الاحتلال وهم يحاولون الدخول إلى المناطق المحتلة. وفيما جاء العذر «الإسرائيلي» لتبرير عدم الردّ شهادة للمقاومة بالقول إنّ القذائف أطلقت من مناطق سيطرة المسلحين، ما يعني نجاح المقاومة في اختراق خطوط «جبهة النصرة» ونصب مدفعيتها من داخلها لاستهداف مواقع الاحتلال، ويكشف الحرص «الإسرائيلي» على العلاقة مع «النصرة»، بينما كانت المقاومة السورية تنتزع بدماء شهدائها معادلتها
التتمة ص6
التي فرضت حضورها كلاعب جديد يثبت وجوده على المسرح الإقليمي، فمنذ اليوم صارت جبهة الجولان مفتوحة، وصارت المقاومة السورية رقماً صعباً لا يمكن تجاهله، وهذا ما جنته «إسرائيل» من العربدة الهوليودية التي بدأتها ببلاغات بهلوانية عن غارات لم تقع وغارات وقعت وغارات لا يعلم أحد إنْ وقعت.
لبنان المنقسم حول ما يجري في جنوب المنطقة وشمالها، منقسم حول نفسه وهمومه واهتماماته، وكان على موعد مع تطوّرات في سياقات الانقسام، حيث حمل البطريرك بشارة الراعي من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خيبة أمل بعدما تبلغ العجز الفرنسي عن التدخل لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي واعتباره رهينة أميركية سعودية إيرانية، بينما كان موضوع التعيينات الأمنية، ورفض التيار الوطني الحرّ للتمديد لقائد الجيش يبلغ درجة الغليان مع إعلان العماد ميشال عون، بصورة واضحة، لقد طفح الكيل والتمديد للقيادات الأمنية ممنوع، وكلّ الاحتمالات مفتوحة.
فرنسا تنفض يدها من الملف الرئاسي
بعد أن كان يأمل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي من فرنسا مساعدة لبنان لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، نفضت الأخيرة يدها من الملف، بعد صولات وجولات موفدها جان فرنسوا جيرو المتكررة إلى لبنان والسعودية وإيران. وعلمت «البناء» أن البطريرك الراعي تبلغ من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد لقائهما في قصر الإليزية «أن فرنسا سحبت مبادرتها لإيجاد حل للفراغ الرئاسي»، مشيراً إلى «أن حل الملف الرئاسي بات في الملعب الأميركي – السعودي من جهة، والإيراني من جهة أخرى». وأشار هولاند للراعي إلى «أن ليس في مقدور فرنسا تكرار تجربة الدوحة، وأن على اللبنانيين أن يتفقوا في ما بينهم لانتخاب رئيس».
وكان الراعي تمنى على هولاند مساعدة لبنان لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت والعمل على تأمين المساعدات اللازمة للنازحين السوريين، وغادر اللقاء من دون الإدلاء بأي تصريح.
وفي روما بحث وزير الخارجية جبران باسيل دور مسيحيي لبنان في محاربة الإرهاب. وعقد سلسلة لقاءات في الفاتيكان حول مجابهة الإرهاب، ووضع المسيحيين في الشرق. ولمس باسيل ممن التقاهم «أن موجات التطرف والعنف لا يمكن الرد عليها إلا من خلال الحفاظ على الشخصية المسيحية والرسالة الإنسانية». وأكّد باسيل «أنّ الكل يشجع على الحوار في الشرق الأوسط».
«يحاولون إقصاء المسيحيين من السلطة تمهيداً لتهجيرهم»
من ناحية أخرى، رأى رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أنه «ممنوع أن يأتي خيال إلى رئاسة الجمهورية». وقال عقب اجتماع «التغيير والإصلاح» الأسبوعي: «ما يخصني أريده أنا وليس غيري. لا ننكر الصفة التمثيلية للموجودين لكن لا نقبل أن ينكروها علينا.»
واعتبر «أن ما يحدث هو أنهم يريدون تفريغ موقع الرئاسة من القرار وقيادة الجيش من الكفاءات، معتبراً «أن كل ما يحكى عن التعيينات الأمنية خارج عن الواقع والقانون» .ولفت إلى أن مسألة التمديد يتم التخطيط لها لإبعاد أشخاص. وقال: «أنا لم أقل إنني أريد صهري قائداً للجيش بل قلت إنني أريد قائداً وفقاً للقوانين.» وشدد على «أن التمديد ممنوع»، مشيراً إلى «أن كل الإجراءات موجودة ومتاحة، ومثلما هناك ناس ممكن أن تتركني يمكنني أن أتركها وأنا أخذت قراري ولا أتراجع عنه».
وأكدت مصادر المجتمعين لـ«البناء» «أن قرار العماد عون بات واضحاً لا لبس فيه، نحن نحتاج إلى حل جذري، لن نقبل بعد الآن بالبدعة التي ابتدعوها «من لهم لهم، ومن لنا لنا ولهم».
ولفتت المصادر إلى «أن تسامحنا أصبح خسارة للمسيحيين وخسارة للوطن»، مشيرة إلى «أن ما يجري محاولة لإقصائنا من السلطة تمهيداً لتهجير المسيحيين وهذا ما لن نسمح به، فنحن أبناء هذا الوطن ولسنا درجة ثانية أو ثالثة، وما حصل في العراق ومصر لن نسمح بتكراره في لبنان».
حزب الله لن يترك الجنرال
وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة «أن كلام الجنرال عون ليس موجهاً ضد حزب الله المُصرّ على إجراء التعيينات الأمنية والعسكرية»، مشيرة إلى «أن الجنرال عون تبلغ من حزب الله أنه سيسير معه في هذا الملف». وشددت المصادر على «أن حزب الله لم يترك الجنرال ولن يتركه».
حردان: لضرورة تفعيل المؤسسات
ومن عين التينة، شدد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان على ضرورة تفعيل المؤسسات في لبنان وعدم تهميش دورها، وفي طليعتها المجلس النيابي. وكرر حردان القول: «نحن مع السعي الجدي للوفاق والتوافق على رئاسة الجمهورية». وأكد «أننا نريد حكومة فعالة تقدم الخدمات اللازمة للمواطنين»، مشيراً إلى «أننا مع إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، ولا يصح أن يبقى لبنان عشر سنوات من دون موازنة».
وأكد «أن المؤسسات العسكرية والأمنية تقوم بواجبها لحفظ استقرار البلد، ويجب الالتفاف حولها ودعمها».
بري ندعم الخطة الأمنية في الضاحية
ونقلت أوساط الرئيس نبيه بري عنه قوله لـ«البناء»: «لا أحد يعلمني الميثاقية أو يزايد عليّ في هذا الأمر، أنا أول من اعتمد الميثاقية وطبقها»، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يبرر تعطيل بعض القوى السياسية للتشريع، لا سيما أن البنود التي وضعت على جدول الأعمال إذا أقرت ستعود بالمصلحة على المواطنين من قانون سلامة الغذاء إلى قانون الإيجارات الذي سيضاف إلى جدول الأعمال، وصولاً إلى اتفاقيات قروض يجب أن تقر والاستفادة منها قبل انتهاء صلاحيتها».
وتحدث بري عن الخطة الأمنية في الضاحية، مؤكداً «أنها بدأت بداية جيدة، ونحن ندعم هذه الخطة وسنوفر لها الغطاء السياسي، لاستكمال ما بدأته القوى الأمنية والعسكرية في طرابلس والبقاع».
وبعد طرابلس والبقاع، وصلت الخطة الأمنية إلى الضاحية الجنوبية حيث بدأت على نطاق واسع من دون أي إشكالات تذكر، وانتشر عناصر قوى الأمن الداخلي في أحياء رئيسية من الضاحية، أقاموا الحواجز الظرفية، أوقفوا السيارات. فيما يجول وزير الداخلية نهاد المشنوق اليوم في المنطقة، للإطلاع على سير الخطة من الوحدات العسكرية المنتشرة. كما حشدت القوى الأمنية آلياتها تحت جسر الرينغ، تمهيداً لإطلاق المرحلة الثانية من انتشارها في الضاحية والتي ستشمل توسعاً نحو العاصمة بيروت ككلّ، حيث ستنطلق من بشارة الخوري إلى البربير فكورنيش المزرعة وطريق الجديدة.
مجلس الوزراء وداتا الاتصالات
ويعاود مجلس الوزراء اليوم بحث طلبُ وزارة الداخلية الحصولَ على «داتا الاتصالات» كاملةً بدءاً من 1 أيار المقبل، وطلب وزارة الشؤون الاجتماعية قبول هبة ماليّة إضافية لدعم جهود الاستجابة لتداعيات النزوح السوري إلى لبنان. وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» أن موقف حزب الله معروف، فنحن نعترض على تسليم وزارة الداخلية «الداتا» ونعتبر ذلك غير قانوني».
فتح جبهة الجولان أصبح حقيقة عملية
في سياق آخر، أكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» «أن الكلام عن فتح جبهة الجولان أمام المقاومة السورية أصبح حقيقة عملية وممارسة ميدانية»، مشيرة إلى «أن إسرائيل كانت تتصور أن إطلاق القرار السوري بفتح الجبهة، هو نوع من التهويل، وأن حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن مقاومة شعبية سورية، من باب رفع المعنويات»، إلا أنها تفاجأت أن السوريين هم الذين قاموا بزرع العبوات الناسفة، وهم الذين أطلقوا الصواريخ من الأراضي السورية باتجاه الجولان المحتل».
وأشارت المصادر إلى «أن إسرائيل تحاول أن تكابر بعدم الاعتراف بالمقاومة السورية، لأنها تريد أن تخدع نفسها وتقول إنها لا تزال تملك زمام المبادرة في الجولان». وشددت المصادر على «أن المتغير الاستراتيجي الكبير الذي كانت تخشاه إسرائيل أصبح حقيقة قائمة». وإذ توقعت المصادر «أن تحصل مناوشات»، شددت على «أن الحرب الإسرائيلية على لبنان مستبعدة فـ»إسرائيل» تدرك أن دخولها في حرب ضد حزب الله مكلف جداً، فهي تعلم كيف تدخل الحرب، لكن لا تعلم كيف تخرج منها».