ذكّر إن تنفع الذكرى… محمد بن نايف ملكاً منذ 2013
خلال مرّتين متباعدتين عامَي 2013 و2014، كتبتُ عن قرار أميركي يقضي بتسمية محمد بن نايف ملكاً للسعودية. وكان الملك عبد الله يرتّب مع شقيقه مقرن المرحلة الانتقالية من بعد رحيله، على فرضية وفاة سلمان سريعاً، وهو المريض وفي حال لا تقلّ سوءا عن حال عبد الله. وكانت حصة عبد الله بتمرير محمد بن نايف تسمية ولده متعب وليّاً لوليّ العهد. مات عبد الله وبقي سلمان وتسلّم العرش فحلّ مكان عبد الله بنيل جائزة الترضية. وسمّى ولده محمد وليّاً لوليّ العهد. لكن في الحالين، بقي الترتيب لتقدّم محمد بن نايف نحو العرش، وإزاحة سعود الفيصل وبندر بن سلطان. في المقالين اللذين أعيد نشرهما أشياء قد لا يراها القارئ مطابقة لما حدث كتوقعات. لكن التوقع الرئيس للمقالتين كما سيرى القارئ، أنّ محمد بن نايف هو الملك القادم في السعودية، لأن القراءة العلمية تقارب في توقّعاتها الحقيقة، تخطئ بالتفاصيل لكن الاتجاه الرئيس يبقى صحيحاً. لأن التغيرات تحكم التفاصيل. ولما تخطئ في الأساسيات تكون قد انحرفت عن العلم في القراءة والاستقراء. لذلك نجرؤ على القول: ذكّر إن تنفع الذكرى!
الملك محمد بن نايف 17/10/2013
تفيد المعلومات الواردة من الرياض، أن التجاذبات التي تشهدها الأسرة الحاكمة منذ سنة تقريباً، والمتّصلة بترتيب توازن السلطة ومراكز النفوذ، قد وجدت طريقها إلى الحسم مؤخّراً على إيقاع المتغيّرات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً الفشل الذي أصاب الحرب على سورية، والتعهّدات التي قطعها الثنائي بندر بن سلطان وسعود الفيصل للأميركيين حول امتلاك أوراق قادرة على تغيير المعادلة.
وتقول المعلومات إن الأميركيين الذي ذهبوا إلى حدّ التصعيد في خوض الحرب مباشرةً، ما كانوا جدّيين إزاء قرار الحرب، بقدر ما كانوا يصنعون ورقة تفاوضية تسمح لهم بالحصول على مقابل لها، يبرّر خروجهم من الاشتباك السوري الذي يجب أن ينتهي في كلّ من تركيا والسعودية بالطريقة التي انتهى إليها في قطر. ولم تكن الإشارات التركية التي وجّهها الرئيس عبد الله غول عن إمكانية التضحية برجب أردوغان وداود أوغلو، منفصلة عن كلام فيلتمان حول حقد الحكم السعودي وغبائه.
الفشل في سورية، والتفاهم الأميركي مع إيران الذي تتنامى معالمه وتتّسع محاوره، يحتاجان إلى تغيير كبير في السعودية يتعدّى التضحية ببندر وسعود. والمعلوم أن الملك عبد الله ووليّ العهد سلمان يعانيان حالة مرضية تجعل الرهان على أدوراهما نوعاً من الحماقة، وبالتالي لا بدّ من حسم الشخصية التي سيتم الاعتماد عليها في المرحلة المقبلة، كمحور للشراكة في الاستحقاقات الآتية.
الشخصيّتان المؤهّلتان هما: متعب بن عبد الله، قائد الحرس الوطني. ومحمد بن نايف وزير الداخلية والحرس والداخلية. هما صناعة الوالدين عبد الله ونايف، ويشكلان مصدرَي القوة في حكم المملكة، وقد شكّلا ثنائي الحكم طوال فترة تولّي الملك فهد شؤون الحكم.
المعلومات من الرياض تقول إنّ تفاهماً تمّ بتزكية أميركية على بقاء الأمير مقرن نائباً ثانياً لرئيس الوزراء، أي وليّاً لوليّ العهد، لإدارة مرحلة انتقالية يسلّم فيها الحكم لمحمد بن نايف كملك قادر على الحكم، ووليّ للعهد هو متعب بن عبد الله، على أن يتولّى عبد العزيز شقيق متعب مهام وزير الخارجية، وتكون هذه هي عناوين التأقلم مع المتغيّرات السورية والإيرانية، وتلبية متطلّبات المرحلة الأميركية الجديدة.
جلالة الملك نايف بن عبد العزيز متى؟ ربما في منتصف السنة المقبلة كما تقول المعلومات، تمهيداً للمصالحات التي تنتظره مع كل من الرئيسين بشار الأسد وحسن روحاني.
حلف الخاسرين سيبدأ من لبنان بسعد الحريري الذي وصف الملك الجديد بالمجرم والقاتل ذات يوم، وما زالت غيوم تلك الكلمة تخيّم على العلاقة بينهما. والعقوبة للحريري يبدو أنها قد بدأت مع إيقاف دفع المستحقات التقليدية لحركته السياسية أو لشركاته.
زمن جديد وتغيرات سريعة، ومن لا يسرع لن يجد دوراً في المشهد، ومن تورّط إما أن يعرف كيف يبتعد أو يبعد.
حسم في السعودية 18/10/2013
ـ المعلومات المؤكّدة من الرياض تتحدّث عن حَسم الخلافة بين جيل الأبناء للثنائيّ محمد بن نايف وزير الداخلية ملكاً، ومتعب بن عبد الله قائد الحرس الوطني وليّاً للعهد.
ـ الصيغة تعيد إنتاج ثنائية الوالدين عبد الله ونايف مقلوبة بالتسلسل، يوم كان عبد الله قائداً للحرس ونايف وزيراً للداخلية في عهد الملك فهد.
ـ مع رحيل الثنائي عبد الله وسلمان، سيقوم مقرن بدور انتقاليّ لتسليم الثنائيّ، وإبعاد الثنائي بندر وسعود تسهيلاً لمهمة العهد الجديد بالمصاحلات الإقليمية.
ـ الأساس في ترجيح كفّة محمد بن نايف عقله المؤسّسي والمسيّس، وعلاقته التنسيقية العميقة مع الأميركيين، قياساً بمتعب العفوي والشعبوي.
ـ عبد العزيز بن عبد الله شقيق متعب سيحظى بوزراة الخارجية لعلاقاته الطيّبة بسورية وقيادتها وبإيران، ليتولّى تمهيد المصالحات.
ـ محمد بن نايف الذي تولّى إدارة الحرب على «القاعدة» سيعود إلى مهمته الأساسية مع إزاحة بندر، وأولاد فيصل وسلطان سيخرجون من الحكم كلّياً.
ـ السعودية تتغيّر لأن الحرب على سورية فشلت، والتسوية مع إيران ضرورة.
ـ التوزانات والصراعات في العائلة قائمة حكماً بين الجيل الثاني، لكنها تتحرك على إيقاع متغيّرات المنطقة.