همزة وصل

image_0_1همزة وصل

مشروع بايدن

نظام مارديني

لم تنسَ الولايات المتحدة الأميركية ولن تنسى الفشل الذريع الذي منيت به قواتها المحتلة في العراق عسكرياً وسياسياً، وفشلها في إرساء التجربة «الديمقراطية» المزعومة ومشروعها العسكري في إقامة الشرق الأوسط الكبير، وانسحاب قواتها المهزومة. فهل جاء الوقت لتطبيق مشروع بايدن قبل الغزو الأميركي الذي قُسّم بموجبه العراق إلى دويلات وطوائف إثنية ومذهبية سنّية، شيعية، كردية ؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، وقراءة المشهد السياسي العراقي، نشير إلى أنّ مشروع بايدن «الفيدرالي» كان قد لاقى بعد عرضه في أيار 2007، قبولاً كبيراً في مجلس الشيوخ الأميركي. كما أن من صفّق للفيديرالية من العراقيين عام 2005، يرفضها اليوم عدا الأكراد كونه اكتشف حقيقة واضحة تقول إن الهدف الأساس منها تقسيم العراق وتجزئته وتفتيت جغرافيته إلى ثلاثة كيانات أو أكثر.

وإذا وُجدت حكومات ثلاث أو أكثر في العراق، فهل يبقى أيّ وجود أو أيّ شرعية لحكومة مركزية في بغداد يمكنها أن تدير أيّ مصالح مشتركة؟ فإن كانت هي اليوم عاجزة عن السيطرة على كامل مساحة العراق، فكيف تريدها يا بايدن أن تسيطر على أمن الحدود وتوزيع عائدات النفط؟

العراقيون يدركون الأسباب الكامنة وراء إطلاق المشروع من جديد، وإن بِاسم عضو الكونغرس ماك ثوربيري، وهدف ذرف دموع التماسيح وادّعاء التعاطف مع الأكراد والسنّة على رغم إعلان السفارة الأميركية براءتها من هذا القانون، باعتباره لا يستند إلى أيّ قوانين، ولا يعكس سياسة الولايات المتحدة ومواقفها.

لا شكّ أن القصد من القرار بالقول إنه لتخليص الجماعتين الكردية والسنّية من مِحنتهما، ومنعاً للحرب الأهلية بين مكوّنات العراق، إنما يتمثل بفتح الباب للحرب الأهلية، كما للتغطية على توجّهات جديدة، بعد إطلاق «داعش» في كل من العراق وسورية، أقل ما يقال فيها إنها تستهدف إعادة التاريخ إلى الوراء، إلى عهود «سايكس ـ بيكو»، بما يتيح استبدال الاستعمار الأوروبي بالأميركي ومصادرة سيادة العراق.

ندرك أن مشاريع تقسيم العراق ليست جديدة. فهي تطرح على فترات زمنية عدّة ومحددة تعدل مرة و«تزوّق» ثانية، إلا أنها في الجوهر تروّج للتقسيم… والتقسيم مشروع يهودي ـ أميركيّ قديم يهدف إلى تجزئة الأوطان على أسس مذهبية إثنية. وبين حينِ وآخر يطرحه بايدن على رغم معرفته أنه سيلاقي استهجان العراقيين جميعاً واستنكارهم، إلّا من أذنابه ومرتزقته الذين روّجوا الأكاذيب عن أسلحة الدمار الشامل، ودفعوا الإدارة الأميركية إلى غزو العراق واحتلاله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى