الدولة اللبنانية ربّ عمل سيّئ… سلسلة الرتب أسوأ ذكرى للعمال في العيد حزب الله يحسمها: متمسكون بالجنرال ومتماسكون معه في الرئاسة وغيرها

كتب المحرر السياسي:

بينما يواصل الملك السعودي الانشغال بفكّ وتركيب مؤسّسات الدولة، وفق مقتضيات تهيئة نجله محمد للإمساك بمقدرات الحكم، بعد إبعاد شقيقه مقرن، وابني شقيقيه متعب بن عبدالله وسعود الفيصل، انتقل للتضييق على ولي عهده محمد بن نايف، بإغلاق ديوان ولي العهد وضمّه إلى عهدة نجله محمد كرئيس للديوانين معاً، ما رسم علامات استفهام كبرى حول مقدرة الحكم المهتزّ أصلاً على تحمّل هزات بهذا الحجم، وكانت تداعيات تعيين عادل الجبير في وزارة الخارجية قد تمّت بطلب أميركي مباشر وفق ما أكدت لـ«البناء» مصادر متابعة في واشنطن بعد ورود نوايا لدى سعود الفيصل بإعفائه من منصب السفير في واشنطن. وبدأت استقالات الأمراء الذين تمتلئ الخارجية بمناصب فخرية لهم، بعد تولي موظف لدى العائلة منصب الوزير للمرة الأولى، بما لا يجيز لأمرائها قبول ترؤسه عليهم، وتلقيهم التعليمات منه. وفي المقابل بدأ الجبير حملة تطهير بحق الديبلوماسيين الذين يتصرّفون كممثلين للعائلة الحاكمة، وإصرارهم على خصوصية تخرج عن قواعد العمل الوظيفي، بإرسال تقارير وتلقي تعليمات من خارج القنوات الوظيفية، وقيامهم بإدارة محافظ سندات للأمراء، وشراء العقارات، ومتابعة تعليم الأولاد، ويبدو أنّ أول من طاولهم الاستدعاء وربما التطهير وفقاً لمصادر في الرياض هو السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري، الذي كان من رجال ولي العهد المُقال أو المستقال، مقرن بن عبد العزيز، من يوم كان رئيساً للاستخبارات السعودية وكان العسيري رجله في باكستان، في ترتيب أمور تنظيم «القاعدة»، وشحنات المال والسلاح والتنسيق الأمني بينها وبين الاستخبارات الباكستانية، والأميركية، وصار بعد ذلك من عمال سعود الفيصل، ما يجعله في نظر الجبير سفيراً فوق العادة لا يتناسب مع مسؤوليات وزير لا ينتمي لأسرة الأمراء ولا الشيوخ بل الموظفين.

السعودية تحت المجهر الأميركي بكلّ شاردة وواردة، بينما التفاهم حول الملف النووي الإيراني يقطع أشواطاً في صياغة النصوص النهائية. وفي المقابل تتوتر المنطقة، وتخيّم لغة الحرب، من اليمن، حيث انفجر الوضع الحدودي مساء أمس في محافظة نجران اليمنية المحتلة وسقط ضابط سعودي وثلاثة جنود قتلى مع قرابة عشرة جرحى بنيران الثوار الحوثيين في منطقة جازان، والتوتر ممتدّ إلى القلمون على الحدود اللبنانية السورية حيث تؤكد التقارير أنّ الانفجار الكبير يبدو على الطريق، فيما سورية تشهد حالة من الحشود المتبادلة على جبهات الشمال والجنوب، وتبدو الجولة المقبلة تقترب بسرعة.

لبنان الراقص على صفيح ساخن أمام ما يجري في المنطقة، يستقبل عيد العمل، والهيئات النقابية تحمّل للدولة صفة ربّ عمل سيّئ مع ضياع سلسلة الرتب والرواتب، في دهاليز النقاش حول ضرورة التشريع وتشريع الضرورة، بينما السياسة نفسها تنتظر ما ستؤول إليه قضية التعيينات الأمنية التي رفعها العماد ميشال عون إلى مستوى تقرير مستقبل الحكومة، حتى حسمتها مواقف حزب الله التي كانت موضع ترقب لجهة كيفية تصرفه مع موقع حليفه العماد عون، فقالت مصادر وزارية إنّ حزب الله أبلغ المعنيين أنه متماسك مع العماد عون ومتمسك به في الرئاسة وغيرها.

دعوات للاعتصام أمام منازل النواب

يحتفل لبنان والعالم اليوم بعيد العمل، وسط تناحر أبناء هذه الطبقة في ما بينهم في أكثر من دولة ومكان. وفي لبنان لا يختلف هذا المشهد، ولكن من دون إسالة الدماء. الطبقة العاملة منقسمة على نفسها حول القضايا العمالية التي من شأنها رفع مستوى هذه الطبقة. وسلسلة الرتب والرواتب كرة تتقاذفها الكتل السياسية في إطار سياسة التسويف والمماطلة في إحالتها إلى المجلس النيابي وفي الوقت نفسه تسعى هذه القوى إلى تقسيم هيئة التنسيق ووضع اليد عليها وتفتيت السلسلة وضرب نظام التقاعد.

وأكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ«البناء» أن السلطة السياسية مغتصبة لحقوق العمال والأساتذة والموظفين، والذي ساعدها على ذلك الاتحاد العمالي العام الذي يدعي تمثيل العمال ولا يمارس دوره في حمايتهم». وشدد على «أن هيئة التنسيق النقابية ستتصدى لمحاولات تقسيمها ولن تسمح بوضع اليد عليها كما حصل مع الاتحاد العمالي». وشدد على «أننا أصحاب حق، ولن نتراجع قبل الحصول على حقوقنا، وسنستخدم كل الوسائل الديمقراطية لتحقيق ذلك». ولفت إلى «أن الهيئة ستعقد الثلاثاء المقبل مؤتمراً صحافياً عند 4:30 لتحديد الخطوات التي ستقوم بها». ودعا محفوض وزير التربية الياس بو صعب إلى تحويل أقواله إلى أفعال، ومد يد المساعدة لهيئة التنسيق لإقرار السلسلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى «أن الوزير بوصعب لا يتحمل وحده المسؤولية، إنما المسؤولية تقع في شكل أكبر على مجلس النواب الذي يضم كل الكتل السياسية».

وأكد عضو هيئة التنسيق النقابية حنا غريب لـ«البناء» «أن الدولة غائبة في كل القضايا الوطنية والسياسية والاقتصادية «، مشيراً إلى «أن تحالف حيتان المال مع السلطة السياسية، معادٍ للحركة النقابية، التي تعرضت لحصار من كل الجهات لمنع إقرار السلسلة». ولفت غريب إلى «أن السلطة السياسية تفاوضت مع داعش والنصرة ، ولم تتفاوض مع هيئة التنسيق، ولم تحقق مطالبها». ودعا غريب «الهيئة» إلى أن ترفع سقف خطابها النقابي ضد النواب الذين يرفضون السلسلة وأن تنفذ اعتصامات أمام منازلهم، وأن تلجأ إلى خطوات تصعيدية في المطار والمرفأ». وحذر «من انقسام قد يحدث داخل الهيئة بحال إقرار سلسلة الرتب والرواتب على الشكل الحالي لكونها تضرب حقوق المعلمين».

حان الوقت لإخراج السلسلة من عنق الزجاجة

ودعا رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن لـ«البناء» العمال إلى التصدي لأي أمر يمكن أن يحملهم أعباء إضافية والإصرار على تصحيح الأجور ومواجهة أي أعباء ضريبية أخرى، عبر التظاهر وتنفيذ الإضرابات واستخدام كافة السبل المتاحة ديمقراطياً لمواجهة هذا الواقع». ولفت إلى «أن السلسلة باتت من أولويات جدول أعمال مجلس النواب الذي يجب أن يقرها في أول جلسة»، مشدداً على «أن هذه المطالب حق للأساتذة والموظفين وللأسلاك العسكرية، وأن الوقت حان لإخراجها من عنق الزجاجة وإعطاء أصحاب الحق حقوقهم، لا سيما أن وضع العمال في لبنان لا يحسدون عليه في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، بسبب اللهيب المستعر في المنطقة الذي يطاولنا ويؤثر في أوضاعنا إضافة إلى غياب رأس السلطة في لبنان منذ نحو السنة». وحذر من «أي محاولة عند مناقشة الموازنة لإضافة أي ضرائب تطاول الطبقات والشرائح العمالية وذوي الدخل المحدود، سنكون لها بالمرصاد».

حماية اليد العاملة

ووجه وزير العمل سجعان قزي عبر «البناء» معايدة ليس للعاملين فقط، إنما أيضاً للعاطلين من العمل الذين يتمنون أن يجدوا فرص عمل عوض الهجرة إلى الخارج. وشدد على أنه ومن هذا المنطلق، يحرص على حماية اليد العاملة اللبنانية أكانت نخبوية أو عمالية عادية». وقال: «حان الوقت أن يفهم اللبنانيون أننا لا نستطيع أن نمارس طرق توظيف الغرباء من دون دراسة مدى الحاجة إليهم في بلد يوجد فيها 25 في المئة من طاقاتها عاطلة من العمل»، داعياً إلى «أن يكون هذا اليوم وقفة ضمير من أجل حماية العمل والعمال في لبنان»، ومشدداً على أنه «لن يرضخ لأي ضغوط ومستمر في حماية اليد العاملة اللبنانية».

أهالي العسكريين يتحركون مطلع الأسبوع

وليس بعيداً عن أحوال العمال والأساتذة المزرية في ظل التقاعس عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب وإنصاف الأساتذة والعسكريين، فإن أهالي العسكريين المختطفين لدى تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» ليسوا أفضل حالاً في ظل عجز الحكومة عن طمأنتهم بأن أبناءهم بخير.

وكشف نظام مغيط شقيق المعاون المخطوف إبراهيم مغيط عن تحرك للأهالي مطلع الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى «أن التحرك لن يكون على شاكلة التحرك السابق الذي تمثل بقطع الطرقات، إنما سيتعدى ذلك إلى خطوات تصعيدية مثل اللجوء إلى قطع طريق المطار أو الاعتصام أمام مرفأ بيروت وأمام الكازينو». وقال مغيظ: «إذا كانت الحكومة غير قادرة على أن تأتي بشريط فيديو عن حالة العسكريين المختطفين لدى داعش، فهل باستطاعتها أن تجري مفاوضات مع المجموعات الخاطفة لإطلاق سراحهم»؟ وشدد مغيظ على «أن لا جدية ملموسة لغاية الآن من قبل الحكومة في تعاطيها مع هذا الملف والتطمينات التي تصدر عن المسؤولين ليست سوى أبر مخدرة».

سياسياً، حملت كتلة الوفاء للمقاومة تيّار المستقبل مسؤولية خطف الاستحقاق الرئاسي والشلل الذي أصاب المؤسسات الدستورية».

ودعت الكتلة، في بيانها الأسبوعي، النواب إلى إقرار سلسلة الرتب والرواتب لأنّها «حق لشريحة كبيرة من اللبنانيين». وتطرقت الكتلة إلى الخطة الأمنيّة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وشددت على «أن الحفاظ على الأمن واجب على الدولة في كل المناطق».

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لا يساوم في ملف التعيينات الأمنية»، مشيرة إلى «أن التمديد ليس وارداً على الإطلاق عند الجنرال». وغمزت المصادر من قناة حزب الله، فأكدت أن حلفاءنا لن يتخلوا عنا، فهم يدركون أن الجنرال عون على حق في رفضه التمديد».

مداهمات في بيروت وضواحيها

وفي إطار الخطة الأمنية، تابعت وحدات الجيش بالاشتراك مع وحدات من قوى الأمن الداخلي والأمن العام تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت وضواحيها، ودهمت منازل مطلوبين في مناطق حي السلم وحارة حريك والليلكي، حيث أوقفت عدداً من اللبنانيين وأحد الفلسطينيين، المطلوبين بجرائم إطلاق نار ضد مواطنين وعناصر من الجيش، واستعمال الشدّة مع إحدى الدوريات الأمنية.

من جهة أخرى، أوقفت قوى الجيش في منطقتي الشمال والبقاع 26 شخصاً من التابعية السوريّة، لدخول بعضهم الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية، ولقيادة بعضهم الآخر، سيارات ودراجات نارية من دون أوراق قانونيّة.

وأكد قائد الجيش جان قهوجي بعد تفقده فوج المغاوير في رومية، «أن لا خيار أمام المؤسسة العسكرية سوى الانتصار على الأعداء للعبور بالوطن إلى بر الأمان والاستقرار»، مشدداً على «أهمية تكثيف التدريب النوعي في الجيش والاستعداد القتالي لمواجهة مختلف الأخطار والتحديات المرتقبة».

الأسير في عين الحلوة

وفي صيدا ومحيطها، يتابع الجيش عمليات التعقب والملاحقة لقطع الطريق على الخلايا النائمة من أن تستيقظ أو فلول الأسير من أن تتحرك. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن الإرهابي الفار أحمد الأسير لا يزال في عين الحلوة، ويحرك بعض الفلول التابعة له لارتباك بعض الأعمال الإجرامية كالتي ارتكبت في الآونة الأخيرة».

وأكَّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «أن سلاح حزب الله جزء من استراتيجية دفاعية وليس من الخطة الأمنية، وسنوقف كل رؤوس العصابات في كل المناطق آجلاً أم عاجلاً». وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده في الوزارة إلى «أن «الخيار الوحيد أمامنا كان أن نقوم بعملية أمنية لمنع تحويل المبنى «د» إلى غرفة لقيام عمليات إرهابية، وإذا كانت هناك مشكلة بالقضاء فهذه مسؤولية الحكومة، ونحن مسؤولون عن النظام وإدارة السجن والمسجونين».

من ناحية أخرى، تجري الاستعدادات لمعركة القلمون في شكل دقيق، على رغم أن حزب الله والجيش اللبناني لم يحددا توقيتاً معيناً لبدء المعركة التي تنتظر الظروف التي تؤمن نجاحها. وأشارت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى «أن هذه المعركة واقعة لا محالة، فالأهمية الاستراتيجية والميدانية للقلمون لا يمكن أن تنطلق قبل أن يضمن حزب الله والجيش شروط نجاح المعركة من جميع الجوانب». وشددت المصادر على «أن الجيش بإمكاناته الحالية يبذل كل الجهود لصد أي هجمات إرهابية لكنه بالتأكيد يحتاج إلى دعم من قوى المقاومة الموجودة في المنطقة».

ولفتت المصادر إلى «أن كل الاحتمالات واردة وأن المجموعات المسلحة المتحصنة في الجرود والتي تقدر بالآلاف ما زالت تملك القدرات والإمكانات التسليحية والبشرية التي تستطيع من خلالها شن هجمات على قرى على الحدود اللبنانية السورية إضافة إلى أن هذه المجموعات لديها تواصل مع مجموعات إرهابية في سورية، مشيرة إلى أنه على رغم «توقف التفجيرات الإرهابية في لبنان بعد سيطرة الجيش السوري والمقاومة على معظم المنطقة الحدودية بعد معركة القصير ويبرود إلا أن هناك خوفاً من تكرار هذه العمليات، عبر إرسال عدد من الانتحاريين تليها عمليات على مراكز للجيش والقرى المأهولة بالسكان». واستبعدت «تأثير ما يجري في سورية من سيطرة الإرهابيين على بعض المناطق كإدلب وجسر الشغور على انطلاق المعركة على الحدود اللبنانية السورية»، عازية السبب إلى «أن هذه المناطق في الشمال السوري مفتوحة على تركيا ما يجعل المسلحين يدخلون بكثافة إلى المناطق السورية الشمالية. وضعت المصادر «التدخل الإسرائيلي في القلمون لمنع المعركة لأنه يدرك أن حسم سورية لمعركة القلمون سيحدث قفزة نوعية لصالحها في المواجهة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى