قرأنا لكم
تاريخ مولده يعانق مولدي
جرّعته شوق الصّلاة بمعبدي
شهد الحنين يراق من شفة الهوى
ذاك الشّفيف على شفاهي واليد
وأنا عليلة نظرةٍ من عينه
مثلي طريحة عشقه المتردّد
شعرٌ يفوح شذًا، يفيض بهاؤه
بذّ الفتون بفتنةٍ لم أعهد
كتب القصائد لي، فأشجى خافقي
كالخمر ترياقٌ لجفنٍ مسهد
بين السّطور أنا، فهل هو عاشقٌ
أم أنّه حبٌّ بقامة أصيد
لم أدر أنّ هواك قضّ مضاجعي
حتّى ابتليت بجمره المتوقّد
فأضاء لؤلؤ ثغره عتم الدّجى
كالطير يدنو للفضاء الأبعد
كالأعين الوسنى ملاعب حالمٍ
كالجدول الرقراق عذب المورد
قد ألتقيه ذات يومٍ فالنّوى
يشجي الفؤاد كصرخة المستشهد
والحبّ مدّثرٌ بنهدة شاعرٍ
هل يرتوي المعشوق من متنهّد!
قد ملت عنه خشيةً من حاسدٍ
حدّ المدى شبه الخيول الشرّد
فيفيء في هيفٍ إليه خافقي
يغزو الجراح، وسيفه في مغمدي
هذي العيون كداميات جوارحي
كالحبّ من خفرٍ يتيم المرقد…
أخبى قطاف الثّغر عنّي تائهًا
والقلب أعجل من غزالٍ أمرد
هذا الّذي أشقى فؤادي قال لي
قد عدّ فيّ قصائدَ لم تعدّد
ورأيت بين حروفه أخرى، وبي
شوقٌ يجيش وفي الحشا لم يبرد
فهفا الفؤاد بزفرةٍ أعيا بها
بقيا هوى من خاشعٍ لم يسجد
بوحيٍ من الشّفتين دوماً قاصرٌ
لكن على القرطاس لم أتردّد
أستمطر الزّمن القديم فأرتوي
قد تاه شوقاً عن حلول الموعد
أستعذب اللّمسات أسترق الخطى
إنّ القلوب منارة المسترشد
لو كنت راهبةً لبحت بسرّه
فالعشق يفضحه دعاء العبّد
أفرغت في جوف الخوابي خمرةً
قد يستفيق على أجاج المشهد
ما بيننا خجلٌ تساقط تمره
أقصى عن الخدّين لون تورّدي
قلبٌ طفوليٌّ كطفل مغارةٍ
في خافقيّ مرساه لا فوق اليد
ترب المكان، فعاطرٌ من روضه
حلمٌ يشعّ بخاطرٍ متوقّد
عيناه ما هفتا لغير حبيبةٍ
إذ إنّه في الحبّ لون تمرّدي
تلك الشّفاه فليس يستر عريها
والشّهد يهمي فوق ثغرٍ أجرد
قبّلته يا طيب ما سكب الهوى
هل في اعترافٍ صدق ما لم أشهد
جسدان إن ثمل العناق توحّدا
في خافقٍ ومساحةٍ لم تبتد
وكما الشّفاه إذا دنوت لقبلةٍ
أروت فمي عسلاً، فذاقته يدي
أتراهم الشعراء يذرون الهوى
في العين ـ لا في القلب ـ أو فوق اليد؟
ناهدة الحلبي