أسرار جديدة عن «ثورة يناير»
كشف كتاب جديد ألّفه نائب مدير «CIA» السابق أن أجهزة الاستخبارات الأميركية أساءت بشدة الحكم على قدرة تنظيم «القاعدة» على الاستفادة من الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط واستعادة قوته في المنطقة عقب مقتل أسامة بن لادن. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية قد اعترفوا في وقت سابق بإخفاقات في التنبؤ بحركة «الربيع العربي» التي أطاحت حكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إلا أن مايكل موريل، المسؤول السابق لوكالة الاستخبارات المركزية قال في كتابه الجديد أن «CIA» عقد تلك الأخطاء بالتقديرات المتفائلة بأن الثورات يمكن أن تكون مدمرة لـ«القاعدة».
وكتب موريل في كتابه الذي حصلت «واشنطن بوست» على نسخة منه قبل إصداره في وقت لاحق هذا الشهر: «اعتقدنا وأخبرنا صنّاع القرار أن اندلاع الثورة الشعبية سيضر بالقاعدة من خلال تقويض ما تقوله الجماعة، لكن بدلاً من ذلك كان الربيع العربي بمثابة هدية للإسلاميين المتطرفين عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا… ومن منظور مكافحة الإرهاب، تحول الربيع العربي إلى خريف».
وعلّقت «واشنطن بوست» على ذلك قائلة إن هذا الاعتراف يمثل واحداً من التقييمات الأشد قتامة لأداء «CIA» خلال تلك الفترة الصاخبة، من قبل مسؤول كان في قيادة الوكالة في هذا الوقت. وبعد أربع سنوات من احتجاجات الشوارع الأولى في تونس التي أطلقت شرارة «الربيع العربي»، فإن «القاعدة» ونسله سيطروا على أراض وعزّزوا قوتهم في دول كمصر وليبيا سورية والعراق واليمن. وقال المسؤولون الأميركيون مؤخراً إنهم يتوقعون أن يتم استغلال الصراع من قبل المتطرفين للاستمرار لعشر سنوات أو أكثر.
وأشارت «واشنطن بوست» إلى أن «CIA» رفض التعليق على الانتقادات في كتاب موريل، إلا أن المسؤولين الأميركيين شدّدوا على أن الأحداث تحوّلت سريعاً لمصلحة «القاعدة» إلى حد كبير لأن الحركات السياسية التي بدت واعدة في البداية قد فشلت إلى حدّ كبير في قيادة حكومات جديدة فعالة.
ويتعقب كتاب موريل حياته المهنية في الوكالة التي استمرت لثلاث عقود، إلا أنه يركز إلى حدّ كبير على مهام مكافحة الإرهاب لـ«CIA» والتداعيات السياسية التي غالباً ما كانت تعقبها منذ أحداث 11 أيلول 2001. ويحمل الكتاب عنوان «الحرب العظمى في زمننا». وفي ما يتعلق بـ«الربيع العربي»، يقدّم الكتاب تفاصيل جديدة في شأن الجهود الأميركية الفاشلة للتأثير على النتائج في مصر ودول أخرى من خلال قنوات خلفية سرية.
ويقول موريل إنه أصبح ممراً للاتصالات بين إدارة أوباما ورئيس الاستخبارات المصرية في هذا الوقت اللواء عمر سليمان. وبدأت المناقشات عقب اتصال لموريل من قبل مدير سابق لـ«CIA» أشار إلى أن سليمان كان يبحث عن توجيها من الولايات المتحدة.
ورفض موريل الكشف عن شخصية هذا المدير السابق أو رجل الأعمال الأميركي الذي بدأ في نقل الرسائل إلى سليمان. وتوصّل «CIA» إلى اعتقادٍ أن سليمان كان يبحث عن توجيه من الولايات المتحدة فيش أن كيفية نجاته من الثورة، وربما حتى المناورة ليخلف مبارك باستخدام قناة اتصالات يمكن أن يبقيها سرّاً بعيداً عن الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وقال موريل إنه استخدم هذا الترتيب لنقل الرسائل منها واحدة تحث سليمان على إقناع مبارك بتوجيه خطاب يقول فيه إنه سيتنحى ويعين مجلساً انتقالياً، كجزء من محاولة أخيرة لتحقيق انتقال سلميّ للسلطة. وكتب الرسالة مستشار البيت الأبيض في هذا الوقت دينيس ماكدونو، وفقاً لما قاله موريل، وتمت الموافقة عليها من قبل مسؤولين كبار آخرين في فريق الأمن القومي للرئيس أوباما.
ويقول موريل: «في وقت لاحق، هاتفني مصدري وقال لي إن سليمان لم يتلقّ فقط الرسالة، بل إنه أقنع مبارك بالتعبير عن تلك النقاط في خطابه. لكن مع مشاهدة مسؤولي البيت الأبيض خطاب مبارك في الأول من شباط، اتضح سريعاً أن مبارك كان متجهاً في اتجاه مختلف عما تحدث عنه سليمان. وحاول مبارك التشبث بالسلطة. وبعد عشرة أيام، أُجبر على التخلي عن السلطة، في خطوة أعلنها سليمان وسط ضغوط من القيادة العسكرية. وأجبر سليمان بدوره على التنحّي وتوفي عام 2012».