سامر سعادة: الخلاف بين المسيحيين استراتيجي ولا ينحصر بملف التعيينات الأمنية
حاورته: روزانا رمال
اعتبرعضو كتلة «الكتائب» النائب سامر سعادة أن «التمديد للقيادات الأمنية والعسكرية هو الخيار الأفضل للبنان في ظل الخطر»الإسرائيلي»، متسائلاً: إذا لم يحصل الاتفاق على هذه التعيينات هل نفرغ المواقع الأمنية والعسكرية من رؤوسها؟».
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» رفض سعادة ترك قيادة الجيش في الفراغ، محذراً من «أن اللعب بمصير أمن بلد في وضع حساس كما هو اليوم هو لعب بالمجهول»، نافياً أي اتفاق على اسم مرشح لقيادة الجيش.
واتهم سعادة من يعطل انتخاب رئيس الجمهورية بتعطيل التمديد لقائد الجيش، مشيراً «الى أن هناك فراغاً في رئاسة الجمهورية نعيشه كل يوم ولا نريد أن نعيشه أيضاً في قيادة الجيش».
واعترف بوجود خلافات مسيحية في هذه الملفات، مبرراً ذلك بوجود خيارات وطنية متعددة عند المسيحيين وخيارات على مصير لبنان، مؤكداً أن الخلاف بين المسيحيين خلاف استراتيجي ولا ينحصر بملف التعيينات.
وحمّل سعادة التيار الوطني الحر وحزب الله مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي بعدم نزولهم الى المجلس، داعياً إلى «عدم انتظار رعاية إقليمية لحل مشاكلنا لأن لبنان ليس أولوية على الساحة الإقليمية ولا الدولية».
وأوضح أن «التنسيق مع الجيش السوري ومدى إفادته يعودان إلى التقدير العسكري لقيادة الجيش اللبناني، رافضاً وضع حدود للجيش لحماية الحدود اللبنانية.
وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
بداية ما هو موقفكم مما يطرحه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بما خص التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، هل تؤيدون طرحه؟
في المبدأ، يجب أن لا يتم التمديد في أي مؤسسة في الدولة اللبنانية حتى المجلس النيابي، لكن هناك واقعاً يجب أن نتعامل معه كمسؤولين. اليوم هناك خطر على الحدود اللبنانية من جانب «إسرائيل» بسبب أطماعها التاريخية بلبنان ما يجعل الوضع في الجنوب قابلاً للإنفجار في أي لحظة. ويوجد أيضاً، الخطر الإرهابي على الحدود الشرقية المتمثل بالمنظمات الإرهابية التي خطفت جنوداً في الجيش وقوى الأمن الداخلي وتحاول أن تشن هجمات على لبنان ويمكن ان تنطلق المعركة في أي لحظة بحسب المعلومات والتحليلات. كذلك الوضع الأمني غير السليم في الداخل والذي قد ينفجر في أكثر من منطقة إن كان في طرابلس أو عبر الاغتيالات.
في المبدأ نحن مع عدم التمديد للقيادات الأمنية بعد انتهاء ولايتها، لكن نسأل: إذا لم يحصل الإتفاق على هذه التعيينات هل نفرّغ المواقع الأمنية والعسكرية من رؤوسها أو نبقي عليها؟. هناك حكومة تمثل معظم الأطراف اللبنانية وما يتفق عليه نسير به ومن يأخذ ثلثي الأصوات من بين المرشحين يعيّن قائداً للجيش ومدير قوى الامن الداخلي وغيرها من المراكز. لكن إذا لم نتفق هل نترك الفراغ يعمّ الساحة الوطنية؟ طبعاً لا، لذلك إذا لم يتم التوافق على التعيين نحن مع التمديد للقيادات وعندما يحصل الاتفاق لا مانع من تبديل القيادات وتعيين أصلاء في المركز.
التيار الوطني الحر يقول إنه يوجد بديل يحل مكان قائد الجيش وهو رئيس الأركان، لأن القانون لا ينص على التمديد، فلماذا نذهب إلى التمديد؟
رئيس الأركان أيضاً ستنتهي مدة ولايته مع قائد الجيش ما يمنع تسلمه مكانه، وإذا انطلقنا من منطلق طائفي رئيس الأركان ليس مسيحياً ولا تعود القضية إذاً المحافظة على المواقع المسيحية في الدولة. لا يمكن أن نترك قيادة الجيش في فراغ واللعب بمصير أمن بلد في وضع حساس كما هو اليوم فهذا لعب بالمجهول.
أنتم كحزب كتائب دعوتم التيار الوطني الحر إلى طرح أسماء لقائد الجيش في مجلس الوزراء، فلماذا لا أنتم ولا أي طرف آخر، تطرحون أيضاً أسماء وتتحدثون دائماً عن التمديد فقط؟
الأسماء لا تطرح على مجلس الوزراء لكي يصوّت عليها وتتغربل، ليست هذه طريقة العمل في الحكومة، الأسماء التي تصل الى المجلس يكون قد جرى التفاوض عليها مسبقاً بين الأطراف، والخلاف يحصل خارج مجلس الوزراء وليس داخله، الإتفاق على اسم مرشح لقيادة الجيش غير موجود واليوم طالما الاتفاق غير متوافر، أمامنا خياران: إما فراغ وفترة إنتقالية وخضة في الأجهزة الأمنية، وإما تمديد والمحافظة على الوضع القائم لكي يحصل الإتفاق والخيار الثاني هو أفضل الشرين برأينا.
لبنان في منطقة تغلي أمنياً وكذلك الساحة الداخلية، وهناك فراغ في رئاسة الجمهورية نعيشه كل يوم ولا نريد أن نعيشه أيضاً في قيادة الجيش، من يعطل انتخاب رئيس الجمهورية هو الفريق نفسه الذي يعطل التمديد لقائد الجيش عبر الطروحات التي يقدمها.
لماذا عندما يتم تعيين أي موقع لدى الطائفة الشيعية أو السنية يتم باتفاق الممثلين لهذه الطائفة، أما عند التعيين في المواقع المسيحية يصبح الأمر قراراً وطنياً؟ لماذ لا توجد زعامة مسيحية موحدة ليحاربوا من أجل حقوقهم؟
نحن نؤمن بدولة المؤسسات، توجد طريقة عمل ضمن المؤسسات. هناك خلافات مسيحية في هذا الموضوع وهذا واضح لوجود خيارات وطنية متعددة عند المسيحيين وخيارات على مصير لبنان، الحوارات المسيحية اليوم موجودة على ملفات متعددة نحن والتيار الوطني الحر ونحن و«القوات» وبين التيار و«القوات» وتيار المرده والبطريرك بشارة الراعي أيضاً يبذل جهوداً، لكن المسيحيين يختلفون على المستوى الاستراتيجي وليس على موضوع تعيين هنا وهناك، وهذا لا يعني أن تتفق القوى الأخرى في الطوائف الأخرى على تعيين من يريدون. فهذا الأمر من شوائب النظام اللبناني يجب إزالتها.
رغم وجود هذه الحوارات التي تتحدث عنها لا نرى زخماً واندفاعاً لانجاز الاستحقاق الرئاسي، لماذا؟
من يعطّل انتخاب رئيس للجمهورية هم الذين لا يحضرون جلسات الانتخاب، على النواب ممارسة واجباتهم وتحمّل مسؤولياتهم. هناك مسار ديمقراطي للانتخاب لكن البعض يريد معرفة اسم الرئيس قبل الانتخاب، التيار الوطني الحر وحزب الله هما اللذان يتحملان كامل المسؤولية عن تأخير الانتخاب بعدم نزولهم الى المجلس بسبب خوفهم من تصويت النائب وليد جنبلاط لاسم لا يريدونه رئيساً.
هل تؤمن أن مجلس النواب هو الذي يثمر الرئيس؟
نعم يثمر، في العهد السوري كان هناك وضع شاذ وقانون انتخاب شاذ ونواب يفوزون بأصوت غير مسيحية، اليوم هناك تشابك مصالح بين دول إقليمية داخل لبنان ولكن من ينفذ هذه السياسة هم اللبنانيون وعلى النواب أن يقدموا مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية والإقليمية وإذا وجدت المصلحة الوطنية يتحول الاستحقاق الى لبناني.
هل تعتقد أن تيار المستقبل فعلاً يريد انتخاب رئيس «القوات» سمير جعجع، لأنه وبحسب الأوساط، «المستقبل» فاوض أكثر من مرة على أسماء وجعجع ليس من بينهم؟
نحن لا نحكم على النيات بل على الفعل، هناك قرار لدى «المستقبل» بالتصويت لجعجع وقد فعل ذلك في جلسة الإنتخاب الأولى، وهناك الآن، تدخل خارجي في هذا الملف لكن الانصياع للضغوط هو قرار لبناني إلا اذا أراد النواب ذلك وهم يتحملون المسؤولية.
هل تتوقع أن يطول انجاز هذا الاستحقاق؟
لا أرى النور في نهاية النفق المظلم، للأسف هناك مصالح شخصية متشابكة مع مصالح إقليمية يحرم المجلس من نصابه القانوني لانتخاب رئيس.
هل يلفتك غياب السفير الأميركي دايفيد هِل عن الساحة اللبنانية؟
يجب ان نهتم بشؤوننا وأن نقدّم مصالحنا على المصالح الخارجية، وأن لا ننتظر رعاية إقليمية لحل مشاكلنا لأن المنطقة تغلي من اليمن إلى سورية إلى شمال إفريقيا، لبنان ليس أولوية على الساحتين الإقليمية والدولية إلا بعض التصاريح التي تطلق لرفع العتب فقط.
هل تعتبر أن هناك قراراً إقليمياً ليبقى لبنان في الحد الادنى من الإستقرار، وأن كل الدول تريد ذلك بسبب خطر الإرهاب على لبنان؟
المنطقة تشهد غلياناً كبيراً وما يحصل في الدول المحيطة بنا لا يتحملها لبنان، لذلك يوجد التزام في المحافظة على الإستقرار اللبناني من خلال تسليح الجيش بالسلاح الفرنسي والسلاح الأميركي والخبرات الأجنبية. كلبنانيين ما يهمنا هو الاستقرار والأمن اللبناني إذا كان يمر من خلال الامن الاوروبي أم لا.
لمذا لا يتم التنسيق مع الجيش السوري على الحدود لمواجهة الإرهاب؟
كحزب الكتائب، طالبنا بالحياد الإيجابي عن الملفات الإقليمية وبأن يتعدل الدستور وأن يكون الحياد مضموناً دولياً وإقليمياً ويهمنا أن تكون الحدود آمنة ومستقرة والجيش اللبناني يقدم التضحيات اللازمة والكاملة على الحدود وكل اللبنانيين يشكرون هذا العمل. أما التنسيق مع الجيش السوري والى أي مدى يفيد فهذا يعود الى التقدير العسكري لقيادة الجيش اللبناني ولا أعتقد أن أحداً اليوم يضع حدوداً على كيف يحمي الجيش الحدود اللبنانية. الأزمة السورية أساسية في لبنان وهناك خيارات مختلفة بين دعم النظام وتأييد المعارضة، التنسيق يحصل لحماية لبنان، أما أن ننطلق الى مرحلة التطبيع مع النظام أو مع المعارضة فهذا موضوع خلافي كبير لذلك لا مصلحة للبنان ان يدخل في هذه الأزمة إن كان على صعيد الحكومة أو على الصعيد الوطني ومن هنا تأتي سياسة النأي بالنفس.
