هل يتدخّل حلفاء سورية مباشرة في الحرب؟

عامر التل

منذ بداية الحرب على سورية، قلنا إنّ ما يجري فيها ليس شأناً سورياً داخلياً، فالحرب الكونية التي تشنّ عليها لا تستهدفها فقط، بل تستهدف تفتيت المنطقة على أسس مذهبية وطائفية، بعد أن يكون سايكس ـ بيكو في العام المقبل قد استنفذ أهدافه بمرور مئة عام على تنفيذه. كما أنّ هذه الحرب تستهدف محور المقاومة كاملاً إضافة إلى روسيا والصين، وكلّ الدول التي ترفض التبعية للولايات المتحدة الأميركية.

وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب في سورية وعليها، نجد الصمود الأسطوري للجيش السوري الذي يواجه ليس فقط قطعان الإرهابيين من مختلف دول العالم، بل أيضاً جيوش وأجهزة استخبارات لدول كبرى وإقليمية مدعومة بأموال طائلة وأجهزة إعلام لا تعدّ ولا تحصى من فضائيات وإذاعات وصحف ومواقع الكترونية وغيرها من وسائل الإعلام الحديثة.

هذا الصمود الأسطوري لسورية قيادة وشعباً وجيشاً هو الذي قاد إلى انقلاب في المعادلة الدولية، إذ انتهى زمن القطب الواحد، وأصبح هناك إلى حدّ كبير توازن في موازين القوى بالعالم، فلولا هذا الصمود والتصدّي لكانت روسيا تواجه الإرهاب في شوارع موسكو، كما قال العديد من المسؤولين الروسيين، ولكانت إيران محشورة في الزاوية الضيّقة، ولما احتاج وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الجلوس مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في جنيف ودخول مفاوضات شاقة معه، ترفض خلالها إيران أن تُذعن للشروط الأميركية مستندة بكلّ ذلك إلى فشل المشروع الاميركي في سورية بإسقاط الدولة الوطنية السورية ودورها في المنطقة.

فخلال هذه السنوات من الحرب التي قدّمت خلالها سورية آلاف الشهداء وآلاف الجرحى وتدمير معظم البنى التحتية، ليس دفاعاً عنها فقط بل عن حلفائها وعن كلّ المنطقة، وبعد كلّ هذه التضحيات والدماء التي قدمتها من حقها ومن واجب الحلفاء مساعدتها، ليس فقط مالياً وسياسياً، بل عسكرياً وبشكل مباشر. فلماذا يعلن المحور الآخر بوقاحة أنه يدرّب ويسلّح ويموّل الإرهابيين الذين يقومون بقتل الشعب السوري وتدمير منجزات الدولة السورية؟ ولا يكتفي هذا المحور المعادي بذلك بل يتمادى في وقاحته، ويعلن ـنه في صدد إقامة مناطق عازلة، ومناطق حظر طيران، وإدخال وحدات نظامية من جيوش هذا المحور المعادي لمساعدة الإرهابيين في حربهم، من خلال مشاركتها على الأرض السورية باحتلال أراض سورية، كما حصل ويحصل في إدلب وحلب والمنطقة الجنوبية، وتقوم «إسرائيل»، التي هي ليست عدو أمتنا فقط بل عدو الإنسانية كلّها، بمساعدة هؤلاء الإرهابيين ليس بالعلاج في المستشفيات الصهيونية بل بتزويدهم بالسلاح وتدريبهم، ودخول خط القتال إلى جانبهم لمساعدتهم كلما دعت الضرورة لتدخلها المباشر.

بعد هذه السنوات من تضحيات سورية وصمودها في الحرب الكونية التي تشنّ عليها من خلال الجماعات التكفيرية التي لا تعرف صديقاً دائماً لها، على محور المقاومة وحلفاء سورية الانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة من خلال المساعدة العسكرية المباشرة على الأرض، وبالتأكيد فإنّ هذا ليس انتقاصاً من قدرات وكفاءة الجيش السوري، فهذا الجيش بصموده الذي تعجز كلّ العقول العسكرية عن تفسيره، سيصبح نموذجاً تقوم الدول لاحقاً بتدريس صموده في معاهدها وجامعاتها، لتعليم جيوشها وقادتها العسكريين والأمنيين، كيف يكون الصمود والتصدّي لأعتى جيوش وأجهزة الأمن في العالم، فالمشاركة المباشرة لمحور المقاومة وحلفاء سورية، هي من باب التكافل والتضامن وسداد جزء من دين سورية على حلفائها، ومن باب حماية مصالح هذا المحور، من خلال التصدي المباشر لهذه الحرب القذرة التي تشنّ من أجل تغيير خريطة العالم لمصلحة محور معادٍ للإنسانية.

رئيس تحرير شبكة

الوحدة الإخبارية في الأردن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى