العدّ العكسي لمعركة القلمون بدأ؟

فاديا مطر

وحده الذي يختار التوقيت والمكان المناسبين لإعلان الساعة الصفر لمعاركه، ومن يختار الظروف يمتلك نص معايير النصر، وعلى رغم تواجد التنظيمات الإرهابية في جرود القلمون مند 4 سنوات آثر الجيش السوري والمقاومة اللبنانية ترك مواجهتهما لحين اختيار الوقت المناسب قبل أيام ولعل الانجازات الكبيرة وسقوط المواقع توالياً تكشف الحكمة وراء التأخير حيث شن الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية هجوماً على المسلحين في جرود عسال الورد والجبة وسيطروا على مرتفع القرنة من ثلاث تلال، ومن دون هوادة المصيدة التي اعدها حزب الله كانت جاهزة لاستقبال الزوار غير المرغوب فيهم بالتزامن مع استهداف مدفعية الجيش السوري «جبهة النصرة» في السلسلة الشرقية لجبال لبنان والتي قاب قوسين أو أدنى من السيطرة عليها في شكل كامل والتي تقدر مساحتها بـ 45 كلم، فبدأت مساحات تواجد المسلحين تتقلص في شكل واضح، أرادت «النصرة» من «جيش الفتح» القلموني حصانها لتحقيق أهدافها المعنونة بإضعاف حزب الله وإستعادة السيطرة على قرى القلمون، لكن رياح الميدان لا تسير كما تشتهي «أحصنة» جبهة «النصرة» التي أرادت ان تحقّق انتصارات وفق عامل مباغتة ومفاجأة مقاتلي المقاومة، تقوم عبره بتسديد الضربة الأولى لمواقع رئيسية مهمة تقع على الخط الممتد من جرود عسال الورد مروراً بجرود الطفيل وإلى الغرب نحو جرود بريتال اللبنانية، وشنت هجمات على المواقع التي سقطت من يدها وتمكنت من استعادة نقاط جردية، أدت الى تمدّد إضافي للمقاومة استغلته من عامل الهجوم ووصلت إلى تل «نحلة» شرق بريتال.

سعي «النصرة» الى تركيز العمل على جبهات جرود بريتال الشرقية وجرود الطفيل يأتي وفق سيناريو «قطع شرايين المقاومة» على اعتبار ان إمداد عسال الورد يأتي من بريتال، بدأت المقاومة والجيش السوري السيطرة على معبر وادي الكنيسة الواقع بين جرود الجبة وجرود عسال الورد في القلمون، وكان هذا المعبر قاعدة لوجستية للمسلحين ومنفذاً أساسياً لهم لشن اعتداءات على القرى اللبنانية كونه يتصل ببلدة الطيبة البقاعية، التي كان المسلحون يستعملونها منطلقاً لهجماتهم باتجاه المناطق اللبنانية، وهي بذلك قد شلت حركتهم في المنطقة.

استمر تقدّم مقاتلي حزب الله والجيش السوري في جرود جبال القلمون بين لبنان وسورية، في اشتباكات «موضعية» أدى ألى تدمير مركز لاطلاق صواريخ تاو ومقتل 10 مسلحين إثر استهداف حزب الله لهم بصاروخ فاغوت في جرود الفليطة، فيما أكدت مصادر أمنية لبنانية واسعة أن وحدات الجيش اللبناني في عرسال والقرى المحيطة بها اتخذت سلسلة تدابير منذ أسابيع عدة، في إطار تنفيذ التعليمات العسكرية الهادفة للدفاع عن الحدود اللبنانية في منطقة السلسلة الشرقية، بينها منع انتقال النازحين ومنع انتقال المؤن والمازوت من عرسال إلى جرودها من خلال معبر وادي حميد، وهذه التدابير ما زالت سارية المفعول بمعزل عن الحسابات السياسية لأي طرف داخلي أو خارجي، إذ إن واجباته الوطنية تفرض عليه الدفاع عن حدود بلده ومنع تسلل الإرهابيين التكفيريين إلى الداخل اللبناني.

بات واضحاً ارتباك المجموعات الارهابية وحاجتها إلى فتح معبر لها من خلال الهجوم مجدداً على موقع الحمرا المتقدم للجيش في جرود رأس بعلبك. ما يجري في القلمون يدفع الساحة اللبنانية السياسية والأمنية للكثير من الضغط باتجاه التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في ملف محاربة الارهاب الذي يهدد مصير سورية ولبنان والمنطقة على حد سواء.

ولعل جبهة «القلمون» هي أكثر الجبهات التي تهدد الداخل اللبناني والسوري. فهذه الجبهة المتصلة بعرسال وجرودها وجرود رأس بعلبك والهرمل والمناطق الممتدة بينهم، متصلة ومرتبطة ايضاً بريف العاصمة السورية دمشق وريف حمص، ولم يعد سراً ان التنسيق بين الجيش اللبناني والسوري عبر حزب الله انتقل الى اعلى المستويات، فيما يبدو أن الجيش اللّبناني سيُتابع إجراءاته العملانيّة والعسكريّة الضاغطة والتي لم يتوقّف عن تنفيذها وتتمثّل بالسيطرة العسكرية على جبهة جرود عرسال والدفاع. الثّابت عنها، إضافة إلى فصل هذه الجرود عن مخيّمات النازحين السّوريّين وعن البلدة مع تشديد الخناق على المصادر اللوجستيّة والبشريّة المُحتملة للإرهابيّين من ناحية الغرب، كما وسيُتابع وبِوتيرة أقوى وبِفاعليّة أوسع ضرب وضعضعة الإرهابيّين وتشتّيت عناصرهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى