«يخرب بيت الحب» لأحمد رجب ساخراً من أحوال المحبّين
في كتابه الجديد، يتقصى الكاتب المصري الساخر أحمد رجب أحوال المحبين وتقلّباتهم بعد ترويض الحب وتحوّله إلى كائن أليف في مؤسسة الزواج فتصبح قبلة الزوج، أمنية للزوجة، في سياق يفتقد فيه الطرفان التقاط إشارات التواصل العاطفي.
لا يدعي المؤلف في كتابه «يخرب بيت الحب» أنه مصلح اجتماعي يقدم نصائح أو حلولاً لمشاكل عاطفية، بل يكتفي بوضع القارئ في مواقف صارت بطول الاعتياد «طبيعية» لا تحتمل إعادة النظر، لكن السخرية منها تدفع القارئ إلى الضحك من نفسه وعلى نفسه وهو بهذه النتيجة يبدأ أولى خطوات العلاج. ويرى أن الزوجين يتحملان مسؤولية «تجويع الحب وموته» حين لا يسعيان إلى التغذية العاطفية لحياتهما المشتركة التي تفتقد كفاءة الإرسال والاستقبال العاطفي كي «نجد الرجل في النهاية يمارس حقوقه الزوجية وهو أقرب إلى شخص مغتصب منه إلى زوج محب فلا تملك الزوجة إلاّ أن تردد في سرها دعاء واحداً… روح ربنا يهد حيلك».
الكتاب الذي يصفه مؤلفه بأنه «قد يكون علاجاً لمرض لا علاج له»، تضمه 263 صفحة قطعاً وسطاً وأصدرته الدار «المصرية ـ اللبنانية» في القاهرة.
رجب المولود عام 1928 في مدينة الإسكندرية الساحلية تخرّج في كلية الحقوق ثم عمل في الصحافة وأضحى من أبرز الكتاب الساخرين في مصر ونال عام 2011 جائزة النيل للآداب وهي أرفع جائزة في مصر. ويرفض المؤلف مقولة «الحب من غير أمل أسمى معاني الغرام» وهي جملة مشهورة في أغنية لفريد الأطرش. بل يقول إن المعنى الأدق هو «أن الحب من غير أمل أسوأ معاني الغرام»، مضيفا أن الحب من طرف واحد يكون مبرراً فحسب في فيلم سينمائي ولا يليق بإنسان يحترم كبرياءه. ويعتبر أن الحب يحتاج إلى شخصين، وأن الحب من طرف واحد أمر غير طبيعي «إلاّ إذا أراد العاشق أن يكون فاعل خير». كما يرى أن المرأة تصل إلى قلب الرجل على نحو أسهل وأسرع من قدرة الرجل على الوصول إلى قلب المرأة، مفسراً ذلك بأن «الرجل مظلوم لأنه ولد بلا مقاومة ولا مناعة أمام إغراء الأنوثة والجمال… تأثير المرأة في الرجل أمر لا جدال فيه».
يعتبر رجب أن النصائح لا تجدي مع العشاق، متفقاً مع القول العربي المأثور «ليس في الحب مشورة» ومفرّقاً بين الرجل والمرأة» إذا وقع أي منهما في الحب، فالرجل يسمع أكاذيب من يحب ويحاول أن يقنع نفسه بصحتها لأن الحب لديه يتغلب على الشك، أما المرأة فتستمع إلى أكاذيب من تحب لكنها تظل في ذاكرتها وتستدعيها في «اليوم الذي تختار فيه موعد المعركة». ويسجل أنه «لا يوجد عاشق عاقل. كل العشاق مجانين والحب يشترك في أعراضه مع الأمراض العقلية والنفسية كافة ابتداء من الهلوسات إلى الهستيريا إلى الوسواس القهري… ينتهي جنون الحب أحيانا بالزواج» مضيفاً أن الحب والزواج أمران لا يقربهما عاقل. ويرى أن «الزواج حل لمشكلة موقتة اسمها الحب» وأن الصواب يجانب من يرى في الزواج إنقاذاً للمحب من الانتحار. إذ يرى المؤلف في الانتحار «ميزة عظيمة» لأنه سينقذ المحب من الزواج. ويرصد جانباً من أحوال العشاق عبر التاريخ قائلاً إن الرجل مهما تبلغ قوته خز في حاجة إلى حب امرأة، وإن للجبابرة أحوالاً مختلفة في حضرة النساء ولذلك لم يحب نابليون «امرأة مثلما أحب جوزفين التي كانت تخونه كما تتنفس وكان يصدق أكاذيبها لأنه يريد أن يصدقها» أما الزعيم النازي أدولف هتلر فكان وديعاً مع إيفا بيرون.
يعلق رجب قائلاً: «ومن ستر ربنا أن المرأة لا تتمتع بروح الفكاهة أو السخرية وإلاّ كانت فطست من الضحك على هبل الرجل أمامها». ويقول إن للحب دورة حياة، فإذا اكتمل مات، إذ «لا يعمّر الحب طويلاّ إلا في الكتب».