كيف يمكن لنا أن ننأى بأنفسنا عن إرهاب قادم إلينا وجربنا ممارساته في جرود عرسال وأيضاً الدول تحشد لمواجهته؟
– التحالف الدولي يكافح «داعش» لأن هناك اجماعاً على ذلك لكن لا يوجد اجماع على التنسيق مع النظام في سورية ولا أن يبقى النظام وتصريح وزير الخارجية الاميركي جون كيري طالب بتنحي الرئيس بشار الاسد عن السلطة.
لماذ لا تزالون تتحدثون عن رحيل الرئيس الاسد ومع وجود تواصل بين سورية والاستخبارات الفرنسية والأوروبية وتصريح كيري ما قبل الأخير تحدث عن ضرورة التفاوض مع الاسد؟
الرئيس أمين الجميل في البيال في ذكرى 14 آذار هو الوحيد الذي قال إن الأزمة السورية طويلة الأمد. ولم نتحدث عن أن الاسد سيبقى أم سيرحل، لكن مجرى التاريخ يصب في مصلحة المطالبين بالحرية، والسوريون يقررون إذا كان على الأسد أن يرحل أم لا.
عن أي حرية تتكلم؟ لا سيما في المشهد السوري؟
المشهد السوري ليس مشهداً إنسانياً والطرفان المتقاتلان يتحملان المسؤولية، الحرب هي حرب أهلية، الإصلاحات لم تكن على قدر آمال الشعب السوري، كلبناني أنا مع الحرية والديمقراطية والشعب السوري يقرر مصيره وما يريد، ولكن نحن نرفض التدخل في سورية وإرسال المقاتلين للقتال في سورية وهذا هو التدخل المباشر.
هل أنت غير مقتنع أن حزب الله ذهب الى سورية للدفاع عن لبنان من الارهاب؟
لم يطلب أحد من أحد الاستشهاد مع تقديرنا للشهداء، حزب الله لا يجوز أن يتدخل أما عندما يأتي الخطر الى لبنان نقاتله جميعاً، لأن هناك خلافاً في لبنان، هل دخل الارهاب عندما دخل حزب الله الى سورية أم أن دخول حزب الله كان لكي لا يدخل الإرهاب الى لبنان، كان الأفضل ان نحصّن حدودنا ونمنع دخول الإرهاب إلى لبنان. مشكلتنا هي أن حزب الله قال إن سلاحه للدفاع عن لبنان من «إسرائيل» فكيف انتقل ليصبح للقتال على الحدود الشرقية؟ فهو تحجج أولاً بأنه يدافع عن بعض القرى الحدودية ثم عن المقامات الدينية في سورية ثم عن كل لبنان. نحن ننطلق من منطلق وطني، إذا كان هذا السلاح سلاحاً مقاوماً فلا مبرر لوجوده واستعماله في سورية، بل مبرر وجوده في سورية إقليمي إديولوجي ومصالح إقليمية لا دخل لها بلبنان.
كيف تقرأ جلوس الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات حول النووي مع إيران وهي التي تدعم المقاومات في المنطقة وإيران جلست مع أميركا وكانت تقول الموت لأميركا؟
في السياسة الدولية لا يوجد عواطف، أميركا جلست مع إيران التي كانت تعتبرها داعماً للإرهاب وإيران جلست مع أميركا وكانت تسميها الشيطان الأكبر، هناك مصالح دول التقت. فلأميركا مصلحة بالحوار مع إيران وإيران لها مصلحة أيضاً، لأنها ترزح تحت الضغط الاقتصادي والحصار، نتمنى أن تنعكس هذه المفاوضات خيراً على لبنان والمنطقة التي تدفع ثمناً كبيراً في هذه الصراعات وأن نحل كل مشاكلنا بالحوار، نحن في لبنان وصلنا الى قناعة مشتركة وهي أن البلد للجميع وضرورة العيش المشترك بعد أن دفعنا الدماء، نتمنى أن تصل الدول إلى هذه القناعة.
يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12034