من القلمون إلى نجران… بدأ الهجوم المعاكس… والسيد
ناصر قنديل
– منذ أكثر من أربع سنوات والمنطقة تعيش حالة من المواجهة المفتوحة بين جبهتين واسعتين على مساحة العالم والمنطقة، وهي حرب عالمية كبرى لرسم وصياغة نظام عالمي جديد، عنوانه سقوط الحلم الأميركي بزعامة القرن الواحد والعشرين من بوابة حربيها في العراق وأفغانستان، وصياغة نظام إقليمي جديد عنوانه سقوط «الشرق الأوسط الجديد» الذي بشرت به واشنطن بقوة الحراب «الإسرائيلية» في حرب تموز 2006.
– المواجهة تدور حول مكانة محور الشمال العربي الذي تمثله سورية ومكانة محور الجنوب العربي الذي يمثله اليمن، ولذلك كان البدء بسورية ويكون الختام في اليمن. فحيث ترسو سورية وحيث يستقرّ اليمن سيتقرّر شكل نظام إقليمي، تقوده قوى المقاومة وتشكل إيران قوته الصاعدة، أو يتقاسم الثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي» منظومات الأمن والاقتصاد في المنطقة. وعلى كلّ من الفرضيتين يتقرّر حجم روسيا ومكانتها ودورها في النظام العالمي الجديد، بين دولة آسيوية لا يقام لها الحساب إلا في محيطها الحيوي، وبين شريك كامل للأميركيين في إدارة دفة العالم.
– في السنوات التي مضت استهلك حلف الحرب على سورية، وفي قلبه حلف الحرب على اليمن، كلّ الاحتياطات والفرضيات والسيناريوات، من غزو الأساطيل الأميركية وما قبلها حرب الحشود والإعلام وحرب الاستخبارات والمؤامرات، وحرب الإخوان، وحرب الحدود، والاستنزاف «الإسرائيلي»، وصولاً إلى حرب «القاعدة» بمنوّعاتها ومتفرّعاتها من «داعش» إلى «النصرة» وما بينهما. ولم يتحقق أيّ من الأهداف، ويعلم قادة الحرب أنها لن تتحقق، فلا سورية سقطت، ولا ثمة أفق لسقوطها، ولا التقسيم وصفة نجحت ولا أفق لنجاحها، وفي اليمن يتكرّر المشهد. فيتحوّل حلف الحرب إلى مواكبة التفاوض الغربي مع إيران، بحرب استنزاف تبدو في نهاية المطاف حرباً تفاوضية، بعدما كانت الصورة قبل التفاهم الإيراني الغربي المبدئي توحي بخسارة شاملة لقوى العدوان الثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي»، فراح يجهد لتحقيق توازن يعيده إلى الطاولة.
– سقف ما يمكن أن تنجزه السعودية من حرب اليمن، كما سقف ما يمكن أن تنجزه تركيا من حرب الشمال السوري، هو تحسين الوضع التفاوضي، لكن مربط الفرس في القلمون وفي نجران. فهناك سيتقرّر مصير الحلف الثلاثي، ومن بعده ستكرّ المسبحة في إدلب وجسر الشغور مجدّداً، وتصل نيران البركان إلى حلب ودير الزور والرقة والحسكة، كما إلى عدن وتعز ومأرب.
– في القلمون كما في نجران، تتحضّر الجيوش التي تمثل نخبة النخبة في قوى الحرب على جبهتيها للمواجهة الفاصلة، فالجيش السعودي يظهر بقوته الحقيقية في نجران، و«جبهة النصرة» حصان الرهان الوحيد المتبقي للحلف الثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي» جيشها ونخبتها في القلمون، وقرّرت قوى المقاومة أن تخرج للمنازلة فيهما، لتقول الحرب كلمتها لفاصلة بنصر بائن وهزيمة نكراء. وبين نجران والقلمون سيتقرّر نظام إقليمي جديد، ونظام عالمي جديد، قبل نهاية حزيران.
– في نجران بدأ الهجوم المعاكس، وفي القلمون يستعدّ لأن يبدأ، ويبدو سيد المقاومة بإطلالته كمن يطلق شارة البدء. وفي كلّ حال عندما قال السيد حسن نصرالله، عن سورية سنكون حيث يجب أن نكون، تغيّر الإعراب السياسي لكلمة «سنكون»، في المرة السابقة كان إعرابها «سنذهب»، وهذه المرة صار إعرابها «انتظرونا إننا آتون».