«القوات اللبنانية» بين صليب المسيح وصليب «داعش»

حسن الخنسا

نظم حزب «القوات اللبنانية» في جبيل ندوة بعنوان «القتل باسم الدين والقبول بالآخر» برعاية رئيسه سمير جعجع، الذي استقرّ في سجن رومية 11 سنة لارتكابه جرائم ضدّ الدين والإنسانية. المضحك المبكي في هذه الندوة أنّ حزب «القوات» هو الوجه الآخر لتنظيم «داعش» ولكن بصبغة مسيحية اتخذت من الصليب والدين غطاءً للجرائم.

وكانت لافتة في الندوة كلمة للمطران ميشال عون الذي تكلم باسم الكنيسة التي تدعو إلى السلام والمحبة ونبذ التطرّف، لكنه تناسى أنه عند «القوات اللبنانية» الحزب الذي فجّر الكنائس وانتهك مسلحوه حرمات البيوت، واعتدوا على ساكنيها بشتى أنواع الاعتداء.

واختتم عون معتبراً أن سلاح المؤمن إيمانه، لكنه تغافل أيضاً أنّ راعي الندوة هو سمير جعجع أبو بكر البغدادي لبنان 1984 ، وأنّ رسالة الكنيسة التي يمثلها المطران عون لا تدعو إلى قتل رشيد كرامي وطوني فرنجية، وملاحقة الفلسطينيين وقتلهم أينما وجدوا.

وما يثير السخرية أيضاً، كلمة النائب جمال الجراح ممثل حزب «المستقبل» الذي قال إنّ «أدياننا أعطت قيمة للبشر وإنّ الله حرّم القتل»، زاعماً أنّ التنظيمات المتطرّفة التي نشهد وحشيتها اليوم هي صناعة الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وهي تؤدي مهمة كُلفت بها وهي التأكيد للرأي العام أنّ الأسوأ من هذه الأنظمة ينتظر الشعوب، واختتم أن علينا رفض هذه الظاهرة ومحاربتها. لكن الجراح غضّ الطرف عن أنّ حزبه منذ 7 سنوات أُطلق عليه لقب «عصابات المستقبل»، وأن زميله في الكتلة المستقبلية خالد الضاهر يحمل في رقبته دماء 11 شهيداً في حلبا باسم الدين والتحريض الطائفي، وأنّ زميله الآخر الوزير أشرف ريفي ولّى نفسه أميراً على المحاور الطرابلسية بقيادة تنظيمات إرهابية تقتل باسم الدين أيضاً.

وتحدّث النائب سيمون أبي رميا ممثلاً التيار الوطني الحرّ حول الدين والدولة داعياً إلى فصلهما، وذلك للوصول إلى دولة علمانية تعامل المواطن على أنه مواطن، هذا جيد جداً. لكن أبي رميا أخطأ عندما دعا إلى حصر المنافسة على سدة الرئاسة بين العماد ميشال عون وسمير جعجع، فكيف له أن يقبل بجعجع رئيساً للبنانيين فيما يحاضر في السلام وحرية الدين والمعتقد؟

فيما شدّد ممثل راعي الاحتفال النائب أنطوان زهرا على معالجة مسألة القتل باسم الدين، متناسياً أنّ الحزب الذي ينتمي إليه شعاره المتمثل بـ«الصليب المشطوف» مبني على فكرة القتل باسم الدين، بحيث أنّ الصليب هو رمز ديني تمّ «شطفه» من قبل «القوات» لتحويله إلى سلاحٍ قاتل.

وانتقد زهرا الشخص الذي يعطي لنفسه دوراً ليس مفوّضاً به، واضعاً نفسه مكان الله مصدراً للأحكام بحقّ الإنسان الآخر، متجاهلاً أن حزبه أصدر أحكاماً بالقتل بأساليب أفظع من التي يستعملها «داعش» في يومنا هذا، مسقطاً من ذاكرته حاجز «البربارة» الذي قضى عليه عشرات اللبنانيين فقط لأنهم ينتمون إلى دينٍ آخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى