الاستفتاء في شرق أوكرانيا تجاوز الـ 70 في المئة

فاقت نسبة المشاركة في الاستفتاء على تقرير المصير شرق أوكرانيا، التي أجريت أمس، توقعات المنظمين في «جمهورية دونيتسك» و«لوغانسك» حيث ضاقت مراكز الاقتراع بحشد كبير، فيما سارعت الخارجية الأوكرانية إلى تصعيد لهجتها، واعتبرت الاستفتاء «مهزلة إجرامية بتمويل روسي». كما أكدت الخارجية الأوكرانية أن الاستفتاء لاغ قانوناً وهو ما سارع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى تأييده من باكو التي وصلها أمس، وهدد بمستوى أخر من العقوبات على حد تعبيره.

وكانت صناديق الاقتراع قد أغلقت الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي التاسعة مساء بتوقيت موسكو ، كما أكد منسق اللجنة الانتخابية المركزية لـ«جمهورية دونيتسك الشعبية» بوريس ليتفينوف، في حين مددت اللجنة الانتخابية في لوغانسك عمل الصناديق في مدينتي ألتشيفسك وبوباستايا ثلاث ساعات كي يتمكن عمال المناجم من التصويت بعد انتهاء يوم عملهم.

وقد أدلى آلاف الأوكرانيين بأصواتهم في إطار الاستفتاء على تقرير المصير شرق أوكرانيا. ودعا الموالون لروسيا الذين يسيطرون على كبرى مدن حوض دونباس الحدودي مع روسيا، السكان وعددهم نحو 7.3 مليون نسمة إلى الموافقة على مشروعهم لإعلان استقلال «جمهوريتين شعبيتين» في دونتيسك ولوغانسك، معربين عن ثقتهم بالحصول على دعم كبير.

وكتبت على بطاقات الاقتراع عبارة «هل توافق على استقلال جمهورية دونيتسك الشعبية؟» أو «هل توافق على استقلال جمهورية لوغانسك الشعبية؟».

وفي سلافيانسك التي وعد رئيس بلديتها فياتشيسلاف بونوماريف أول من أمس السبت بـ»مشاركة تصل إلى مئة في المئة»، ضاق مركزا اقتراع في وسط المدينة بحشد كبير.

وتخشى كييف والدول الغربية أن يفضي هذا الاستفتاء إلى تكرار السيناريو الذي أدى إلى ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في آذار. وفي هذا السياق سارعت وزارة الخارجية الأوكرانية الأحد إلى وصف هذا الاستفتاء بـ «مهزلة إجرامية» تمولها روسيا، وأكدت في بيان أن «الاستفتاء … لاغ قانوناً ولن تكون له أي نتيجة قانونية على وحدة أراضي أوكرانيا».

وتعتزم السلطات الأوكرانية إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 أيار، لكن الانفصاليين لا يعترفون بهذه الانتخابات ولا بالحكومة الانتقالية في كييف التي تشكلت اثر الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في نهاية شباط.

وتحظى كييف بدعم الولايات المتحدة التي اعتبرت أن هذا الاستفتاء «غير قانوني» ويشكل «محاولة لإحداث انقسامات واضطرابات».

وسبق أن تبنى الغربيون في الأسابيع الأخيرة عقوبات ضد روسيا وهم يهددون بتوسيعها إذا لم تجر الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا. وندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس بُعيد وصوله إلى باكو في جولة تشمل عدداً من دول القوقاز، بالاستفتاء واعتبره «لاغياً وكأنه لم يكن».

وقال الرئيس الفرنسي في تصريح صحافي إن «هذه الاستشارات الفعلية والمزورة … لا معنى لها وهي لاغية وكأنها لم تكن»، معتبراً أن «الانتخابات الوحيدة الصالحة» هي الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا في الخامس والعشرين من أيار الجاري والتي ستتيح انتخاب رئيس لكل أوكرانيا ويكون السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد، وعندها سيكون بإمكان الروس التفاوض مع الرئيس الأوكراني الجديد.

وتابع: «في حال لم يكن بالإمكان إجراء انتخابات الخامس والعشرين من أيار بسبب استفزازات وتدخلات، سيكون عندها من الضروري الانتقال إلى مستوى آخر من العقوبات». وختم قائلاً: «إلا أنني أراهن اليوم على أن انتخابات الخامس والعشرين من أيار ستجرى».

من ناحيته، اعتبر وزير الحرب الأميركي تشاك هيغل في مقابلة بثت أمس أن روسيا لن تحقق من الأزمة في أوكرانيا سوى «مكسب قصير الأمد»، مؤكداً أن قواتها لا تزال محتشدة على الحدود الأوكرانية.

وفي مقابلته مع شبكة «أي بي سي» الإخبارية، وصف هيغل روسيا بأنها «خصم في أوكرانيا» ولم يصفها بأنها عدو. وقال إن «روسيا تواصل عزل نفسها من أجل تحقيق مكسب قصير الأمد. وقد يشعر الروس بأنهم ينتصرون على نحو ما. ولكن العالم لا يركز على الأمور القصيرة الأمد».

وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وهولاند شددا على أن «فشل إجراء الانتخابات الرئاسية المعترف بها دولياً سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد».

لكن رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية سيرغي باشنسكي أكد ثقته بأن الانتخابات ستجرى في كل أنحاء أوكرانيا بما فيها دونيتسك ولوغانسك». لكنه لفت إلى أن نصف أراضي حوض دونباس قد تتسبب بـ»تعقيدات» بسبب اضطرابات محتملة.

وذهب وزير الخارجية السويدي كارل بيلد إلى التحذير من كارثة وكتب على موقع «تويتر» إن «الاضطرابات التي يتسبب بها الانفصاليون والعصابات المسلحة الموالية لروسيا تهدد بانهيار منطقة دونباس تماماً. ثمة مأساة وشيكة».

ولا يزال الوضع العسكري متوتراً في شرق أوكرانيا بعد تجدد المعارك ليل السبت الأحد قرب سلافيانسك، حيث بدأ الجيش الأوكراني في الثاني من أيار عملية تهدف إلى استعادة السيطرة على هذه المنطقة وهو يطوق المدينة منذ أيام عدة. وأسفرت المواجهات المسلحة في شرق وجنوب أوكرانيا عن عشرات القتلى في الأسبوعين الأخيرين.

في غضون ذلك، أوردت صحيفة «بيلد ام تسونتاغ» الألمانية أمس أن نحو 400 من المرتزقة تابعين لشركة «أكاديمي» الأميركية بلاك ووتر سابقاً ينشطون في أوكرانيا إلى جانب عناصر الجيش والشرطة الأوكرانيين وينسقون عمليات حرب عصابات ضد الانفصاليين الموالين لموسكو حول مدينة سلافيانسك.

وبحسب معلومات تستند إلى اتصالات لاسلكية بين مراكز قيادة للجيش الروسي اعترضتها وكالة المراقبة الأميركية ونقلت لاحقاً إلى أجهزة الاستخبارات الألمانية، فإن مرتزقة أميركيين ينسقون ويتولون قيادة عمليات حرب عصابات ضد الموالين لروسيا في محيط جيب سلافيانسك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى